فطر مبارك بأمل عيد لبنان… ارتدادات “جريمة باسكال” تتواصل

لبنان الكبير / مانشيت

فطر مبارك. التهنئة واجبة ولو أن القلوب متعبة وموجوعة. فأنى اتجهت الأبصار في لبنان وفلسطين وأنحاء واسعة من العالم العربي، رأت دماراً ودماء. التهنئة مرفوقة بالابتهال للعلي الكريم بأن يعيد الأمن والاستقرار الى لبنان، الذي مرت عليه أعياد وأعياد وهو في قعر جهنم بالسياسة والاقتصاد والثقافة والاجتماع، بعدما فسدت كل مؤسساته وصارت دويلة تحكم دولته، وسلاح فلتان يستقوي على سلاح الشرعية، في جمهورية يقودها فخامة الفراغ.

بالأمس، استمر لبنان تحت تأثير الهزة الأمنية القوية التي تمثلت في “جريمة باسكال سليمان” منسق “القوات اللبنانية” في جبيل، وسط اتجاه غالب الى عدم تصديق الرواية الرسمية بأن وراءها غاية جنائية فقط، هي سرقة سيارة الضحية، من دون أن تتضح بعد، هذا اذا لم تنضم الجريمة الى سابقات كثيرة أبقيت قيد مجهول، ولو أن كثيرين رأوا في الحقيقة أن جثة الضحية تمت استعادتها من داخل سوريا تأكيداً على الطابع السياسي للجريمة، أقله لواقع الانفلات الأمني والانفلات على الحدود التي انتهك سيادتها “حزب الله” في مشروعه لانقاذ النظام السوري وقمع ثورة شعبه.

بكركي

قضية سليمان كانت محط احتضان من البطريركية المارونية، حيث عقدت لقاءات كنسية – قواتية – عسكرية – أمنية، فاستقبل البطريرك الماروني بشارة الراعي عضوي كتلة “الجمهورية القوية” النائبين زياد حواط وملحم رياشي، وتوجه بالتعزية الى عائلة سليمان، وقال في بيان صدر عن مكتب الاعلام في الكرسي البطريركي في بكركي: “بألم كبير تلقيت ككل اللبنانيين المخلصين مأساة خطف واغتيال العزيز باسكال سليمان منسّق حزب القوات اللبنانية في قضاء جبيل، في غضون أقل من 24 ساعة. كنا نأمل جميعاً أن يكون حيّاً، وهذا ما قيل في البداية. ولكن الحقيقة المرة كانت غير ذلك. فعمدتُ الى الصلاة لراحة نفسه وعزاء عائلته الجريحة بسيف الألم، ورفاقه في حزب القوات اللبنانية وعلى رأسهم الدكتور سمير جعجع رئيس الحزب”.

ودعا “في هذا الظرف الدقيق والمتوتر سياسياً وأمنياً واجتماعياً الى التروي وضبط النفس”، طالباً “من القضاء والقوى الأمنية القيام بالواجب اللازم وإنزال أشد العقوبات بالمجرمين، ومن وسائل الاعلام مشكورة عدم إطلاق تفسيرات مغلوطة وتأجيج نار الفتنة”.

أضاف: “ان زوجته المفجوعة أعطت اللبنانيين أمثولة عظيمة برد فعلها: نحن أبناء القيامة، أبناء الرجاء. ولم تتلفظ بعبارة ثأر أو قتل. حمى الله لبنان وشعبه من الأشرار”.

واستقبل الراعي بعدها قائد الجيش العماد جوزيف عون.

مجلس الأمن المركزي

إلى ذلك، ترأس وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي في مكتبه اجتماعاً استثنائياً لمجلس الأمن المركزي بحضور قادة من الأجهزة الأمنية والعسكرية ومسؤولين واداريين وقضائيين. وأعلن بعد الاجتماع أنّ “جريمة قتل باسكال سليمان ارتكبها سوريون”، موضحاً أنّ “التحقيقات بوشرت منذ اللحظات الأولى وكل الأجهزة الأمنية والعسكرية تنسّق بين بعضها”، وأنّ “السيارة المُستخدمة في العمليّة سُرقت من الرابية قبل أيّام”. وشدد على أنّ “البلد لا يحتمل مشكلات أكثر مما هو يواجهها، ولا يحتمل فتناً”، داعياً إلى “التعقل والاتكال على الأجهزة الأمنية والقضاء”. وأكد “أننا لن نقبل إلّا بكشف خيوط الجريمة كاملة وإصدار القرار العادل بحق المرتكبين”، لافتاً الى أنّ “خلفيات الحادثة وغايتها يكشفها التحقيق، وعلى اللبنانيين التحلي بالصبر، والتحقيقات تجري بطريقة شفافة واحترافية”. وقال: “خيوط الجريمة ستكشف طالما أن المرتكبين تم إيقافهم، ودعونا لا نقارن جريمة باسكال سليمان بغيرها”.

