قبل مرور شهر على إغتيال القائد العسكري الكبير في “حزب الله” فؤاد شكر، ردّ الحزب على إسرائيل مستهدفاً “ضاحية” تل أبيب وموقعاً إصابات بالمباشر وفق ما أعلن في بياناته المتعاقبة، وبهذا يكون التعادل سيد الموقف بين الطرفين، فالضربة الاسرائيلية قابلها رد على الرغم من تأخره ورفض إسرائيل الاعتراف به، وتمسكها برواية أنها قامت برد استباقي لتعطيل هجوم الحزب، وهذا ما فنّده مطولاً الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله في خطابه أمس، مؤكداً للبنانيين أن “لبنان يمكن أن يرتاح في المرحلة الحالية، والعدو أعلن أن ما جرى اليوم انتهى”، وهذا ما يشير الى إحتمالية إحتواء أي حرب شاملة كانت ستواجهها البلاد.
وصحيح أن “حزب الله” شرح وفصل ونشر فيديو يشير الى أماكن الاستهدافات التي طالت إسرائيل، الا أن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو أعلن أن إسرائيل لم تقل كلمتها الأخيرة بعد ضرباتها على لبنان، على الرغم من إعلان الجيش الاسرائيلي في ساعات الظهر، إلغاء حالة الطوارئ وسط إسرائيل والإبقاء على القيود المفروضة في البلدات الحدودية.
وعلى الفور، نشطت الاتصالات الديبلوماسية وعقدت لجنة الطوارئ الوزارية إجتماعاً في دارة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي أكد ذلك، معتبراً أن المطلوب وقف العدوان الاسرائيلي أولاً وتطبيق القرار 1701.
عودة المفاوضات
وعلى وقع التطورات الأخيرة، لم تتوقف الجهود الديبلوماسية إذ إنطلقت أمس، جولة جديدة من المفاوضات في القاهرة، بهدف تهدئة القتال في قطاع غزة وتحقيق صفقة أو هدنة تتيح عملية تبادل للأسرى والمعتقلين. وإستؤنفت هذه المفاوضات على الرغم من تمسك نتنياهو بشروطه وعلى رأسها السيطرة على محور فيلادلفيا.
ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن مسؤول إسرائيلي قوله: “إن أي نجاح للمفاوضات سيعود إلى أن واشنطن تضغط بشكل كبير على إسرائيل لإبرام صفقة، وذلك لمنع اندلاع حرب أكبر في المنطقة، وان أي تعثر بسبب أن إسرائيل ليست متفائلة خصوصاً بشأن موافقة حماس على الصفقة”.
وقال مصدران أمنيان مصريان لـ”رويترز”: “إن المقترحات الجديدة تتضمن حلولاً للنقاط العالقة، مثل سبل تأمين المناطق الرئيسية وعودة السكان إلى شمالي القطاع من دون مؤشرات على حدوث انفراج في القضية الرئيسية الشائكة المتمثلة في محور فيلادلفيا”.
وبحسب المصدرين، فإن وفداً من “حماس” وصل السبت إلى القاهرة ليكون على مقربة من المحادثات لمراجعة أي مقترحات قد تتمخض عنها المحادثات الرئيسية بين إسرائيل والدول التي تؤدي دور الوساطة، غداة إعلان الحركة وجود وفد لها برئاسة خليل الحية بهدف الاستماع الى نتائج المفاوضات التي جرت في القاهرة، بعدما غابت عن مفاوضات الدوحة منتصف آب الجاري.
السيسي: ضرورة التجاوب مع الجهود
وشدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية الجنرال سي كيو براون أمس، على “ضرورة التجاوب مع جهود التوصل الى اتفاق لوقف الحرب في قطاع غزة بشكل فوري، وتبادل الأسرى والمحتجزين، بما يسمح بتعزيز مسار التهدئة والاستقرار في المنطقة”.
ورأى السيسي أن “الوضع الاقليمي الحالي يتطلب وقفة حاسمة من المجتمع الدولي وجميع الأطراف الفاعلة، لبذل كل المساعي وتكثيف الضغوط، لنزع فتيل التوتر، ووقف حالة التصعيد التي تهدد أمن المنطقة واستقرارها بالكامل”، محذراً في هذا الصدد من “مخاطر فتح جبهة جديدة في لبنان”.
