خاص

تماس سياسي مع كييف… وطرح عوني بسلة تمديد نيابي رئاسي

خلطت أوكرانيا الأوراق، وغيّرت سلم الأولويات والاهتمامات، لكن الانتخابات النيابية بقيت المرصد الأقوى. فهي حاصلة لا محالة، واذا لم تحصل فلن يتفاجأ أحد. أكثر من يريدها وله مصلحة في إجرائها الثنائي الشيعي خاصة بعد أن حسم خياراته التحالفية قافزاً فوق بعض المناوشات والخلافات لضرورات انتخابية وحتى لا يستغل ” الغريب” الخلاف ويملأ الفراغ… الأكثرية معهم على الرغم من الأصوات الناقمة وحالة القرف، الا أن المعركة بعنوانها السياسي لمصلحتهم.

“القوات اللبنانية” تبين لها أن حسابات الحقل ليست كحسابات البيدر. “التيار العوني” متخبط في بيته الداخلي ويهاب الأرض. الدروز في حالة ترقب. اما الطائفة السنية فأدارت ظهرها ولم تعد تعنيها الانتخابات وأصبحت الحسابات في صفوف سياسييها شخصية جداً على الرغم من الثقل الذي تضعه دار الإفتاء مدعومة من جهات محلية لعدم تهميش الطائفة في الانتخابات المقبلة. فرئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة يريدها لمصلحته منسجماً مع قراره بالعودة الى النادي السياسي الذي كان قد أقصي عنه عبر ترشحه شخصياً بالمبدأ، فالرجل لا يزال في مرحلة استدراج عروض محاولاً التقاط إشارات دعم قبل أن اتخاذ القرار وخاصة الموقف السعودي الذي لا يزال عند رأيه أن الانتخابات المقبلة ستكرّس السيطرة لفريق ٨ آذار، والرهان على رئيس “القوات” سمير جعجع لإحداث خرق في الساحة السنية سقط، بعدما تبين أنه غير مقبول لدى الطائفة التي وضعت له “block” على هذا الدخول.

حتى أن عودة السنيورة دونها عقبات، إذ لم يستطع ولن يستطيع حتى الساعة تقديم نفسه بديلاً من سعد الحريري، وحتى الآن لم يقدم شيئاً يوحي بأن لديه أرضية سنية وشعبية تجعل منه بديلاً ويستعيض عن هذا الأمر الذي لا يزال حكراً على سعد وان غاب، باللعب على بعض التحالفات غير المعلنة من تحت الطاولة متناغماً مع “القوات” بالواسطة في بعض الأماكن مثل زحلة وعكار، ومن غير المرجح أن يحدث خرقاً كبيراً في هذه المناطق. حتى في بيروت التي يفترض أن تكون ملعبه الرئيس لا يزال يبحث عن رافعة قوية له من خلال بعض الرموز المرتبطة بالرئيس الشهيد رفيق الحريري، ولكن لا مؤشرات حاسمة لمصلحته في هذا الأمر لا سيما أن الباب العريض للنجاح في الانتخابات اليوم هو “المال” وجمهور “المستقبل” ليس في الجيبة على الاطلاق، فالأحمدان هاشمية والحريري قطعا عليه الطريق وهما مؤثران قويان على الأرض، وهذا ما يفسر تردده حتى الآن، علماً أن لاعبين آخرين يتخبطون في حساباتهم، فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم يحسم أمره بعد لا ترشيحاً ولا مرشحاً (مع كسر الشين)، ويدرس مع السنيورة بعض الأرضيات، لعدم ترك الساحة السنية للفراغ.

ولا ننسى الشعور القوي لدى الغالبية بعدم حصول الانتخابات، ما يجعل الصورة أكثر ضبابية، فخطر انزلاق الدولار مجدداً أصبح داهماً وهذا العامل هو الأقوى في تأجيل الانتخابات، والكل يختبر مدى قدرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على الصمود في كبح الارتفاع والاستمرار في دعمه واستقرار سعر صرفه. وهنا يسأل مصدر سياسي رفيع عن الفارق بين دعم السلع الاستهلاكية الذي كان يعود ريعه لجيوب التجار ودعم الدولار الذي تستفيد منه المصارف، فالنتيجة واحدة هي أن المصرف يستنزف الاحتياط والمواطن من يدفع الثمن.

