هجوم ايران لم يصرف انتباه اسرائيل عن غزة… ومقترح جديد للتهدئة

لبنان الكبير

شنّت إسرائيل عشرات الغارات الجوية على غزة ليل الأحد – الاثنين، وفق ما أعلنت حركة “حماس” اليوم، فيما أكدت أن الهجوم الايراني غير المسبوق الذي تعرضت له في نهاية الأسبوع وأثار مخاوف من تصعيد إقليمي، لن يصرف اهتمامها عن الحرب التي تخوضها في القطاع الفلسطيني المحاصر، وسط دعوات دولية إلى ضبط النفس.

وقال الناطق باسم الجيش الاسرائيلي دانيال هغاري مساء الأحد: “حتى أثناء تعرضنا لهجوم من إيران، لم نصرف ولو للحظة الانتباه عن مهمتنا الحاسمة في غزة لإنقاذ رهائننا من أيدي حركة حماس المدعومة من إيران”.

ولم تكشف إسرائيل رسمياً عن خطوتها المقبلة ردّاً على الهجوم الايراني، الا أن وسائل إعلام إسرائيلية نقلت عن مصادر سياسية وأمنية محلية رفيعة، قولها إن الحكومة منقسمة بشأن ذلك.

وعلى الرغم من تأكيد الرئيس الأميركي جو بايدن دعم بلاده “الثابت” لاسرائيل والمساعدة التي قدمتها واشنطن لصد الهجوم، أعلن مسؤول أميركي كبير أن بايدن أبلغ رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو بأن واشنطن لن تقدّم دعماً عسكرياً لأي رد على إيران.

أما الناطق باسم مجلس الأمن القومي الأميركي جون كيربي فأكد للصحافيين “لا نريد أن نرى تصعيداً في الوضع. لا نسعى إلى حرب أكثر اتساعاً مع إيران”.

وبينما تحاول الدول الوسيطة التوصل إلى هدنة في غزة، تتزايد المخاوف من مخطط إسرائيلي لشن عملية برية في رفح، المدينة الواقعة في جنوب القطاع والتي باتت الملاذ الأخير لغالبية سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة.

وقال هغاري: “ما زالت حماس تحتجز رهائننا في غزة”، مضيفاً: “هناك أيضاً رهائن في رفح وسنبذل كل ما في وسعنا لاعادتهم”.

في غضون ذلك، أعلن الجيش أنه في صدد استدعاء “بحدود كتيبتين من جنود الاحتياط لنشاطات عملياتية على جبهة غزة”، وذلك بعد حوالي أسبوع من سحب معظم القوات البرية من القطاع.

ودفعت شائعات عن إعادة فتح حاجز إسرائيلي على الطريق الساحلي من جنوب القطاع إلى مدينة غزة، آلاف الفلسطينيين للتوجه إلى الشمال الأحد، على الرغم من نفي إسرائيل ذلك، والتأكيد أن التقارير عن فتح الطريق “غير صحيحة”.

وقال محمود عودة: “أخبرتني (زوجتي في مدينة خان يونس الجنوبية) عبر الهاتف بأن الناس يغادرون… هي تنتظر عند الحاجز حتى يوافق الجيش على السماح لها بالتوجّه شمالاً”.

“لا نقدر أن نتنفس”

وأفاد مكتب الاعلام الحكومي التابع لـ “حماس” اليوم الاثنين بأن “الاحتلال يشن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي استهدفت مخيم النصيرات ومنطقة المغراقة في وسط القطاع (…) ومحيط المستشفى الأوروبي بجنوب شرق خان يونس، وحي تل الهوى والزيتون”.

وقال الناطق باسم الدفاع المدني في القطاع محمود بصل: “انتشلت طواقمنا في محافظة خان يونس اليوم 18 جثة شهداء من مختلف الفئات والأعمار وتم نقلهم الى مستشفى الأوروبي بخان يونس”.

وأشار الدفاع المدني الى “العثور على 5 جثامين على الأقل لشهداء تحت السواتر الرملية التي أقامها جيش الاحتلال بعد توغله في بلدة بيت لاهيا في شمال قطاع غزة”.

الى ذلك، أعلنت “سرايا القدس” استهداف “تموضع للتحكم والسيطرة تابع للعدو الصهيوني في محيط جامعة فلسطين شمال النصيرات بوابل من قذائف الهاون العيار الثقيل”.