ولاحقاً، زار براون إسرائيل حيث من المتوقع أن يعقد اجتماعات مع كبار المسؤولين العسكريين.
نصر الله: كذب العدو يشبه أفلام هوليوود
وبالعودة الى خطاب نصر الله، اعتبر أن “كذب العدو اليوم يشبه أفلام هوليوود”، وقال: “استهدفنا العدو بصواريخ الكاتيوشا وكان من المقرر أن يطلق الأخوة 300 صاروخ كاتيوشا وتوزيعها على المواقع لأن هذا العدد كافٍ لاشغال القبة الحديدة والصواريخ الاعتراضية لدقائق عدة لتعبر المسيرات. السلاح الآخر هو سلاح المسيرات على أساس أن يتجه بعضها الى عين شومرا والجزء الأكبر يعبر الى تل أبيب، اتفقنا مع الاخوة أن تكون المنصات جاهزة فجر اليوم (امس) في ذكرى أربعين الحسين ونحن لأول مرة نطلق مسيرات من منطقة البقاع، وعلى الرغم من غارات العدو التي استهدفت المواقع قبل نصف ساعة، لكن المنصات لم تصب بغارات قبل الاطلاق وكل المرابض لم تصب أيضاً”.
وأضاف: “الهدف العسكري النوعي في غليلوت هو قاعدة المخابرات العسكرية التابعة للفرقة 8200، ومعطياتنا أن عدداً من المسيرات وصل الى هذا الهدف ولكن العدو يتكتم”.
وربطاً بما يحدث في القاهرة، أشار نصر الله الى أن “عمليتنا الأحد قد تكون مفيدة جداً للمفاوضات للطرف الفلسطيني والعربي ورسالتها واضحة للعدو ومَن خلفه بأن أي آمال بإسكات جبهات الإسناد وخصوصا الجبهة اللبنانية هي آمال كاذبة”.
حداد رسمي على الحص
اما داخلياً، فقد غيّب الموت أمس رئيس الحكومة السابق سليم الحص عن عمر ناهز الـ94 عاماً، ونعاه رؤساء ووزراء ونواب سابقون وحاليون، وأعلن الرئيس ميقاتي الحداد الرسمي 3 أيام، وتنكيس الأعلام.
ونعى الرئيس سعد الحريري الحص عبر حسابه الخاص على منصة “إكس”، كاتباً: “دولة الرئيس سليم الحص منارة جديدة تنطفئ في الزمن المظلم. خسره لبنان قامة وطنية وتخسره بيروت ابناً باراً وشخصية مميزة كرّست حياتها لسلامة دورها”.
وأضاف الحريري: “رحم الله دولة الرئيس الحص وأسكنه فسيح جناته واخلص التعازي لعائلته ولكل اللبنانيين”.
الراعي
وأشار البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، في عظة الأحد الى “إقصاء الموارنة عن إدارة الدولة، بدءاً من عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة منذ سنتين حتى الآن، في أخطر مرحلة يمرّ فيها لبنان”، مذكراً بالمرحلة الذهبيّة التي كان زمام الحكم فيها بيدهم.
وقال: “فلنتذكّر المرحلة الذهبيّة في العلاقات بين الطوائف المسيحيّة والإسلاميّة، وبين لبنان والعالم العربي، وبين لبنان والعالم الإسلامي. فلنتذكّر جمال الصيغة اللبنانيّة بمفهومها الميثاقيّ سماحةً في التطبيق وبساطةً في التعايش، وحريّةً في الممارسة العامّة”.
عودة
ورأى متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، أن “علينا العمل من أجل لم أشلاء هذا البلد وإحياء مؤسساته بدءاً برئاسة الجمهورية، وحث مجلس النواب على استعادة دوره في التشريع وفي مراقبة الحكومة ومحاسبتها، والعمل على تشكيل حكومة تضع الخطط الإنقاذية وتواكب التطورات وتنكب على العمل الدؤوب الذي يؤدي إلى إبعاد شبح الحرب والإنقاذ من الغرق”، معتبراً أن “ما يحمي لبنان هو اتحاد أبنائه حول فكرة الدولة القوية العادلة التي يحكمها القانون وتعامل أبناءها بالعدل والمساواة والإحترام، وتبعد عنهم كل خطر واضطراب وانقسام”.