خطة أميركية بديلة ضد إيران والخيار العسكري وارد

حسناء بو حرفوش

كتب المحلل السياسي مايكل سينغ في مقال بموقع “فورين أفيرز” الأميركي أن “الوقائع تثبت إفراطاً في التفاؤل لناحية عودة إيران للامتثال للاتفاق النووي، في ظل اشتراط مطالب مستحيلة (…) إذ إن التعنت الإيراني في فيينا يشير إلى تغيّر الحسابات وتمسك حكومة الرئيس إبراهيم رئيسي بنظرة أكثر إشراقاً للبدائل، لا بد لواشنطن من تعديل سياستها وزيادة الضغط الدولي وصولاً إلى التصعيد العسكري”. ووفقاً للتحليل، “قد يجد المسؤولون الإيرانيون في الامتثال فوائد أقل مقارنة بالبدائل التي تعلّق عليها الكثير من الآمال، على غرار العلاقة المتنامية مع الصين كقوة موازنة للضغط الاقتصادي الأميركي. ولذلك، يجدر بالرئيس جو بايدن تطوير خطة بديلة تزيد من حدة العواقب بالنسبة إلى إيران إذا تمسكت برفض المبادرات الديبلوماسية وبتوسيع أنشطتها النووية. 

التعلّم من الماضي

بالتالي، على إدارة بايدن الاستفادة من التاريخ الحافل بالإخفاقات والنجاحات في السياسة الأميركية مع إيران. والدرس الأساسي من الارتباطات الديبلوماسية السابقة هو انخفاض معدل النجاح الأميركي عند الاعتماد على نهج أو أداة سياسة واحدة والمعدلات الأعلى لدى استخدام عدد من أدوات السياسة معاً بالتنسيق مع الحلفاء الرئيسيين (…) كما يجب على الولايات المتحدة إثبات أن إيران ستواجه عواقب الموقف غير المعقول الذي أصرت على اتخاذه في محادثات فيينا (…) وإذا استمر عناد إيران، يمكن إدارة بايدن فرض وتوسيع نطاق العقوبات الاقتصادية الحالية. وسيؤكد ذلك للمسؤولين الإيرانيين أن أي انتقادات من إدارة بايدن لنهج الضغط الأقصى الذي اتبعه ترامب لا يعني السماح ببساطة بإضعاف العقوبات أو بتغييب الصفقة (…) وهذا يعني التأكيد على الالتزام بفرض عقوبات عهد ترامب وسد الثغر في نظام العقوبات التي ظهرت أخيراً، وعلى رأسها بيع إيران النفط إلى الصين (…) من خلال المناورات الخادعة مثل عمليات النقل في البحر.

وسيسهّل اتخاذ وتطبيق قرار كهذا بالتنسيق مع الحلفاء، وعلى وجه الخصوص في إطار مجموعة “E3” لألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة (…)، فقد يؤدي ذلك لإعادة فرض عقوبات كل من الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة (…) وعلى الرغم من أن التأثير يبقى هامشياً في المستوى الاقتصادي بالنسبة إلى إيران، خصوصا أن العقوبات الأميركية الأحادية أنجزت الكثير، لكنه سيمثل تصعيداً مهماً للضغط الديبلوماسي على إيران وتصور عزلها دولياً (…) لكن لن يسهل إقناع مجموعة E3 بالانسحاب من الصفقة الإيرانية. فعلى الرغم من حقيقة أن الولايات المتحدة أو إيران لا تحترمان الاتفاقية، قد تخشى المجموعة أن يؤدي الانسحاب إلى رد أكثر زعزعة للاستقرار من إيران أو ما شابه. 

