“ما يجب أن نأخذه أخذناه”… تضليل أو تجييش؟

هيام طوق
هيام طوق

ما إن أُعلن عن تشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حتى خرج رئيس الجمهورية ميشال عون، معلناً انتصاره لأن “ما كان يجب أن نأخذه أخذناه” بعد أن كان طوال مرحلة التأليف والمشاورات مع الرئيس المكلف سعد الحريري يؤكد مراراً وتكراراً انه لا يريد ثلثاً معطلاً أو الحصول على حقائب وزارية معينة بما يتيح له الإمساك بالقرارات داخل الحكومة، وانه هو أكثر المسهلين لولادتها وبأسرع وقت ممكن. وذهب فريقه السياسي الى اتهام الرئيس الحريري بفرض تشكيلة حكومية لا تلتزم المعايير الميثاقية والدستورية، ولا تراعي مبدأ “وحدة المعيار”.

وعلى الرغم من انحدار البلد نحو “جهنم” رئيس الأمة بسرعة غير مسبوقة، كان الرئيس الحريري يعضّ على جراح التأليف المحفوفة بكل أنواع التعطيل والعرقلة في محاولة منه لفرملة الانهيار ووضع الإصلاحات على السكة الصحيحة لأنه مؤمن بمقولة والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري “ما حدا أكبر من بلدو”، وبالتالي كل التضحيات رخيصة أمام زمن رفيق الحريري، الزمن الجميل، زمن الازدهار والعمران، فقوبل بدعوة رئيس الجمهورية “إلى التنحي في حال وجد نفسه عاجزا” عن التشكيل. فردّ الحريري مطالباً عون بـ”إتاحة المجال أمام انتخابات رئاسية مبكرة، إذا وجد نفسه عاجزاً عن توقيع مراسيم تشكيل حكومة اختصاصيين غير حزبيين قادرة على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة”.

وبغض النظر عن تحليل كل ما جرى في تلك المرحلة، فإن من يراقب مسيرة رئيس الجمهورية منذ سنوات طويلة، لا يصعب عليه أن يكتشف اعتياده على قول الشيء ونقيضه، لأن ذلك يتوقف على رياح مصالحه الخاصة، لكن السؤال البديهي اليوم، ما هي خلفيات ما قاله الرئيس عون “ما كان يجب أن نأخذه أخذناه”.

ألا يعني هذا الكلام انه كان معطلاً وانه كان يريد حصة الاسد في الحكومة على الرغم من نكرانه ذلك؟ وهل هذا الموقف يأتي في اطار حملة “التيار الوطني الحر” الانتخابية انطلاقاً من الحقوق المسيحية التي يضعها عون مادة جهادية عند كل استحقاق؟ أسئلة توجه بها “لبنان الكبير” الى نواب من مختلف الكتل حيث أسف البعض لهذا الكلام الصادر عن رئيس من المفترض انه رئيس كل اللبنانيين وليس لفئة معينة، معتبرين ان كل ما يحصل اليوم نتيجة الحملة التضليلية التي استمرت عقوداً مع التيار العوني. في حين لم يشأ البعض الآخر التعليق على الكلام لأن المهم اليوم إنقاذ البلد من الانهيار.

الطبش: نأسف لهذا الاعتراف البعيد عن منطق الدولة

أسفت عضو “كتلة المستقبل” النائبة ​رولا الطبش أن “نسمع هذا الكلام ممن يفترض أن يكون حكماً عادلاً فوق بنى مؤسسات السلطة. ومؤسف أكثر أن نسمع هذا الاعتراف، البعيد كل البعد عن منطق الدولة، بأن رئيس الجمهورية عطل ومنع تشكيل حكومة طوال 13 شهراً، في ظرف هو الأخطر على الشعب والوطن منذ قيام لبنان الكبير، بهدف تأمين مصالحه ومصالح صهره على أمل أن يكون خليفته على رأس جمهورية جهنم”.

