محادثات فيينا… توحش ليالي أنس بيروت 

هيام طوق
هيام طوق

أزمات اللبنانيين المستعصية تجعلهم يتأرجحون على حبال المفاوضات والمحادثات والتطورات الاقليمية والدولية اذ إن عيونهم اليوم شاخصة على المحادثات المتعلقة بملف إيران النووي في فيينا وما يمكن أن تسفر عنه من تداعيات وانعكاسات على الوضع اللبناني خصوصاً ان ايران خسرت الكثير من أوراقها في المنطقة باستثناء لبنان الذي يبقى الخاصرة الرخوة وورقة التفاوض الرابحة في المحادثات في وقت يعاني البلد من تعطل الحياة السياسية كما انه على أبواب انتخابات نيابية يعول عليها المجتمع الدولي في التغيير.

المحادثات التي استؤنفت الاثنين بعد توقف 5 أشهر، وشاركت فيها الى إيران، روسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، تضمنت جلستين أساسيتين، الأولى لرفع العقوبات، والثانية لتطورات البرنامج النووي وفقاً للمنسق الأوروبي إنريكي مورا. وجاء إحياء الاتفاق النووي الإيراني المبرم عام 2015 في وقت يثير فيه التقدم بالبرنامج، الشكوك حول تحقيق انفراجة لإعادة طهران والولايات المتحدة إلى الامتثال الكامل للاتفاق بعد انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018، في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب حيث انتهكت إيران العديد من قيود الاتفاق، لإطالة الوقت الذي ستحتاجه لإنتاج ما يكفي من المواد الانشطارية، التي تمكنها من صنع قنبلة نووية.

وفي وقت تحدث فيه المبعوث الروسي والمنسّق الأوروبي ميخائيل أوليانوف عن أجواء إيجابية في نهاية اليوم الأول من المفاوضات، أشار وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى أن بلاده دخلت في المباحثات بجدية وحسن نية، وتسعى للوصول إلى اتفاق جيد.

وإذا كانت المحادثات تجري حول رفع العقوبات عن ايران بما يسمح بالافراج عن قسم من أرصدتها في الخارج ويسهّل إمكانية استيرادها وبيع مخزونها من المشتقات النفطية، فإن المطلوب منها في المقابل توقيف عملية التخصيب بنسب أعلى من حاجتها، وبيع الفائض من المخصب الذي تنتجه، والسماح لمفتشي الوكالة الدولية بالعودة الى عملهم وفق الآلية السابقة. ويعوّل بعض اللبنانيين على هذه المحادثات في حين ان بعضهم الآخر يعتبر أن النتائج ليس لها تداعيات وانعكاسات على الداخل اللبناني لا سلبا ولا ايجابا.

لبنان صندوق بريد

ورأى عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب فيصل الصايغ ان “التعقيد بدأ قبل المحادثات اذ ان كل فريق يظهر نقاط القوة لديه. الايراني في الشهرين الاخيرين أظهر نقاط قوته في لبنان سياسيا من خلال التأزيم على الصعيدين القضائي والحكومي، وفي العراق من خلال الانتخابات النيابية وعدم اعلان النتائج بشكل نهائي ورسمي والتصعيد العسكري في اليمن والتحرك في الجنوب السوري على الحدود الاسرائيلية. وبالتالي، الايراني أظهر أوراقه قبل المحادثات، وانعكس ذلك على لبنان”، متسائلاً: “لماذا يكون لبنان دوما صندوق بريد للصراعات الاقليمية والدولية؟ فلنكن ساحة لقاء وليس ساحة صراع لكن للاسف الارادة اللبنانية مخطوفة”.

وأشار الى ان ” كل فريق ينطلق من معطيات مختلفة في المحادثات اذ ان الايراني يريد البحث فقط بالاتفاق النووي في حين ان الاميركيين والاوروبيين يريدون ان تتمحور المحادثات حول مواضيع عدة، ومنها الاتفاق النووي والنفوذ الايراني خارج ايران والصواريخ والطائرات المسيرة. المحادثات لن تكون سهلة ولبنان سيعاني في هذه المرحلة ان كان من نتائج ما قبل المفاوضات وان كان من نتائج المفاوضات”.

