أولوية فرنسا الرئاسة… وأولوية لبنان حماية الأمن من السياسة

لبنان الكبير

مناخ الكرة الأرضية، يشكل محور اهتمام العالم فيما ينصرف المسؤولون في لبنان الى خلق مناخات التوتر من تحت سابع أرض، وكأنه لا يكفي اللبنانيين همومهم المعيشية اليومية عبر تحليق أسعار المحروقات والدولار والسلع، ومخاوفهم من الأحداث الأمنية بسبب التعقيدات السياسية، ما دفع وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي الى طمأنتهم بأن القوى الأمنية تقوم بكل ما يلزم لحفظ الأمن، في ظل انتفاء أي مبادرة داخلية جدية أو نضوج أي تسوية إقليمية ودولية للخروج من المأزق الرئاسي، إذ تكتفي القيادات الدولية والهيئات الديبلوماسية بالحث على اجراء الاستحقاقات الدستورية والاصلاحات.

وأكد الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خلال استقباله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في شرم الشيخ على هامش قمة المناخ، على أولوية اجراء الانتخابات الرئاسية لانتظام عمل المؤسسات. وفيما لفت ميقاتي في كلمة ألقاها في القمة الى أن لبنان من البلدان الشديدة التأثر بتأثيرات تغير المناخ، وقدّرت دراسات أعدتها وزارة البيئة أن التغير المناخي سيسبّب إنخفاضاً في الناتج المحلي الإجمالي، نفى مكتبه الاعلامي أي تواصل مع اي مسؤول اسرائيلي في اجتماع موسع ضمن فاعليات قمة المناخ، معتبراً أن الضجة التي يفتعلها الاعلام الاسرائيلي في مؤتمرات كهذه باتت معروفة الأهداف.

ومن المناخ العالمي الى المناخ الداخلي الملبد بالتعقيدات والتوترات والسموم السياسية التي لا تنذر سوى بمزيد من الشغور والتعطيل وتفكك المؤسسات، إذ أجمعت كل القوى على أن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية يوم غد الخميس ستكون كما سابقاتها من حيث النتيجة، أما من حيث الشكل فيمكن أن يتقلص عدد الأوراق البيض بعد أن اقتنع بعض النواب بأنه لا يجوز الاستمرار في هذا المسار، لكن، الستاتيكو القائم مستمر في ظل تشتت التكتلات النيابية بحيث أن لكل منها مرشحها حتى أن مختلف القوى في المعارضة كما في الموالاة غير متفقة في ما بينها على اسم ليصبح الرئيس الرابع عشر للجمهورية اللبنانية من دون أن يخفي أحد أن التطورات الاقليمية والدولية لها تأثيرها المباشر على هذا الاستحقاق. انطلاقاً من هنا، يرى البعض أن الشغور سيطول ليس الى ما بعد نهاية العام الحالي وحسب، انما لسنة كاملة أو أكثر انطلاقاً من قناعة بأن هناك مصلحة مشتركة بين “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” بتأخير اجراء الاستحقاق الرئاسي قدر الامكان الى حين موعد التوصل إلى تسوية مع الأميركيين تتيح رفع العقوبات عن النائب جبران باسيل، وذلك بالتوازي مع انتهاء ولاية كل من حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، وقائد الجيش العماد جوزيف عون ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود. وحينها يتم تعويم باسيل وترشيحه لرئاسة الجمهورية حيث يلعب دوراً مهماً في تعيينات الفئة الأولى في الدولة.

إذاً السيناريوهات التي يتم الحديث عنها كثيرة خصوصاً أن “حزب الله” لم يحسم خياره بعد لناحية التصويت للولرئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وسط معطيات تقول ان الحزب عندما يحين أوان الجد وتأتي لحظة الحسم ربما يتخلى عن فكرة دعم فرنجية، ويتبنى باسيل لأن له حيثيته السياسية والشعبية في الشارع المسيحي، ولديه كتلة نيابية لا يستهان بها، وبالتالي يؤمن له استمرارية الغطاء المسيحي مع العلم أن هناك قناعة في صفوف “التيار الوطني الحر” بأن النكسات والاستهدافات التي تعرض لها مردها الى دفاعه عن الحزب وسلاحه. أما السيناريو الآخر، فيقول ان باسيل ممتعض من الحزب الذي يتواصل مع فرنجية لاختيار التوقيت المناسب لطرح ترشيحه تفادياً لعدم حرق اسمه، وتأتي النتائج معاكسة للهدف المنشود.