التهديد بضربة عسكرية

وبالتزامن مع المساعي الديبلوماسية، على إدارة بايدن الاستعداد لاحتمال عدم كفاية الضغط الديبلوماسي والاقتصادي لردع القيادة الإيرانية عن سعيها لامتلاك أسلحة نووية. وقد أظهر المسؤولون في طهران بالفعل استعدادهم للسماح لبلدهم بتحمل مصاعب اقتصادية شديدة من أجل التقدم النووي، ونتيجة لذلك، ستحتاج الولايات المتحدة لإرسال رسالة واضحة حول استعدادها لتجاوز العقوبات وتوجيه ضربة عسكرية كحلّ أخير لمنع إيران من حيازة سلاح نووي. ومن المفهوم إحجام إدارة بايدن عن القيام بذلك، إذ لا يريد الديموقراطيون ولا الجمهوريون بشكل خاص نزاعاً عسكرياً آخر في الشرق الأوسط، وقد يخشى البيت الأبيض أن يدفع إصدار التهديدات الإدارة الإيرانية الجديدة المتشددة إلى رفض المشاركة الديبلوماسية. مع ذلك، يمتلك وجود رادع عسكري أميركي موثوق به ثلاث مزايا تستحق الدراسة.

أولاً، سيثبت لإيران أن امتلاك سلاح نووي قد لا يكون مكلفًا فحسب، بل مستحيل.

وثانياً، قد يقدم ضمانة لشركاء الولايات المتحدة في المنطقة والذين قد يشعرون بأنهم مجبرون على اتخاذ إجراءات ضد إيران عينها أو السعي لامتلاك قدراتها النووية الخاصة.

ثالثاً، يبدو أن أي رئيس أميركي، بغض النظر عن الانتماء الحزبي، سيفكر في العمل العسكري إذا وصلته معلومات استخبارية عاجلة وذات صدقية بأن إيران قررت الاندفاع نحو سلاح نووي، نظراً إلى التهديد الذي قد يشكله مثل هذا التطور للأمن القومي للولايات المتحدة، ومن الأفضل أن تفهم إيران منذ الآن عواقب مثل هذا القرار.

ويتمثل التحدي الحقيقي في كيفية ضمان صدقية تهديدات العمل العسكري حيث تنفذ الولايات المتحدة تحوّلاً استراتيجياً طال انتظاره بعيداً من الشرق الأوسط وباتجاه آسيا. فالخطر الذي تشكله إيران على الأمن القومي للولايات المتحدة حقيقي، لكنه ليس بمستوى التحديات التي تطرحها الدول المسلحة نووياً بعدوانية متزايدة مثل الصين وروسيا. وستتطلب صدقية التهديدات الأميركية (…) العمل بثبات لتعزيز العلاقات مع الحلفاء والقدرة على مواجهة ردود إيران المحتملة. 

صفقة نووية أفضل

(…) وبالتزامن، على إدارة بايدن التركيز على استبدال خطة العمل الشاملة المشتركة بدلاً من إحيائها واتباع نموذج مختلف تماماً يرضي على المدى الطويل الولايات المتحدة أو حتى إيران بشكل مستدام (…) وفي نهاية المطاف، قد لا يكون التوصل لاتفاق ديبلوماسي مع إيران ضرورياً تماماً. إذا كانت عواقب توسيع برنامجها النووي قوية وواضحة بما فيه الكفاية، بالإمكان ردع إيران من دون اتفاق.

ومع ذلك، يجب أن يظل الاتفاق التفاوضي الهدف الأفضل لسياسة الولايات المتحدة، إذ يمكن لاتفاق قوي أن يقلل من احتمالات عدم الاستقرار أو سوء التقدير الذي يستتبعه الاعتماد على الاحتواء والردع. وتزيد الترجيحات أن أي اتفاق جديد بين الولايات المتحدة وإيران لن يمثل إحياء للاتفاق الحالي. وعلى الرغم من أن الانتقال إلى التفاوض مباشرة على اتفاقية جديدة سيحمل الكثير من المخاطر على المدى القصير، إلا أن إدارة بايدن قادرة من خلال بناء الدعم المحلي والدولي لجهودها، على تحقيق نتيجة أكثر نجاحاً وأكثر استدامة على المدى الطويل”.

شارك المقال