القمة الأوروبية تدعم لبنان عسكرياً واقتصادياً… ايران تلوح بالنووي

لبنان الكبير / مانشيت

إذ تلوح ايران بتغيير عقيدتها النووية، مهددة بتطوير سلاح نووي، يشتد الحصار الأميركي الأوروبي عليها بمزيد من العقوبات مسايرة لاسرائيل، وربما لتخفيف اندفاعها الى التصعيد بعد الهجوم الايراني عليها، وذلك على وقع تحذير الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أنّ الشرق الأوسط “على شفير” الانزلاق إلى “نزاع إقليمي شامل”، فيما يلتفت الأوروبيون، من خلال فرنسا، الى “استقرار لبنان” مع قرار القمة الأوروبية في بروكسل “زيادة الدعم للقوات المسلحة في لبنان، وسيتم تقديم المساعدة لاتخاذ الخطوات الأساسية اللازمة لاقتصاده وحتى يتمكن من التعامل مع اللاجئين السوريين” بحسب ما أعلن الرئيس ايمانويل ماكرون الذي سيستقبل اليوم الجمعة، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وقائد الجيش العماد جوزيف عون.

ومع استمرار التصعيد العسكري في جنوب لبنان، مع “دوز” نوعي تصاعدياً، يبدو أن أزمة المنطقة التي انفتحت منذ “طوفان الأقصى” في 7 تشرين الأول 2023، تركزت على ثلاثة صدوع جيو-سياسية: رد اسرائيلي على ايران وما يمكن أن يستتبعه وفقاً لحجمه وهدفه؛ واجتياح اسرائيلي لرفح مع كل التبعات بالقتل والتهجير وتغيير معادلات حدودية في أكثر من اتجاه؛ وعمل عسكري اسرائيلي ضد لبنان قد يمكن التحكم بأبعاده فلا يتجاوز “المرغوب الاسرائيلي” في فرض الـ1701. وبين هذه الصدوع الثلاثة ثمة من يرى أن الخاصرة اللبنانية قد تكون الأنسب بافتراض اعادة “خط الهدنة” الى الحياة ما يشكل أرضية لـ”خريطة الحدود” الجاهزة لدى الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين، وبما يتجاوز الجغرافيا الى السياسة.

تهديد نووي ايراني

وقال قائد وحدات حماية المراكز النووية التابعة للحرس الثوري الايراني العميد أحمد حق طلب إن إيران يمكن أن تغير “عقيدتها النووية” إذا هددت إسرائيل بمهاجمة المنشآت النووية في بلاده، في إشارة صريحة إلى فتوى المرشد الايراني علي خامنئي عام 2010، التي أعلن فيها أن إنتاج الأسلحة النووية “حرام”. وهو أمر شددت عليه الديبلوماسية الايرانية في فترة ما قبل المفاوضات حول برنامجها النووي وخلالها وبعدها.

وقال وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان عام 2022: “الأسلحة النووية ليس لها مكان في عقيدة إيران. إنها تتعارض مع سياساتنا ومعتقداتنا”. وأكد أنه “إذا استخدمت إسرائيل التهديد بمهاجمة مراكزنا النووية كأداة للضغط على إيران، فقد تراجع سياسة عقيدتها النووية وتغير اعتباراتها المعلنة سابقاً”.

غوتيريش يحذر من نزاع اقليمي

التوترات الأخيرة دفعت الأمين العام للأمم المتحدة إلى التحذير أمام مجلس الأمن الدولي من أنّ الشرق الأوسط “على شفير” الانزلاق إلى “نزاع إقليمي شامل”، داعياً إلى أقصى درجات ضبط النفس في “لحظة الخطر القصوى هذه”.

وقال غوتيريش: إنّ “الشرق الأوسط على شفير الهاوية، وقد شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيداً خطراً، سواء بالأقوال أو بالأفعال”.

وأضاف: “أيّ خطأ في التقدير، أو تواصل سيّئ، أو هفوة، يمكن أن يؤدّي إلى ما لا يمكن تصوّره، إلى صراع إقليمي واسع النطاق سيكون مدمّراً لجميع المعنيّين”، داعياً إلى “أقصى درجات ضبط النفس”.

وشدّد غوتيريش على أنّ “لحظة الخطر القصوى هذه يجب أن تكون لحظة ضبط نفس قصوى”، مشيراً إلى أن “الوقت حان لإنهاء حلقة الأعمال الانتقامية الدموية… لقد حان الوقت للتوقف”.

ورأى أنه “يتعيّن على الأسرة الدولية أن تعمل معاً لمنع أيّ أعمال قد تدفع الشرق الأوسط برمّته إلى حافة الهاوية، مع ما يترتب على ذلك من أثر مدمّر على المدنيين”، قائلاً: “اسمحوا لي أن أكون واضحاً: المخاطر تتصاعد على العديد من الجبهات. نحن نتحمّل سوياً مسؤولية مواجهة هذه المخاطر وإبعاد المنطقة عن حافة الهاوية… بدءاً من غزة”.

تصعيد مستمر في الميدان

الوضع في الحنوب يتجه إلى مزيد من التصعيد بعد عمليات نوعية قام بها “حزب الله” في الأيام الأخيرة، لا سيما العملية في عرب العرامشة. وبعد ليلة قاسية عاشها أبناء المناطق الحدودية، أعلن الحزب مقتل اثنين من عناصره، هما محمد جميل الشامي من بلدة كفركلا، وعلي أحمد حمادة من بلدة الدوير.