ويقول المصدر لـ “لبنان الكبير”: “هذا دعم في وجه آخر، على شاكلة هندسة مالية جديدة، تجعل ضوابط ضبط الدولار لعبة خطيرة، فمتى توقفت سيكون الارتفاع دراماتيكياً تماماً كبناء سد هش في وجه انسياب شلال مياه لا نعرف متى ينهار… ولا نبالغ اذا اعتقدنا أن أوكرانيا لديها ارتدادات هائلة على الساحة اللبنانية، فربح (فلاديمير) بوتين شيئ وخسارته شيئ آخر ليس في لبنان وحسب، انما في كل العالم، وهذا الأمر سيتضح من الآن وحتى عشرة أيام كحد أقصى والا تكون الحرب قد دخلت مرحلة استنزاف قاتلة ستتمدد ارتداداتها الى كل العالم ولبنان الهش أول المتضررين. فنحن ذاهبون الى وجه عالمي جديد ترسمه معركة أوكرانيا، والخشية أن يدفع لبنان ثمن خسارة بوتين أو ربحه، وهذا يتطلب تفكيراً عميقاً لأن كلا الحالتين لديها ارتداداتها على لبنان، وهذا بدأنا نعيشه واقعاً منذ ٢٤ شباط تاريخ اعلان الخارجية اللبنانية التنديد بالحرب الروسية. فالمطلوب من لبنان اليوم الدخول في هذا الصراع والا لماذا لم يترك له الخيار بأن ينأى بنفسه على غرار دول عدة ونظراً الى حساسية موقعه والانقسام السياسي في تركيبته الداخلية؟ ثم ان هناك من يبحث عن نقاط ربح له في هذه المعركة وتقديم أوراق اعتماد للأميركي، فبيان الخارجية ليس لقيطاً وتم التعرف على ذويه سريعاً من دون أن يخضع لفحص الـdna…”.

ويعود المصدر الى الاستحقاق الانتخابي ليؤكد أن “من يدعي معرفة ما اذا كانت ستحصل الانتخابات أو لا فهو يغالي أو يستخف بعقول الناس لأن هذا الأمر تحديداً يسير وفق (انتينات) لا (معلومات)، والأطراف المؤثرة فيه لا تكشف أوراقها ولا تزال في حالة استطلاع وتقدير علماً أن تأجيل الانتخابات سيكون لمصلحة الجميع من دون استثناء مع تفاوت النسب، خاصة وأنه يتبين للجهات الخارجية يوماً بعد يوم أن التغيير لا يصب في مصلحتها كما تتمنى والأطراف الداخلية ليست متحمسة لهذه المعركة غير محسومة النتائج. ثم أنه اذا كان كل الجهد الأميركي والفرنسي قد (فوكس) في المرحلة السابقة على لبنان كورقة مهمة في المنطقة ولا سيما في موضوع النفط والغاز والترسيم، فإن هذا التركيز قد تراجع الى حدوده الدنيا حالياً بعد أزمة أوكرانيا التي يتعامل الغرب معها على أنها حصلت في بيته الداخلي فمن هو الأجدى اليوم بالاهتمام؟ لبنان؟ بالتأكيد لا، وليس تأجيل زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لو دريان الا دليلاً على هذا الأمر”.

من هنا، علم موقع “لبنان الكبير” أن اقتراحاً يتم التداول فيه داخل الكواليس العونية يتحدث عن مشروع تمديد للمجلس النيابي ورئيس الجمهورية لمدة سنتين تحت عنوان صعوبة انجاز الاستحقاقات في الوقت الراهن واعطاء فرصة لتعافي لبنان والتوقيع على برنامج صندوق النقد (لا يحبذ العمل في بلد مضطرب سياسياً)، وإنجاز الاستحقاقات المالية والإصلاحية الملحة قبل اجراء الانتخابات حتى تتم في ظروف مناسبة تضمن أكبر نسبة مشاركة وتؤمن الأجواء الملائمة. وسيتم تسويق هذا الطرح بقوة خلال الفترة المقبلة من دون أن يعني ذلك قبول الأطراف الأخرى بهذا الأمر وخاصة الثنائي وأطراف عدة تعتبر أن العهد هو المسؤول عما وصلنا اليه ويجب أن يرحل اليوم قبل الغد…

زر الذهاب إلى الأعلى