وقالت بسمة سلمان وهي نازحة من غزة كانت تحاول العودة إلى شمال غزة: “مهدم أو مش مهدم (المنزل) سنعيش فيه. لا أستطيع البقاء في الجنوب لأنها أصبحت مليئة بالناس. لا نقدر أن نتنفس حتى. الحرب كانت (تداعياتها) سيئة جداً علينا”.

وليل السبت، أعلنت “حماس” أنها قدمت ردها على مقترح التهدئة الذي قدمه وسطاء أميركيون وقطريون ومصريون خلال المحادثات التي بدأت في القاهرة في وقت سابق من نيسان الجاري. وأكدت تمسّكها بمطالبها، خصوصاً الوقف الدائم لإطلاق النار وانسحاب الجيش الاسرائيلي من القطاع والسماح بعودة السكان الى مساكنهم.

ورأى جهاز الاستخبارات الخارجية الاسرائيلي (الموساد) أن “رفض المقترح… يُظهر أن (رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة يحيى) السنوار لا يريد اتفاقاً انسانياً ولا عودة الرهائن، ويواصل استغلال التوتر مع إيران”، ويسعى الى “تصعيد شامل في المنطقة”. 

لكن الولايات المتحدة قالت إن جهود الوساطة مستمرة. وقال المتحدث كيربي: “هناك اتفاق جديد مطروح… إنه اتفاق جيد” يطلق بموجبه بعض الرهائن ويتوقّف القتال وتدخل المزيد من المساعدات الانسانية.

دعوات متواصلة للتهدئة

وفي اليومين الماضيين، تقدم الهجوم الايراني على إسرائيل الى واجهة الاهتمام الاقليمي على حساب حرب غزة. وعلى الرغم من الادانات الغربية للهجوم، توالت الدعوات الى ضبط النفس.

ودعا المستشار الألماني أولاف شولتس اليوم الاثنين إسرائيل الى “المساهمة في خفض التصعيد”. وقال خلال زيارة الى الصين إن “الطريقة التي تمكنت من خلالها إسرائيل بالتعاون مع شركائها الدوليين… من صدّ هذا الهجوم، مثيرة للإعجاب فعلاً”، معتبرا ذلك “نجاحاً لا يجب التفريط به، ومن هنا فإن نصيحتنا (لها) هي المساهمة في خفض التصعيد”.

كما أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستبذل ما في وسعها للحؤول دون التصعيد، ومثله فعلت بريطانيا على لسان وزير الخارجية ديفيد كاميرون.

وفي موسكو، كرر الكرملين دعوة الخارجية الروسية الأحد للتهدئة.

وحضت إيران على لسان المتحدث باسم وزارة خارجيتها ناصر كنعاني الدول الغربية على أن تكون “ممتنة” لضبط النفس الذي أبدته.

وقال كنعاني خلال مؤتمر صحافي: “على الدول الغربية أن تكون ممتنة لإيران على ضبط النفس خلال الأشهر الماضية” عوضاً عن “كيل الاتهامات بحقها”.

وكان مجلس الأمن الدولي عقد جلسة طارئة الأحد ضغطت فيها إسرائيل من أجل فرض عقوبات جديدة على طهران.

وحذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن “لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمل نشوب حرب أخرى”. وحضّ على “أقصى درجات ضبط النفس”.

في المقابل، اعتبر مندوب طهران لدى الأمم المتحدة سعيد إيرواني أن مجلس الأمن “فشل في تأدية واجبه بالحفاظ على السلم والأمن الدوليين” من خلال عدم إدانته الضربة التي استهدفت القنصلية، مشيراً إلى أنه “في ظل هذه الظروف، لم يكن أمام جمهورية إيران الاسلامية خيار آخر سوى ممارسة حقها في الدفاع عن النفس”.

وعلى الرغم من تأكيد إيران أن ردّها على قصف القنصلية انتهى، أكد هغاري ليل الأحد أن إسرائيل “ما زالت في حالة تأهب قصوى وهي تقوّم الوضع”.

وأعلن الجيش الاسرائيلي اليوم إعادة فتح المدارس في معظم أنحاء البلاد، بعدما أغلقت لأسباب أمنية السبت. كما استأنفت المطارات في إيران حركة الإقلاع والهبوط الاثنين، وفق ما أفاد الإعلام الرسمي، بعد تعليقها أو تأثرها جراء الهجوم ضد إسرائيل.

شارك المقال