ازدياد المخاوف الدولية من رد اسرائيل على ايران والتهديدات المتبادلة بالانتقام

لبنان الكبير

تتزايد المخاوف على المستوى الدولي من ردّ محتمل على الهجوم الايراني غير المسبوق على اسرائيل في نهاية الأسبوع الماضي، فيما واصلت إسرائيل اليوم الخميس عملياتها العسكرية في قطاع غزة، وشنّت غارات جوية جديدة.

وقرّر الأربعاء الاتحاد الأوروبي الذي دعا “جميع الأطراف إلى التحلّي بأكبر قدر من ضبط النفس”، فرض عقوبات جديدة على إيران تستهدف برنامج المسيرات والصواريخ، المعدّات والأجهزة التي استخدمت في أول هجوم مباشر تنفّذه طهران على الأراضي الاسرائيلية.

“جثث في كلّ مكان”

واستهدفت غارات إسرائيلية كثيفة ليل الأربعاء الخميس قطاع غزة، حيث قُتل 33899 شخصاً خلال أكثر من ستة أشهر من الحرب، معظمهم من المدنيين، وفقاً لوزارة الصحة التابعة لحركة “حماس”.

وأعلن الجيش الاسرائيلي اليوم الخميس أنّه ضرب عشرات “الأهداف” في أنحاء قطاع غزة خلال الساعات الـ24 الماضية، بما في ذلك “إرهابيون ونقاط مراقبة ومنشآت عسكرية”.

واستهدفت الغارات خصوصاً مدينة غزة ومدينتي خان يونس ورفح الواقعتين في الجنوب، وفقاً للدفاع المدني في القطاع المحاصر. وقال المصدر نفسه إنّه “تمّ العثور على جثامين ثمانية أشخاص من عائلة عياد، بينهم خمسة أطفال وامرأتان، بعد قصف مزرعتهم في حي السلام” في رفح.

وبعد القصف الذي طال رفح حيث يتكدّس 1,5 مليون نازح جراء الحرب، قالت جملات رمضان لوكالة “فرانس برس”: “استيقظت على صوت البنات يصرخن +ماما، ماما+… ركضت ووجدت الأطفال يركضون… وكانت الجثث متناثرة في كلّ مكان”.

في هذه الأثناء، يستمرّ رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو في التأكيد على خطّته لشنّ هجوم برّي على رفح الواقعة على الحدود مع مصر، والتي يقدّمها على أنّها آخر معقل رئيسي لحركة “حماس”.

“رسائل” إيرانية لواشنطن

وفي سياق التوترات الاقليمية المتصاعدة على خلفية الحرب على قطاع غزة، أعلنت طهران أنّها نفّذت هجومها غير المسبوق على الأراضي الاسرائيلية في نهاية الأسبوع في إطار “الدفاع المشروع” عن النفس بعد تدمير مقرّ قنصليتها في دمشق في الأول من نيسان.

وأعقبت الهجوم تهديدات متبادلة بعمليات انتقامية في سياق التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط على خلفية الحرب في غزة، إذ أكّدت إسرائيل أنّ “إيران لن تفلت من العقاب”. ولم يتضح ما قد يكون عليه الردّ الاسرائيلي، وما اذا كان سيطال الأراضي الايرانية مباشرة، أو مهاجمة مصالح طهران أو فصائل حليفة لها في بلدان مثل لبنان وسوريا والعراق واليمن.

غير أنّ قناة “كان” التلفزيونية العمومية الاسرائيلية أفادت بأنّ نتانياهو قرّر، إثر محادثة مع الرئيس الأميركي جو بايدن، عدم تنفيذ الخطط التي اعتُمدت مسبقاً لتوجيه ضربات انتقامية إلى طهران في حال نفّذت وعيدها بمهاجمة الدولة العبرية.

ونقلت القناة عن مسؤول كبير طلب عدم نشر اسمه قوله إنّ “الحساسيات الديبلوماسية لعبت دوراً (…) سيكون هناك حتماً ردّ لكنّه سيكون مختلفاً عمّا كان مخطّطاً له في البداية”.

أما شبكة “إيه بي سي” الاخبارية الأميركية فقالت إنّ الحكومة الاسرائيلية فكرت في مناسبتين في توجيه ضربات ضدّ إيران لكن من دون أن تُصدر أمراً بذلك.

في الجانب الايراني، صرّح وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان بأنّ بلاده بعثت “رسائل” عدّة إلى الولايات المتحدة للتأكيد أنّ إيران “لا تسعى إلى توسيع التوترات” في الشرق الأوسط مع إسرائيل، حسبما أفادت وزارته الخميس.

“قبل فوات الأوان “

ومنذ شنّ الهجوم الايراني، أكدت واشنطن، الحليف الأكبر لاسرائيل، أنّها لن تنضم إلى أي هجوم على طهران ودعت إلى وقف التصعيد، كما فعل عدد من الزعماء الغربيين والعرب.

وبدلاً من ذلك، أعلن البيت الأبيض أنّ واشنطن ستفرض “في الأيام المقبلة” المزيد من العقوبات التي تستهدف برنامج الصواريخ والطائرات المسيرة الإيراني والحرس الثوري ووزارة الدفاع.

كذلك، أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال الأربعاء أنّ الاتحاد الأوروبي قرّر فرض عقوبات جديدة على طهران لتوجيه “رسالة واضحة” بعد الهجوم على إسرائيل.

ورحّب وزير الخارجية الاسرائيلي يسرائيل كاتس بهذه الخطوة، مؤكداً عبر منصة “إكس” أنّه “يجب إيقاف إيران الآن قبل فوات الأوان”.

وبينما تتعثّر محادثات الهدنة في قطاع غزة، أعلنت قطر الأربعاء أنّها في صدد “تقويم” دور الوساطة الذي تؤديه منذ أشهر بين إسرائيل و”حماس.”

وبعد أكثر من ستة أشهر من الحرب، تحوّل القطاع إلى أنقاض حيث يعاني 2,4 مليون نسمة محاصرون فيه من الجوع جراء نقص المياه والغذاء والأدوية وغيرها من الإمدادات الحيوية، فيما لا يدخله سوى كميات قليلة من المساعدات عبر معابر تسيطر عليها إسرائيل.

وصدرت نداءات عالمية لاسرائيل تطالبها بوقف القتال ومعالجة الكارثة التي حلت بالقطاع. وقالت الأمم المتحدة إنها ستطلق الأربعاء نداء لجمع 2,8 مليار دولار لمساعدة فلسطينيي غزة والضفة الغربية المحتلة.

لكن نتنياهو وصف تقارير المنظمة الدولية عن مجاعة وشيكة في غزة بأنها “ادعاءات”.

وأعلن الجيش الاسرائيلي الأربعاء أنّ كميات من الدقيق من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، دخلت إلى غزة بعد وصولها الى ميناء مدينة أسدود في إطار العمل على زيادة كميات المساعدات.

إلى ذلك، أفاد عدد من الديبلوماسيين بأنّ تصويتاً في مجلس الأمن الدولي على منح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة من المقرّر أن يجري الخميس أو الجمعة. لكن يبدو أنّ مشروع القرار الذي قدّم بمبادرة من الجزائر، محكوم بالفشل بسبب معارضة الولايات المتحدة التي تتمتّع بحق النقض (الفيتو).

شارك المقال