التعميم 159 يُبقي “الفريش” على حاله

المحرر الاقتصادي

لغط كبير أثاره التعميم الأساسي الرقم 159 الصادر عن مصرف لبنان منذ يومين والمتعلق بفرض قيود استثنائية على بيع العملات الذي تقوم به المصارف”. فمواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإخبارية ضجت بمعلومة مفادها أن المصرف المركزي يحاول من خلال هذا التعميم الجديد أن يفتح الباب أمام المصارف لـكي “تصادر” الدولارات “الفريش” التي تصل إلى زبائنها مقابل أن تعطيها المبالغ الواصلة اليها من الخارج بالليرة اللبنانية.

وهذا ما دفع مصرف لبنان إلى إصدار بيان توضيحي للتعميم 159 أكد فيه أن شراء المصارف للعملات الأجنبية المحولة من الخارج لزبائنها عملاً بأحكام التعميم “يتم حصراً في حال رغب الزبائن بذلك”، وأن التعميم المنوه عنه “ليس من شأنه أن يمسّ بحرية استعمال الأموال الجديدة من قبل صاحبها من السحوبات النقدية بعملة هذه الأموال ومن الخدمات المصرفية كافة المقدمة من المصرف، بما في ذلك التحويلات إلى الخارج وخدمات البطاقة المصرفية في لبنان والخارج”.

وكان التعميم الرقم 159 نص قي مادته الأولى على أنه يحظر على المصارف احتساب الأموال التي تتلقاها نقداً بالعملات الأجنبية بما يفوق قيمتها، وتُستثنى تلك المُستخدمة لسداد نهائي لدين مُتوجّب على عميل، على أن يتم إعلام لجنة الرقابة على المصارف بهذه التسوية. وحظّر في مادته الثانية على المصارف شراء الشيكات والحسابات المصرفية بالعملات الأجنبية.

حصل اللغط في إشارة التعميم الرقم 159 إلى أنه “يمكن للمصارف شراء العملات الأجنبية المحولة من الخارج لزبائنها على سعر السوق حصراً لغايات استثمارية متوسطة وطويلة الأجل أو لتحسين نسب السيولة أو لسداد التزامات في الخارج”، وهو ما استدعى رداً من مصرف لبنان تفادياً لأي تداعيات سلبية على مسار التحويلات النقدية من الخارج والتي يعتاش منها العديد من اللبنانيين.

كما منع التعميم المصارف من “شراء العملات الأجنبية في السوق الموازية” ومن “بيع الشيكات والحسابات المصرفية بالعملات الأجنبية لحسابها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة”، وذلك في إقرار منه بما قامت به المصارف في الفترة الماضية من أجل تنفيذ التعميم الرقم 154 الخاص بإعادة تفعيل عمل المصارف العاملة في لبنان والذي كان يفترض أن تعلن لجنة الرقابة على المصارف عن أسماء المصارف التي نجحت في تطبيق التعميم وتلك التي فشلت وتحديد مصيرها.

وفيما يُطرح تساؤل عن سبب تأخر المصرف المركزي في منع المصارف من بيع الشيكات والدولارات من السوق الموازية فيما كان هذا الأمر يتم منذ أكثر من شهرين، قالت مصادر في مصرف لبنان لـ”لبنان الكبير” أن التعميم الرقم 159 إنما يأتي لـ”يؤكد تشدد المصرف المركزي بوجوب أن تلتزم المصارف اللبنانية بالتعاميم الصادرة عنه في ظل تلكؤ بعضها عن الامتثال لقراراته”.

وقالت مصادر مالية إن هذا التعميم يأتي لـ”يضيق الخناق” على المصارف بعدما أقدم العديد منها على شراء الدولارات من السوق الموازية من اجل زيادة رساميلها، وهو ما فاقم تدهور الليرة، وعلى إغراء زبائنها من خلال الطلب منهم أن يحولوا ودائع بالعملات من الخارج على أن تسجل محلياً بأضعافها. ورجحت أن يكون الهدف من وراء ذلك بعض الشكوك لدى مصرف لبنان حول الآلية التي تتّبعها المصارف في التصريح عن عملياتها، التي “قد لا تكون تتم وفق الأصول المحاسبية المعتمدة”. وتساءلت عما إذا كانت المصارف تقوم مثلاً بتنفيذ التعميم الأساسي الرقم 150 الصادر عن مصرف لبنان في آب من العام الماضي حول “اعفاءات استثنائية من التوظيفات الإلزامية للمصارف” والمرتبط ارتباطاً وثيقاً بالأموال التي تتلقاها المصارف بالعملات الأجنبية. إذ نص التعميم على وجوب أن يودع كل مصرف ما يوازي نسبة 100 في المئة من قيمة الأموال الواصلة إليه من الخارج، نقداً لديه أو لدى مراسليه في الخارج في حساب حر من أي التزامات. علماً أن التعميم أكد “حرّية استعمال الأموال الطازجة أو الجديدة من قِبل صاحبها للاستفادة من الخدمات المصرفية كافة المقدّمة من المصرف، بما في ذلك التحويلات إلى الخارج والسحوبات النقدية وخدمات البطاقات المصرفية في لبنان والخارج، على أن تراعى دوماً شروط التعامل العامة مع المصارف والقوانين والأنظمة المرعية الإجراء”.

إقرأ أيضاً: 40 مليار دولار خرجت من المصارف من بداية 2019

ورأت المصادر إياها أن تشدّد مصرف لبنان على أن يتم تسجيل العمليات على المنصة الإلكترونية لعمليات الصرافة (صيرفة)، يهدف إلى تفعيل المنصة التي يقتصر دورها اليوم على بيع الدولارات إلى المستوردين، لكي تصبح أداة تداول لبيع الدولار وشرائه حتى من قبل الصرّافين. وهذا سيؤدي إلى أن يصبح سعر صرف المنصة قريباً من السعر المتداول في السوق الموازية بحيث تكون قادرة على جذب الدولارات من السوق الموازية التي ستتقلص أهميتها بفعل هذا الإجراء.

مصادر مصرفية قالت إن مصرف لبنان يُلزم المصارف يشراء الدولارات من منصته التي تعرض شراء الدولارات بأسعار أقل من السوق الموازية، معتبرة أن هذا القرار غير منصف “لكن المصارف مضطرة لان تلتزم به”. ونفت أن يكون ما قامت به المصارف هو ما “أشعل” الدولار، وقالت إن استعادة الثقة هي فقط التي يمكن أن تخفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة.

شارك المقال