سماء لبنان ملبّدة بالأزمات… وبالاهتزازات الأمنيّة!

هيام طوق
هيام طوق

على إيقاع التوتر والتطورات المتلاحقة يعيش اللبناني يوماً بيوم لا بل ساعة بساعة في ظل الأجواء السوداوية التي توحي بأن السماء ملبدة بكل أنواع الازمات التي تمطر كالشتاء فوق رؤوس الناس الذين يشعرون بأنهم يتأرجحون على حافة هاوية عميقة، ويتلقون الصفعة تلوى الاخرى، فتقطع أنفاسهم وتكربج أجسامهم التي باتت بحاجة الى أجهزة تنفس تضخ الروح في عروقهم.

منذ تشكلت الحكومة بعد 13 شهراً من مرحلة تصريف الاعمال، استبشر اللبنانيون خيراً بتأليف حكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي اعتبروها محطة أساسية ستخرج البلد من جهنمه، وتوقف قطار الانهيار المتسارع وتمنعه من بلوغ مرحلة الارتطام، وتعيد بناء هيكل الدولة المحطم، إلا أن المفاجأة كانت بتحقيقها انجازات بمعدل صفر على مقياس جدول الاعمال إذ تعطلت الجلسات قبل أن تكمل اجتماعها الرابع، لألف سبب وسبب، ونتيجة للخلاف بين أعضائها على الاستحقاقات السياسية والامنية والقضائية خصوصاً السجال الذي حصل في الجلسة الأخيرة على خلفية إصرار “حزب الله” وحركة “أمل” على “قبع” القاضي طارق البيطار من قضية التحقيق في تفجير المرفأ، واشتراطهم عدم المشاركة بأي جلسة طالما لم تُكف يد البيطار عن القضية.

وعلى الرغم من كل المشاورات والمحادثات التي تجريها الأطراف لإيجاد مخرج يرضي الجميع، إلا أن الامور لا تزال في مرحلة “راوح مكانك” وسط تطلع ميقاتي الى “معاودة جلسات مجلس الوزراء في اقرب وقت لاستكمال القرارات المطلوبة لتفعيل عمل الهيئات واللجان وإنجاز المطلوب من الحكومة”.

وأشار مصدر مقرب من ميقاتي لـ”لبنان الكبير” الى ان رئيس مجلس الوزراء يعوّل على وعي الجميع في هذه المرحلة التي لا تحتمل أي تعطيل في ظل الاوضاع المعيشية الصعبة، فالحكومة هي حاجة للجميع.

وتوقع المصدر أن تكون هناك صيغة ايجابية الأسبوع المقبل تساهم في عودة مجلس الوزراء الى الانعقاد إذ ثمة إشارات عدة صدرت من مواقع مختلفة، وربما سنشهد بلورة بعض هذه المؤشرات الايجابية مطلع الاسبوع مع احتمال انعقاد جلسة لمجلس الوزراء بمشاركة الثنائي الشيعي. وأكد ان الرئيس ميقاتي يصر على فصل الموضوع القضائي الذي لا علاقة للحكومة به، وهو حريص على ان يكون الجميع مشاركاً في العمل الحكومي.

وفي ظل تسارع الاحداث والتوترات، لفت المصدر الى ان التطوّرات خلقت ما يمكن وصفها بـ”خليّة أزمة ديبلوماسيّة” لمواكبة الوضع الناشئ، وتقويم التوتر السياسي الذي يتفاقم يوما بعد يوم على أكثر من عنوان وقضية. كل ذلك، يجري في ظل اصرار القاضي البيطار على استدعاءاته ومتابعة التحقيق مع المدعى عليهم.

وفي وقت تجري التحقيقات لكشف ملابسات أحداث الطيونة، استُدعي رئيس حزب “القوات اللبنانية” للاستماع الى إفادته امام المحكمة العسكرية أو المخابرات.

في المقابل، رفع الجرحى والمتضررون من أهالي عين الرمانة، دعوى ضدّ الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله مما ينذر بتفاعلات بهذه القضية ستزيد من حدّة التوتر، وسط معلومات تشير الى ان المرحلة مفتوحة على الاهتزازات الأمنيّة بشكلٍ واسع، وان خطر الاغتيالات والتصفيات ربما يعود في وقت قريب حتى ان المسؤولين اتخذوا تدابير أمنية مشددة انسحبت على مستوى مسؤولي الصف الثاني.

وفي هذا الإطار، أكد مصدر مواكب لتحركات البطريرك لـ”لبنان الكبير” ان البطريرك يستهجن استدعاء جعجع والتغاضي عن الآخرين على الرغم من كل الصور التي أظهرت المسلحين في الشوارع.

