صادرات “حزب الله”

عالية منصور

قبل أيام أعلنت المملكة العربية السعودية إحباط محاولة لتهريب مليونين و466 ألف قرص مخدر كانت مخفية داخل شحنة رمان آتية من لبنان. وعلى إثر ذلك، اتخذت المملكة قراراً بمنع دخول الخضروات والفواكه اللبنانية إلى البلاد أو العبور من خلال أراضيها، وأعلن السفير السعودي في لبنان وليد البخاري، عبر حسابه على تويتر أن “إجمالي ما ضبط من المواد المخدرة من لبنان منذ بداية عام 2020 حتى شهر أبريل (نيسان) 2021، بلغ 57,184,900 حبة”.

وقبل عام من هذا الإعلان، وتحديداً في نيسان 2020، ضبطت الشرطة الروسية شحنة مخدرات بقيمة تتجاوز 200 ألف دولار في بلدة معربا بريف دمشق، تعود لأحد قيادات “حزب الله” مجهزة للبيع في أسواق سوريا آتية من لبنان. حينها لم يُعِر أحد الخبر الاهتمام اللازم.

وبين الخبرين، كُشف وأُعلن مرات عديدة عن تورط “حزب الله” في تجارة المخدرات، فالسلطات الإيطالية تمكنت من ضبط نحو 15 طناً من الكبتاغون، تبين أن “حزب الله” وراءها، بحسب ما أفادت وكالة “نوفا” الإيطالية. كذلك فعلت ليبيا ونيجيريا وغيرها، وقبلها تحدثت صحيفة “دير شبيغل” الألمانية عن تورط الحزب ببيع المخدرات في الخارج وخاصة في كولومبيا. فيما ذكرت صحيفة “إندبندنت” الشهر الماضي في تقرير عبر نسختها الفارسية، أن شخصيات بارزة تابعة لـ”حزب الله” وميليشيات إيرانية أخرى تقوم بتصنيع وتجارة المخدرات داخل الأراضي السورية. وأكد التقرير أن الحزب يقوم بإنتاج المخدرات وتوزيعها في جميع أنحاء الأراضي السورية، حيث يدير عدداً من مصانع الأدوية التي توقفت عن العمل، لإنتاج آلاف الأقراص المخدرة، وأن المعدات اللازمة لتصنيع الكبتاغون نقلت من لبنان بواسطة عناصر الحزب، ما أدى لتوسع عملية الإنتاج والتهريب في سوريا.

في الواقع، أن نشاط “حزب الله” في تجارة المخدرات ليس جديداً، بل يعود إلى تسعينيات القرن الماضي، عندما قام عماد مغنية باستحداث مصدر جديد للتمويل إضافة إلى الأموال التي يتلقاها الحزب من إيران. وحتى أن “إدارة مكافحة المخدرات” المسؤولة عن “مركز عمليات مكافحة الإرهاب” التابعة لـ”شعبة العمليات الخاصة” (تحت مظلة وزارة العدل الأميركية)، بدأت بمتابعة نشاط الحزب المتعلق بتجارة المخدرات وتبييض الأموال والتي ينتج عنها تمويل عمليات إرهابية منذ أكثر من ثلاثين عامًا. ولكن الجديد هو حجم صناعة وتجارة المخدرات وحبوب الكبتاغون في السنوات الاخيرة وخصوصاً بعد عام 2011، حيث ازداد نشاط الحزب بتصنيع المخدرات وإغراق الأسواق العربية به بشكل ملحوظ، لاسيما بعد سيطرته على معامل وأراضٍ سورية وتحويلها بالتعاون مع نظام الأسد إلى معامل لإنتاج كميات كبيرة من الكبتاغون، بهدف تصديرها إلى بلدان مجاورة، وحتى إغراق عدد من المناطق السورية بها. وما سرّب من معلومات من أن شحنة الرمان في الأساس آتية من سوريا، ليست سوى دليل إضافي على الشراكة بين الطرفين في تجارة المخدرات.

ومن المعلوم أن صناعة الكبتاغون انتشرت بشكل كبير مؤخراً في المناطق التي يسيطر عليها “حزب الله” ومجموعات من النظام السوري في مناطق القصير وريف دمشق. وأن هدف تجارة المخدرات هو تمويل نشاطات “حزب الله”، إلا أنه ومنذ اندلاع الثورة السورية صار من الواضح لأي مراقب أن تصنيع وتوزيع الكبتاغون ليس الهدف الوحيد منه الحصول على تمويل، بل باتت هذه الحبوب تُستهلك لإغراق الدول العربية وخصوصاً التي تقف في وجه المد الفارسي والمشروع الإيراني في المنطقة، وعلى ما يبدو، فإن هذا الموضوع لا يقل خطورة عن الصواريخ الباليستية على المدى الطويل، ولا بد من إيلائه الاهتمام اللازم، وإن رأى البعض أن قرار المملكة بوقف دخول الشاحنات اللبنانية إلى أراضيها سيدفع ثمنه المزارع اللبناني. إلا أن هذه القرار قد يكون الأنسب طالما أن “الدولة” اللبنانية غير قادرة على ضبط حدودها ونشاط “حزب الله” عبرها، من تصدير مقاتلين وإرهايين إلى تصدير المخدرات.

شارك المقال
ترك تعليق

اترك تعليقاً