وفي هذا الاطار، لفت أحد نواب المعارضة الى “أننا لا نسمع في الكواليس السياسية عن سيناريوهات لتأجيل الاستحقاق الرئاسي، لكن اذا كان الشر موجوداً، والشياطين تخطط لمثل هذه الخيارات، فلا يمكن أن نعرف بها. الفريق الآخر تعود على التسويات، لكن نحن سنستمر في حضور جلسات الانتخاب، وننتخب مرشحنا، علهم يعلنون عن مرشحهم لتتحقق العملية الديموقراطية السليمة. ثم اذا كانوا يريدون التحاور والتفاوض، فمن هو مرشحهم؟ فليعلنوا عنه. نسمع اليوم عن محاولة لتصفير المواقع المارونية كافة في الدولة، وهذا الأمر نتيجة تفاهم مار مخايل بين التيار والحزب. وهما مستعدان الى أبعد الحدود، لافشال المؤسسات وافراغها من رئاساتها بهدف الوصول الى السلطة عبر أشخاص ينتمون الى خطهما، والى خط الممانعة، وهذا ما سنكون له بالمرصاد”.

واستبعد وزير سابق سيناريو التعطيل الى حين نضوج تسوية خارجية، معتبراً أن كل نظريات المؤامرة غير واقعية. وسأل: اذا تمكنت قوى الموالاة من تأجيل الانتخابات، فهل ستغير قوى المعارضة رأيها بالنائب باسيل؟ وفي حال رفعت أميركا العقوبات عن باسيل، هل يصبح مقبولاً في الداخل من الأطراف التي لا تؤيده اليوم؟ وهل التعطيل من خلال الورقة البيضاء يغيّر المعطيات مع مرور الوقت؟ أبداً، أقله في المستقبل القريب. ان كانوا يريدون التعطيل لايصال المرشح الذي يريدون، فهذا سيناريو وارد، لكن هذا الأمر لن يغير المواقف الأخرى”.

وفي قراءة لأحد المحللين، رأى أن ليس هناك من سيناريوهات متعددة بل سيناريو واحد: نحن في بلد محكوم من ايران التي تقرر الكبيرة والصغيرة، وتتدخل في الشاردة والواردة. ننتظر اليوم اللحظات المناسبة لايران لتظهير السياسة التي تريدها، ما يعني أننا في لحظات تلمّس ما سيظهره “حزب الله” الذي هو قائد أوركسترا العمل السياسي، وان كان سيحول الورقة البيضاء الى ورقة تحمل اسماً معيناً. الحزب يسيّر البلد على توقيته وتوقيت المصالح الايرانية. وهنا لا بد من الاشارة الى أن ايران توافقت مع أميركا بالنسبة الى الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان واسرائيل، وننتظر حالياً تبلور هذا التوافق وانعكاساته على السياسة اللبنانية الداخلية. والى حين تبلور المشهد الاقليمي والدولي، الجميع يترقب قرار الحزب الذي يتحدث اليوم عن ضرورة التوافق الذي يعني عملياً انبطاح الآخرين امام ارادته كما حصل في العام 2016. وبالتالي، نحن أمام شغور الى حين وضوح اسم المرشح الفعلي للحزب الذي سيأتي تكملة للتوافق الأميركي – الايراني. المنطقة في حال عدم استقرار، وتنام على تطور وتستفيق على آخر، وليس هناك من نهائيات الى اليوم، وسنبقى في حالة انتظارية، والجلسات الانتخابية مسرحيات فولكلورية لتمرير الوقت الضائع وصولاً الى التسوية المنتظرة.

تحقيقات إدارة السير تتفاعل

وبعيداً عن المناخ السياسي الفاسد الذي انعكس فساداً في مختلف المؤسسات والقطاعات، لا تزال التحقيقات في هيئة إدارة السير تتفاعل، إذ أعلن الوزير مولوي أنه وقع على طلب إذن بملاحقة المديرة العامة لهيئة إدارة السير والآليات والمركبات هدى سلوم وعدد من الموظفين.

وأشار أمين سر تكتل “الاعتدال الوطني” النائب السابق هادي حبيش الى أن “وزير الداخلية أعطى الإذن بملاحقة هدى سلوم بتهمة الإهمال الوظيفي وهي تهمة (مش محرزة نتدخل كرمالها). اذا كنا نريد محاسبة كل مدير عام لوجود رشاوى في إدارته (ما في مدير عام بيضل ببيته). نحن نعلم أن (الإكراميات) موجودة في كل الادارات والوزارات وجرم الإهمال الوظيفي يمكن أن يحاسب به كل موظفي الدولة”.

600 ألف جرعة للكوليرا

أما صحيا، فأعلن وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال فراس الأبيض، أن “حملة توزيع لقاح وباء الكوليرا ستبدأ يوم السبت على أن توزع 600 ألف جرعة ما يشكل 70% من العينة المستهدفة. اللقاح سيتوزّع على كل الجنسيات في المناطق المستهدفة على أن يكون التوزيع بصورة ميدانية من فرق متخصصة تجول على هذه المناطق من دون الحاجة الى التسجيل على منصة كما حصل مع كورونا”.

شارك المقال