تضامن سيادي مع “القوات”… وجعجع لم يمثُل 

هيام طوق
هيام طوق

منذ أحداث الطيونة وعين الرمانة التي لم تنته تداعياتها فصولاً على أرض الواقع، واتهام الأمين العام لـ”حزب الله” حسن نصرالله، حزب “القوات اللبنانية” وزعيمه سمير جعجع بالتحريض وإثارة قلق المسيحيين، وحمّلهما مسؤولية ما جرى ذلك الخميس وصولاً الى استدعاء مخابرات الجيش لجعجع للاستماع إلى إفادته بشأن هذه الأحداث، يبدو جلياً ان هناك تناغماً وتأييداً لمواقف جعجع واستنكاراً لاستدعائه الى التحقيق من القوى المسيحية المعارضة أو بشكل أدق من القوى السيادية الوطنية التي كانت تسمى بفريق 14 آذار. ولعل زيارة رئيس حزب “الوطنيين الأحرار” كميل دوري شمعون الى معراب، والمواقف المعلنة تباعاً من كل من رئيس حزب “الكتائب” النائب المستقيل سامي الجميل، ورئيس “حركة الإستقلال” ميشال معوّض والنائب السابق فارس سعيد، وغيرهم الكثير من القيادات المسيحية، تشي بأن هناك إعادة وصل لما انقطع بين القوى المسيحية الذين اعتبروا ان ما حدث في الطيّونة وعين الرمّانة كان دفاعاً عن النفس وعن الكرامات وأمن المواطنين، وان التظاهرة المسلّحة التي قام بها الثنائيّ الشيعي باتجاه قصر العدل هدفت الى إبطال التحقيق القضائي في جريمة تفجير المرفأ.

ووفق مصدر “قواتي” مطلع لـ”لبنان الكبير”، فإن “الشخصيات السيادية على الرغم من خلافاتها التكتيكية برهنت على انها ما زالت تتفق استراتيجياً على خط وطني واضح عندما تتهدّد قضايا أساسية لها علاقة بالسيادة والقرار الحر والعدالة والحرية، للدفاع عن هذه القيم، وهذا أمر جيد”.

واعتبر ان “الامر يجب أن يتطور الى المزيد من وحدة الموقف، والعمل على بلورة شيء من هذا القبيل، لكن الاساس ان رد الفعل هو واحد لدى جميع هذه القوى المتضامنة وباتجاه واحد. علينا ان نركز على مسألة أساسية، وهي أن لا نتكلم على تضامن مسيحي انما عن تضامن سيادي. المسألة السيادية ليست مسألة مسيحية انما مسألة وطنية لبنانية مسيحية – اسلامية. والتضامن القائم حاليا هو تضامن لبناني سيادي وطني”.

ورأى المصدر ان “المواقف التي صدرت من مختلف الافرقاء السياسيين جيدة، وعلينا الدفع باتجاه وحدة الموقف بمعزل عن الخلافات والتباينات القائمة. على الجميع أن يتفقوا على خط واضح انه عندما تتهدّد السيادة والدولة يجب عليهم وضع خلافاتهم جانبا والذهاب باتجاه موقف واحد في مواجهة التهديد الذي تتعرض له الدولة من “حزب الله”، مشيراً الى ان هناك من يهدد العدالة ومن يريد فبركة الملفات واعادة لبنان الى زمن الوصاية السورية”.

وعما اذا كان تسارع الاحداث يمكن أن يمهد لاصطفاف شبيه بـ14 آذار، وخوض الانتخابات النيابية واقامة التحالفات وفق هذا الاصطفاف، شدد المصدر على انه “من المبكر الحديث عن التحالفات الانتخابية، ونحن اليوم أمام اشكالية كبرى لأن هناك طرفاً يريد ضرب منطق العدالة بقوة السلاح ويذهب باتجاه وضع الامور وفق معادلة صيف وشتاء تحت سقف واحد. والقوى السيادية تقول للحزب ان هذا الامر مرفوض”.

وأكد ان “زمن تركيب الملفات ولّى مع خروج الجيش السوري من لبنان، وجيش “حزب الله” الذي اعترف بأن لديه مئة ألف مقاتل لا يستطيع فعل ذلك على الرغم من محاولاته. فهو من خلال تصرفاته يضرب عرض الحائط القانون والدستور والطائف”.

ولفت المصدر الى ان “هناك محاولة لتوريط الجيش اللبناني بملف الاستدعاء، لكن مخابرات الجيش تنفذ إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي فادي عقيقي لناحية التبليغ. وطلب عقيقي جاء تنفيذا لطلب “حزب الله”. كما ان الجيش موقفه واضح لجهة انه ضبط الامور على أرض الواقع وكان دوره ممتازاً في وضع الامور في نصابها المطلوب”.

هذا، وتخلف جعجع عن المثول أمام مخابرات الجيش للاستماع لإفادته في أحداث الطيونة، في الموعد الذي حدده القاضي عقيقي صباح أمس، والذي طلب مثوله للإدلاء بإفادته اذ أن عدم الحضور كان متوقعاً بخاصة أن جعجع أعلن رفضه مبدئيا لهذا الاستدعاء، لأنه يعتبره استهدافاً سياسياً وأن القاضي عقيقي لا يملك قانونياً أن يطلب منه المثول أمام مخابرات الجيش.

وتقدم وكلاء الدفاع عن جعجع بمذكرة إلى القضاء، قالوا إنها تؤكد عدم قانونية طلب القاضي عقيقي الاستماع إلى إفادة جعجع أمام مخابرات الجيش في قضية أحداث الطيونة. وطلب وكلاء موقوفين في قضية الطيونة، من محكمة الاستئناف تنحية عقيقي عن الملف لعدم حياديته، على حد قولهم.

على صعيد آخر، وبالتزامن مع الموعد المحدد لمثول جعجع أمام مخابرات الجيش، تجمع مؤيدون ومحازبون لحزب “القوات” في النقاط التي حددت بدعوة من مناصري الحزب، وانطلقوا الى معراب، رفضا لاستدعاء جعجع للاستماع الى افادته في قضية الطيونة، ورفعوا الاعلام اللبنانية والقواتية على وقع الأغاني الوطنية وقرع أجراس الكنائس وشهدت الطرق المؤدية الى معراب زحمة سير خانقة.

من الناحية الروحية، فإن البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، الذي استنكر استدعاء جعجع دون غيره في تحقيقات أحداث بيروت، واعتبر ان القانون والعدالة والقضاء فوق الجميع وفوق كل الطوائف والمذاهب، متوجس اليوم من الانزلاق نحو اشتباكات أمنية، ويشعر بخطورة المرحلة ودقتها.

وكشف النائب فريد هيكل الخازن لـ”لبنان الكبير” ان “البطريرك الراعي سيجري اتصالات بالقيادات المسيحية من الصف الاول لجمع شملهم وإعادة التواصل في ما بينهم تحت عنوان الحفاظ على القواسم المشتركة على الرغم من التباينات في المواقف والآراء، وذلك بهدف المحافظة على الخلاف السياسي ضمن اطار اللعبة الديموقراطية بعيداً من الانزلاقات الأمنية اذ ان الوضع اليوم خطير جداً، وبدأت الامور تنزلق باتجاه الاشتباك على الارض”.

شارك المقال