وكانت “الوكالة الوطنية للإعلام” أفادت بأن شخصين قتلا في القصف الذي استهدف بلدة كفركلا. وقال الجيش الإسرائيلي في بيان ليل الأربعاء إن “طائرات حربية لسلاح الجو قامت مساء بمهاجمة بنية تحتية إرهابية كانت تستخدمها القوة الجوية لحزب الله شمال بعلبك”.

وأعلن “حزب الله” أمس عن تنفيذه عمليات عدة استهدفت بصورة أساسية تجمعات عسكرية للجيش الاسرائيلي، مؤكداً أنه أوقع في بعضهم قتلى وجرحى، وهو ما لم يفصح عنه الجانب الاسرائيلي. وأشارت “المقاومة الاسلامية” في بيان الى أنها استهدفت قوة لجنود في الجيش الاسرائيلي أثناء محاولتها سحب الآلية العسكرية التي تم استهدافها الأربعاء في موقع المطلة، كما استهدفت تجمعين لجنود في موقع المالكية، وفي حرش حانيتا.

وقال الحزب في بيان آخر: “بعد رصد دقيق وترقب لحركة العدو في موقع المرج، ولدى وصول جنود العدو وآلياته إلى الموقع ظهر الخميس، استهدفهم المجاهدون بالأسلحة الصاروخية، وأصابوهم إصابة مباشرة، وأوقعوهم بين قتيل وجريح”.

ماكرون يستضيف ميقاتي وعون

وفي ضوء ارتفاع منسوب المخاوف لدى عدد من الدول الأوروبية، التي حذّرت بلسان سفرائها في لبنان من اتساع رقعة المواجهة التي تصاعدت بين “حزب الله” وإسرائيل في الساعات الأخيرة، بصورة غير مسبوقة، يمكن أن يصعب السيطرة عليها في حال شمول الرد الاسرائيلي على الهجوم الايراني الحدود اللبنانية – الاسرائيلية، يتطلع الرئيس ميقاتي خلال اجتماعه بالرئيس ماكرون الى تأمين شبكة أمان أوروبية – أميركية للبنان، تضمن له عدم تطاير شظايا الهجوم الاسرائيلي على إيران لتطال الجنوب اللبناني.

وأعلن الرئيس الفرنسي أنه سيلتقي الرئيس ميقاتي وقائد الجيش في باريس اليوم الجمعة لبحث سبل تحقيق الاستقرار في البلاد في ظل أزمة الشرق الأوسط الحالية.

وقال ماكرون أمس الخميس في ختام قمة للاتحاد الأوروبي، أيد فيها زعماء التكتل فرض عقوبات جديدة على إيران بعد هجومها على إسرائيل: “علينا أن نراقب استقرار لبنان عن كثب”.

وأضاف: “قرر المجلس الأوروبي زيادة دعمه للقوات المسلحة في لبنان، وسيتم تقديم المساعدة لاتخاذ الخطوات الأساسية اللازمة لاقتصاده وحتى يتمكن من التعامل مع اللاجئين السوريين”.

وتابع ماكرون: “سأستضيف غداً (اليوم) رئيس الوزراء ميقاتي وقائد الجيش عون في باريس لتوضيح خريطة الطريق في هذا الصدد”.

معادلة العقوبات مقابل وقف التصعيد

وفيما يراهن لبنان على التدخل الأميركي لدى تل أبيب لمنعها من الرد على طهران بلا ضوابط، تسعى الولايات المتحدة وحلفاؤها في الاتحاد الأوروبي إلى فرض معادلة على المواجهة المباشرة بين إيران وإسرائيل، تقوم على: الامتناع عن التصعيد وضبط النفس مقابل عمل الغربيين على تشديد العقوبات على إيران وفرض نوع من العزلة عليها.

وبرز ذلك بداية في البيان الصادر عن “قمة السبع” التي التأمت عن بُعد في 14 الشهر الجاري، وأعربت فيه المجموعة عن “التضامن والدعم الكاملين لإسرائيل وشعبها، وإعادة التأكيد على الالتزام بأمنها”.

وجاء في فقرة ثانية أن المجموعة إذ “تعمل على إرساء الاستقرار وتجنُّب المزيد من التصعيد”، وهي رسالة موجهة إلى طهران وتل أبيب في وقت واحد، أكدت أنها “تقف على استعداد لاتخاذ المزيد من التدابير الآن، ورداً على أي خطوات إضافية مزعزعة للاستقرار”.

وأعلن البيت الأبيض فرض عقوبات على قادة وكيانات على صلة بالحرس الثوري ووزارة الدفاع الايرانية وبرنامج طهران للصواريخ والمسيرات. ونقل في بيان عن الرئيس الأميركي جو بايدن القول إنه وجّه بمواصلة فرض العقوبات التي تستهدف الصناعات العسكرية الايرانية.

وأعلنت الخزانة الأميركية فرض عقوبات على خمس شركات توفر مواد لشركة إيرانية لإنتاج الصلب وثلاث شركات تابعة لمجموعة إيرانية لصناعة السيارات.

وأوضحت الخزانة في بيان أن من بين الشركات التي ستخضع للعقوبات كيانين سمحا بإنتاج الطائرات المسيرة الايرانية، بما يشمل أنواع المحركات المزودة بها الطائرات المسيرة التي استخدمت في الهجوم الايراني.

شارك المقال