يعيش لبنان اليوم بين هدف “إعادة سكان الشمال” الذي وضعته إسرائيل، و”الحساب المفتوح” الذي أعلن عنه “حزب الله”، مع تأكيده أنه سيرد على الضربات القاسية التي تعرض لها في الأيام الأخيرة، وبدأها في الساعات الماضية برد جزئي على جريمة تفجير “البايجر” عبر استهداف قلب الصناعات العسكرية الاسرائيلية في “مجمع رافائيل”، وقاعدة رامات دافيد في حيفا، التي كان صوّرها بـ “الهدهد” سابقاً، وهذا الاستهداف جاء بصواريخ جديدة أدخلها إلى المعركة مطلقاً عليها إسم “فادي”، بما يبدو أنه رد على الادعاءات الاسرائيلية التي تحدثت عن قصف منصات صواريخ الحزب بمئات الغارات الجوية.
وفي ظل حالة التأهب والترقب المهيمنة على الساحة اللبنانية، وخطر فتح الجبهات كافة، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، من مخاطر تحويل لبنان إلى غزة أخرى في خضم تصعيد الأعمال العدائية بين إسرائيل و”حزب الله”.
إرتفاع عدد ضحايا الغارة
وبعد يومين على الضربة الاسرائيلية التي استهدفت عمق الضاحية الجنوبية لبيروت، تواصلت عمليات البحث والإنقاذ الى جانب المسح الميداني، ما رفع عدد الضحايا الذين سقطوا، اذ أعلن الدفاع المدني، أن “الحصيلة الأخيرة للشهداء الذين تم انتشالهم من موقع المبنى الذي انهار في محلة الجاموس نتيجة العدوان الاسرائيلي ارتفعت الى 50 شهيداً بعد انتشال طفلين من تحت الأنقاض أما الجرحى فبلغ عددهم ٦٦ جريحاً. فيما المفقودون لغاية الآن يبلغ عددهم 11 مواطناً”.
نتنياهو يتوّعد الحزب
وبالعودة الى تصعيد “حزب الله” أمس كردّ على إنفجارات “البايجر” و”الووكي توكي”، قام بقصف حيفا للمرة الأولى منذ بدء الحرب، فيما وسعت إسرائيل استهدافاتها إلى شمال نهر الليطاني، وترافق ذلك مع تهديد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، قائلاً للاسرائيليين: “اذا لم يفهم حزب الله الرسالة، فأنا أعدكم بأنه سيفهمها”. وشدد على أن الحزب تلقى ضربات موجعة في الأيام الماضية.
أما وزير الدفاع الاسرائيلي يوآف غالانت فأكد أن العمليات العسكرية ضد “حزب الله” مستمرة حتى يتمكن سكان الشمال من العودة إلى منازلهم بسلام.
قاسم والحساب المفتوح
وبعد أسبوع متواصل من التصعيد والغارات المكثفة، يبدو أن الساحة ستشهد تطوراً ملحوظاً، في مرحلة جديدة من القتال مع اسرائيل، عنوانها معركة “الحساب المفتوح”، بحسب ما أكد نائب الأمين العام لـ”حزب الله” الشيخ نعيم قاسم.
وقال قاسم في كلمة ألقاها أمس خلال تشييع قائد “قوة الرضوان” ابراهيم عقيل في الضاحية الجنوبية، في أول تعليق رسمي يدلي به مسؤول في الحزب بعد الغارة الاسرائيلية: “دخلنا في مرحلة جديدة عنوانها معركة الحساب المفتوح، نتابع فيها جبهة الإسناد (لغزة) والمواجهة، ومن خارج الصندوق بين الحين والآخر نقتلهم ونقاتلهم من حيث يحتسبون ومن حيث لا يحتسبون”.
واعتبر أن الهجمات الصاروخية الثلاث التي نفذها “حزب الله” في وقت مبكر أمس الأحد على مجمع صناعات عسكرية وقاعدة جوية اسرائيلية قرب مدينة حيفا هي “دفعة من الحساب في معركة الحساب المفتوح” مع اسرائيل.
وشدد على أن التهديدات الاسرائيلية “لن توقفنا، ونحن مستعدون لمواجهة كل الاحتمالات العسكرية”. ونبّه على أن الحل العسكري “يزيد مأزق اسرائيل وسكان الشمال، ولا يعالج مشكلتهم”، مخاطباً الاسرائيليين بالقول: “اذهبوا الى غزة وأوقفوا الحرب”.
بري: لن ننجر الى حرب كبرى
وفيما التصعيد سيّد الموقف، كان لافتاً كلام رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي شدد على “أننا سنقاوم نتنياهو من دون الإنجرار الى حرب كبرى”.
وإتهم بري نتنياهو بأنه يضغط بالنار لجر لبنان والمنطقة الى حرب كبرى، قائلاً: “نحن من جانبنا لن ننجر، ولن نقع في الفخ الاسرائيلي، لا بل سنقاوم مخططه، ونتمسك بقواعد الاشتباك، ونطالب بتطبيق القرار 1701، وما على المجتمع الدولي إلا الضغط لتطبيقه على جانبي الحدود بإلزام إسرائيل بوقف خرقها الأجواء اللبنانية، ونطالب الولايات المتحدة الأميركية بأن تمارس الضغط الكافي على نتنياهو لوقف عدوانه على لبنان، بدلاً من أن تتركه يبتزها، ويشل قدرتها على التحرك لوقف العدوان، ويتفلّت من الضغوط لوقف العدوان، وهو يستغل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الذي يدفع واشنطن إلى التردد في حسم موقفها للقيام بالضغط المطلوب، وضمان وقف النار، والشروع بوضع تطبيق القرار 1701 على نار حامية”.
غوتيريش: الحرب يجب أن تنتهي
أما بالنسبة الى التحذيرات الدولية من توّسعة الحرب، فقال الأمين العام للأمم المتحدة في تصريح لشبكة “سي إن إن” الإخبارية الأميركية، قبل يومين من موعد انطلاق أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة: “ما يثير قلقي (هو) خطر تحويل لبنان (إلى) غزة أخرى”.
ورأى غوتيريش أن “من الواضح” أنّ لا إسرائيل ولا حركة “حماس” تريد وقفاً لإطلاق النار، مضيفاً: “بالنسبة لي، من الواضح أن الطرفَين غير مهتمين بوقف لإطلاق النار. هذه مأساة لأنها حرب يجب أن تنتهي”.