وشدد الصايغ على ان “الحل أن ننأى بأنفسنا عن هذه الصراعات، ولا نتحول الى صندوق بريد وإلا نصل الى نتيجة كالتي وصلنا اليها حالياً من انهيار اقتصادي وتفلت أمني وفوضى. ولبنان لا يستطيع أن يتحمل أن يكون ورقة في الصراعات الكبرى. على السلطة ان تخرج نفسها من الصراع بطريقة أو بأخرى وإلا سنستمر في الخلاف مع دول الخليج ومع دول العالم”. 

المحادثات لن تؤثر في لبنان

عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب وهبي قاطيشا رأى ان “محاثات فيينا لن تظهر نتائجها بين ليلة وضحاها ثم من قال ان الورقة اللبنانية ستكون على طاولة البحث؟ لذلك، نتائج المحادثات لن تؤثر في لبنان لا سلبا ولا ايجابا، وعلى المسؤولين اللبنانيين حل المشاكل الداخلية، متسائلا: هل كان للمفاوضات منذ الـ2015 انعكاسات وتداعيات على لبنان؟”.

واعتبر قاطيشا ان “السياسيين يعملون على ايهام الناس والهائهم عن أمورهم الحياتية اليومية والذين أصبحوا معلقين بحبال الهواء. على السلطة في الوقت الراهن إيجاد الحلول أقله على المستوى المعيشي لأن الناس يحترقون بنار الأسعار”. 

المحادثات ستؤسس لمرحلة جديدة

اعتبر رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض ان “حركة التاريخ في لبنان كانت دوما تتأثر بالتطورات الاقليمية والدولية. وأستذكر كلاما للرئيس كميل شمعون الذي كان يقول اذا أردنا معرفة ماذا سيحصل في بيروت علينا مراقبة ما يجري في بغداد”.

ورأى ان “ما حصل على مستوى الانتخابات النيابية في العراق له تداعيات كبيرة على المنطقة المترابطة مع الحراك الايراني المتأزم في الآونة الاخيرة. لا شك في ان المباحثات بين الأميركيين والايرانيين تدل على معطيات جديدة في المنطقة، وستؤسس لمرحلة جديدة، والانكفاء العربي الخليجي والسعودي عن لبنان يرتبط بشكل مباشر بنتائج هذه المحادثات بخاصة انه لا يمكن قراءة هذه التطورات التي تحصل في فيينا الا من زوايا ثلاث: الاولى، الزاوية الاميركية وهي وضع سقف شروط محدد من زمن ادارة ترامب، وادارة بايدن تسير وفق هذا السقف. الثانية، هذه المحادثات سترخي بظلالها على وضعية الميليشيات الشيعية في المنطقة (سوريا ولبنان واليمن والعراق). الثالثة، المحادثات عند انتهائها أكانت سلبية أم إيجابية ستحدد مصير الخريطة الجيوسياسية في المنطقة ومنها لبنان”.

وختم محفوض: “لبنان بحالة انتظارية، لذلك نرى حالة الكوما الحكومية، وكلام رئيس الجمهورية الأخير حول امكانية استمراره في قصر بعبدا والتوتير الذي يلجأ اليه “حزب الله” انطلاقاً من الضياع الحاصل في المنطقة وهو الذي يتحرك على ايقاع الروزنامة الايرانية، مشددا على اننا لو كنا نعيش الحياد الايجابي في لبنان لما تأثرنا بالتطورات والمحادثات الخارجية، لكن “حزب الله” جرّ البلاد الى لعبة المحاور، وبالتالي، المحادثات ستؤثر في لبنان سلباً أو ايجاباً”.

شارك المقال