وقالت: “لا نشك بالنوايا الانقلابية على دستور الطائف لفخامة الجنرال، ولعل بدعة الدوحة للثلث المعطل تخدم أهدافه التعطيلية الدائمة. لكننا، والى أن يظهر لنا العكس، نثق بالرئيس نجيب ميقاتي ونفيه الثلث المعطل لأي طرف. ولعل الوقت ما زال مبكراً لتبيان الخيط الأبيض من الخيط الأسود في التشكيلة الحكومية، بانتظار استحقاق كبير يضع الخيارات السياسية والحزبية على المحك”.

وأشارت الطبش الى “اننا منحنا الثقة للرئيس ميقاتي وبعض الوزراء. أما ثقتنا بميشال عون، فتلاشت منذ زمن بسبب سلوكياته غير السوية المستهدفة تحديداً للرئاسة الثالثة، وللمكون السني في النسيج الوطني”.

عقيص: استمر الكذب طويلاً وآن له أن ينتهي

اعتبر عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب جورج عقيص ان “كلام الرئيس عون يندرج في إطار لعبة السلطة التي لا يتقن سواها. لا يهمه من مجلس الوزراء سوى الثلث المعطل”، لافتا الى ان ” الرئيس عون يحاول ان يوحي للناس انه خرج من هذه المعركة منتصراً. الكلام الذي صدر عنه خلال التشكيل انه لا يريد حصة، يأتي في اطار سياسة التيار الوطني الحر إذ يدّعون الشيء ونقيضه”.

ويضيف: “ينقلب على مواقفه السابقة، ويوهم الناس بأمور بعيدة من الواقع. حين يقول صهر العهد في مجلس النواب اننا غير مشاركين في الحكومة وكل الاعلام أكد ان وزير الطاقة ليس فقط تابعاً للتيار الوطني الحر انما طرح اسمه جبران باسيل”. وأكد ان “التيار ليس لديه مشكلة في الكذب على الناس أو تضليلهم. انها طريقته في التعاطي تعودنا عليها من سنوات وعقود. سياسة التعطيل والكيدية والمماحكة الدائمة للوصول الى غاياته وللظهور أمام جمهوره انه يدافع عن حقوق المسيحيين، آملا ان تنجز الحكومة ما هو مطلوب منها خارج لعبة الارقام والنفوذ وقدرة التعطيل”.

ورأى عقيص ان “رئيس الجمهورية يخاطب جمهور التيار الوطني الحر بدلًا من أن يخاطب كل اللبنانيين. استمر الكذب طويلاً وآن له أن ينتهي، معتبراً ان كل ما يحصل اليوم نتيجة الحملة التضليلية التي استمرت عقوداً، واذا لم يميز الناس في الانتخابات النيابية المقبلة بين الاسود والابيض، فعلى الدنيا السلام”. 

عبدالله: الانتصار بإنقاذ البلد

شدد عضو “كتلة اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبدالله على ان “الأهم اليوم ماذا نقدم للناس من رؤية اقتصادية انقاذية. ما من فريق سياسي منتصر لأن الانتصار الحقيقي يكون عندما ننقذ البلد من الانهيار الحاصل”، معتبرا انه “لا قيمة للمحاصصة ولثلث معطل أو ضامن في ظل الانهيار والجوع وفقدان الأمن الاجتماعي والتربوي والصحي والدوائي والاستشفائي. انه كلام خارج السياق الطبيعي للمجتمعات والمسؤوليات وأي فريق يحاول اظهار نفسه منتصرا بهذه المعادلة يكون خارج التاريخ”.

وأكد انه “لا قيمة لأي حقوق في بلد منهار. المواطن مواطن لأي طائفة انتمى، وهذا المواطن يعاني المصاعب عينها. عن أي حقوق نتحدث؟”.

ولم يشأ عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب أيوب حميد التعليق على الموضوع.

شارك المقال