وأوضح ان زيارة البطريرك للرؤساء الثلاثة والتي كانت معدة سابقاً وليس لها علاقة بموضوع استدعاء جعجع، تهدف الى “حثّهم على تحمل المسؤولية ومنع البلد من السقوط أكثر خصوصاً ان هناك تخوفاً من الانفلات الأمني. وما حصل في الطيونة كأنه طلائع حرب أهلية واختراق لمنطق التعايش والشراكة الوطنية، وبالتالي المفروض من السلطة السياسية أن تستبق الأحداث وتعالجها سياسيًا قبل الوصول الى المرحلة الامنية، وتصبح المواجهة بين الاحزاب والجيش وبين الشعب والجيش، وهذا أمر غير مقبول لأن الجيش هو الملاذ الاخير بعد تعطل كل الحلول السياسية. للاسف، لا نرى الحلول السياسية بل ننتقل من الخلاف الى الاشتباك الامني من دون المرور بالحوار، وهذا غير مقبول. وعلى رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة ان يبذلوا قصاراهم لعدم السماح بتدهور الاوضاع أكثر فأكثر”.

ولفت المصدر الى ان البطريرك تحدث مع الرؤساء الثلاثة حول ضرورة رفع يد السياسيين والسلطة عن القضاء كي يكون نزيها ويكسب ثقة الناس.

هذا، ودعا مخاتير وأهالي عين الرمانة وفرن الشباك اللبنانيين الأحرار الى وقفة احتجاجية في السيارات على طريق بكركي – معراب – دلبتا اليوم، اعتباراً من الساعة العاشرة صباحاً رفضاً لطلب الاستماع لجعجع، “لأن الاستماع يجب ان يكون للطرف المعتدي وليس للطرف المعتدى عليه”.

على صعيد آخر، صوّتت اللجان المشتركة أمس، على إبقاء الانتخابات النيابية في 27 آذار المقبل، بعد إعادة رئيس الجمهورية ميشال عون القانون الرامي الى تعديل بعض مواد قانون انتخاب مجلس النواب الى البرلمان لإعادة النظر فيه، بعد أن كانت المساعي قائمة للتوافق على تاريخ محدد بين الكتل الا انها لم تنجح كما كان متوقعا، وذهبت الامور نحو التصويت بحيث كان هناك وجهات نظر متضاربة في الجلسة، لكن لم يكن هناك خلاف حاد كما أكد النائب محمد خواجة لـ”لبنان الكبير” الذي أشار الى انه “بعد النقاشات التي استمرت أربع ساعات، تبين ان الكتل بقيت على مواقفها وجرى التصويت كما كان في الهيئة العامة الاسبوع الماضي، والتثبيت النهائي سيكون يوم غد الخميس في الهيئة العامة”.

واعتبر عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب علي حسن خليل خلال الجلسة أن “عدم عرض قانون الانتخاب على مجلس الوزراء قبل رده الى مجلس النواب مخالفة دستورية”.

وقال عضو “كتلة المستقبل” النائب هادي حبيش: “رفعنا التاريخ من القانون لأنها مخالفة، وأجرينا توصية لرفعها الى الحكومة بإجراء الانتخابات في 27 آذار”.

في هذه الأثناء، تعرض مبنى المحكمة الروحية المارونية في زوق مصبح لاعتداء، إذ فوجئ القضاة الذين حضروا صباح أمس بتحطيم الزجاج وبعثرة المكاتب وسرقة بعض المحتويات والنقود الموجودة في الأدراج. وحضرت القوى الامنية على الفور وباشرت التحقيق في انتظار وصول الأدلة الجنائية.

وفي حين سأل البعض ان كانت الغاية من الاعتداء توجيه رسالة إلى البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، أكد النائب البطريركي الماروني العام المطران حنا علوان لـ”لبنان الكبير” ان “التحقيقات جارية ولا نريد استباق الاحكام، لكن لم يعبث بالملفات أو الكومبيوترات انما تم خلع الجوارير، وأخذوا الاموال الموجودة، مما يستبعد فرضية سرقة ملفات شخصية لها علاقة بالطلاق”.

ورجّح المطران علوان ان “تكون المسألة متعلقة بسرقة الاموال في ظل الاوضاع المعيشية الصعبة وليس لها أبعاد أخرى، لكن علينا انتظار ما يقوله التحقيق، مشيراً الى ان المحكمة ستقفل قاعاتها هذا الاسبوع الى حين اصلاح الابواب المخلعة، والاسبوع المقبل تُستأنف المحاكمات”.

شارك المقال