“القوات”

في المقابل، أكدت الدائرة الاعلاميّة في حزب “القوات اللبنانية” وجوب “أنّ يكون التحقيق في جريمة قتل الشهيد سليمان واضحاً وشفافاً وعلنيّاً وصريحاً ودقيقاً بوقائعه وحيثيّاته، وحتى صدور نتائج هذا التحقيق نعتبر أنّ باسكال سليمان تعرّض لعملية اغتيال سياسيّة”.

وقالت في بيان: “في كل الأحوال، ما يجب التشديد والتأكيد والتركيز وتسليط الضوء عليه هو أنّ ما أدى إلى عملية الاغتيال هذه بغض النظر عن خلفياتها عوامل جوهرية وأساسية: العامل الأول يتمثّل في وجود الحزب بالشكل الموجود فيه بحجة ما يسمى مقاومة أو حجج أخرى، وهذا الوجود غير الشرعي للحزب أدى إلى تعطيل دور الدولة وفاعلية هذا الدور، الأمر الذي أفسح في المجال أمام عصابات السلاح والفلتان المسلّح. فالمشكلة الأساس إذاً تكمن في جزيرة الحزب المولِّدة للفوضى، وما لم يعالَج وضع هذه الجزيرة، فعبثاً السعي إلى ضبط جزر الفلتان. فهذه العصابات موجودة ولكنها تتغذى من عامل تغييب الدولة. العامل الثاني يتمثّل في الحدود السائبة التي حوّلها الحزب إلى خطّ استراتيجي بين طهران وبيروت تحت عنوان وحدة الساحات فألغى الحدود، وما لم تُقفل المعابر غير الشرعية وتُضبط المعابر الشرعية فستبقى هذه الحدود معبراً للجريمة السياسيّة والجنائيّة وتهريب المخدرات والممنوعات، وبالتالي مَن يُبقي الحدود سائبة وفلتانة هو المسؤول عن الجرائم التي ترتكب إما بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر. العامل الثالث يتمثّل في خصي إدارات الدولة القضائية والأمنية والعسكرية وغيرها من خلال منعها من العمل في مناطق معينة، أو في قضايا معينة، أو في أي أمر يتعلق بأي شخص ينتمي إلى محور الممانعة”.

واذ أشارت الدائرة الاعلامية الى أنّها “تنتظر انتهاء التحقيق وبأسرع وقت لتبني على الشيء مقتضاه”، دعت في الوقت نفسه اللبنانيين إلى “مواصلة النضال سعياً إلى إنهاء مسبِّبات الاغتيال والجرائم على أنواعها، الأمر الذي يستحيل تحقيقه إلا من خلال العبور إلى الدولة الفعلية التي تبسط فيها وحدها سيادتها على كل أراضيها، والتي لها وحدها حصرية السلاح، وليس محرَّماً عليها لا الدخول إلى أي منطقة تريد، ولا التحقيق في أيّ أمر تريده”.

مراسم الدفن

في السياق، أعلنت قيادة الجيش تسلّم جثة باسكال سليمان من السلطات السورية، موضحة أنها “ستُنقل إلى المستشفى العسكري المركزي للكشف عليها استكمالاً للتحقيقات على أن تسلَّم إلى ذويه بعد ذلك”.

كما تسلمت مخابرات الجيش سيارة سليمان. وسيشارك أطباء من مصلحة الأطباء في “القوات” في عملية التشريح بعد أخذ اذن من النيابة العامة.

وتقبلت عائلة سليمان التعازي في صالون رعية مار جرجس جبيل، وأفيد أن مراسم دفنه ستكون الجمعة عند الساعة 3 من بعد الظهر في كنيسة مار جرجس – جبيل، وسيترأسها البطريرك الراعي.

الجنوب

ليست قضية سليمان وحدها ما يؤرق اللبنانيين، فقد استمر القصف المتبادل على الحدود، وفيما وزعت اسرائيل قذائفها على القرى الحدودية، استهدف “حزب الله” ثكنتي زبدين ودوفيف، بالاضافة إلى مواقع جل العلام، العاصي، البغدادي الرادار ورويسات العلم.

شارك المقال