هذه هي خريطة الطريق الاقتصادية أمام حكومة ميقاتي

المحرر الاقتصادي

أما وقد تشكلت حكومة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي بعد أكثر من عام على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب في آب من العام 2020 عقب انفجار مرفأ بيروت، فإن تحديات اقتصادية مزمنة وطارئة عديدة تواجهها ونحن في خضم أزمة مركبة اقتصادية ونقدية ومالية واجتماعية عميقة وحادة أدت إلى تدمير كارثي للثروات، وخصوصاً لدى الطبقة الوسطى. إذ وصلت معدلات الفقر إلى أكثر من 80 في المئة من اللبنانيين (الارقام الاخيرة الصادرة عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا/الاسكوا)، باتوا غير قادرين على تأمين قوتهم وحاجاتهم الأساسية.

من هنا، فإن خطوات عدة متوازية يفترض على حكومة الرئيس ميقاتي القيام بها من أجل ايصال السفينة الى بر الأمان، أبرزها:

  • أن تضمّن بيانها الوزاري برنامجاً طارئاً لإرساء الاستقرار يستهدف الحدّ من العواقب الوخيمة التي خلّفتها الأزمة اللبنانية وأن يشمل إجراءات فورية توقف النزيف المالي والاقتصادي تساعد في مرحلة أولى على التخفيف من حدّة الأزمة ومعالجة جذور المشكلة، ووضع البلاد على مسارٍ يقوده نحو التعافي في مرحلة ثانية. وهو ما من شأنه أن يعزز ثقة المجتمع الدولي الذي يحتاج اليه لبنان كثيراً.
  • أن تسير على خطى خريطة طريق الانقاذ التي رسمتها المبادرة الفرنسية والتي كانت حددت إصلاح قطاع الكهرباء بنداً أول من ضمن الإصلاحات المطلوبة لكونه المتسبب الأكبر في عجز المسجل في الموازنة وفي تراكم الدين العام. وللتذكير، فإن البند المتعلق بإصلاح هذا القطاع ينص على 4 بنود اصلاحية أولها تعيين الهيئة الناظمة للقطاع خلال شهر من نيل الحكومة الثقة، وثانيها إطلاق استدراج عروض معامل توليد الكهرباء بواسطة الغاز خلال شهر، حيث يتولّى رئيس الحكومة ووزيرا الطاقة والمال التفاوض المباشر مع الموردين لإنشاء معامل توليد الكهرباء وعرضها على الحكومة لاتخاذ القرار المناسب بشأنها، وثالثها تعديل خطة الكهرباء، ورابعها وضع جدول زمني لرفع التعرفة تدريجياَ في مهلة 3 أشهر، حيث سيُكلّف وزير الطاقة إعداد مشروع تعديل تعرفة الكهرباء.
  • أن تنهي إعداد مشروع موازنة العام 2021 تضمّنها توجهاتها من أجل العمل على التخفيف من نسبة العجز الى الناتج المحلي، لكي تصل في مرحلة متقدمة إلى تحقيق فائض مالي أولي كبير ومستدام من شأنه خفض نسبة الدين العام إلى إجمالي الناتج المحلي بصورة تدريجية مطردة.
  • أن تعمل توازياً أيضاً على تشكيل فريق عمل متمرس وصلب تناط به مهمة استعادة التفاوض مع صندوق النقد الدولي من أجل الوصول إلى برنامج متين وموثوق به للتعافي الاقتصادي يعيد الحياة الى الاقتصاد اللبناني الذي بلغ القعر. معلوم أن صندوق النقد الدولي يضع شروطاً على لبنان لقاء التوصل معه على اتفاق تمويلي، أبرزها:

أ- تحرير سعر الصرف: خفف صندوق النقد الدولي شرطه لكونه يتفهم عواقبه الاجتماعية، وهو يطالب في المقابل بتوحيده.

ب _ رفع الدعم غير المفيد والذي يستنزف ما تبقى من احتياطات لدى مصرف لبنان. وهو ما سيحصل قريباً.

ج _ تقليص القطاع العام: وهو اجراء قد يلقى معارضات شعبية وحتى سلطوية.

إقرأ أيضاً: عون يضع بيض الحكومة في “ثقة” باسيل

د _ إدخال إصلاحات على قطاع الكهرباء، وصولاً الى زيادة التعرفة بهدف زيادة المداخيل الى هذا القطاع.

  • أن تبدأ بالتفاوض مع الدائنين من القطاع الخاص بعد تخلف لبنان عن سداد ديونه في العام الماضي. ويتوقع أن تكون هذه المفاوضات صعبة وطويلة.
  • أن تحسم مسألة اعادة هيكلة القطاع المصرفي والمالي من خلال تطبيق اصلاحات مالية مرتبطة بهذه العملية، علماً أن القطاع المصرفي يهمّه إطلاق خطة شاملة متكاملة وليس فقط تتناول هيكلته لأنه يريد إعادة الثقة إليه وإعادة العافية إلى البلد واليه. لكن حسم مسألة “تنظيف” القطاع المصرفي ستوحي بالثقة من الداخل والخارج على حد سواء.
  • أن تقوم باجراءات تعيد الدور الى القطاع الخاص الذي لطالما لعب دور محرك أساسي للنمو الاقتصادي، بهدف تحفيز هذا القطاع على الدخول في شراكة مع القطاع العام لتنفيذ مشاريع استثمارية مهمة.

ويبقى أن كل هذه الاجراءات من شأنها أن تعيد بعضاً من الثقة المفقودة بلبنان، وأهمها بدء التفاوض مع صندوق النقد الدولي الذي سيشكل توقيعه فاتحة طريق للمانحين الدوليين للاهتمام مجدداً بلبنان وباقتصاده، على أمل أن يكون مؤتمر “سيدر” بابهم الينا.

شارك المقال