إسرائيل تراهن على فقدان إيران وكلاءها في المنطقة

لبنان الكبير

يفرض هجوم الحوثيين الأخير على أهداف استراتيجية في الخليج، تساؤلات حول مدى إمساك إيران بزمام الأمور وسيطرتها على وكلائها، حسب قراءة إسرائيلية لوضع إيران في المنطقة. وإذ يركز التحليل على “نظام الوكيل” الإيراني، يراهن على أن اغتيال قاسم سليماني ترك إيران بمواجهة بعض العيوب خصوصا حول قدرة وكلائها على الإستغناء عن مساعدتها العسكرية أو قيامهم بأنشطة قد لا تتناسب بالضرورة مع الرغبات الإيرانية.

وحسب التحليل، “استخدم سليماني القدرات اللوجيستية الإيرانية وصناعاتها العسكرية المتقدمة بهدف بناء وتعميق العلاقات بين إيران وأي منظمة مستعدة للمساهمة في خدمة الأهداف الإيرانية في جميع أنحاء العالم، وذلك من خلال دفع خطر الحرب بعيدا عن الحدود. ويجبر هذا التكتيك أعداء إيران على الانخراط في الحرب ضد الوكلاء (وليس ضد إيران بشكل مباشر)، ربما خشية من إطلاق ديناميكية تتدهور إلى حرب. وتولى سليماني تحويل هؤلاء الوكلاء إلى منظمات ذات قدرات استراتيجية وقوة عسكرية. وأرسلت إيران أنظمة متقدمة إلى هذه المنظمات بالتزامن مع كميات هائلة من الأسلحة التقليدية. وفي السنوات الأخيرة، زادت المخاوف حول الدقة المتزايدة لهذه المنظمات، أضف إلى ذلك الاستخدام غير المسبوق لنظام الطائرات المسيّرة على مستوى واسع النطاق. وبذلك، أصبحت المنظمات تشكّل خطرا استراتيجيا حقيقيا. علاوة على ذلك، وبالتوازي مع حشودها العسكرية، عمّقت المنظمات المختلفة أنشطتها في الساحة السياسية، على افتراض أنه كلما كانت أقوى سياسيا، قلّ احتمال تعرّض قوتها العسكرية للتهديد محليا.

وستعزز هذه المنظمات من قوة إيران لأنه بدلا من شن حرب ضدها مباشرة، سيتعين على المهاجم عبور الحزام الدفاعي الإيراني الممتد من لبنان عبر سوريا واليمن”.

ما الذي تغير؟

ويراهن التحليل على أن “الوضع ما عاد على حاله في السنوات الأخيرة وحتى في العام الماضي، إذ طرأت تغييرات كبيرة تؤثر بشكل مباشر في كيفية التعامل مع التهديد، تحديدا بين إيران وعملائها. وبشكل عام، يبدو أن المزيد من الأفعال التي يقوم بها هؤلاء الوكلاء، تتعارض مع المصالح الإيرانية. ومن الأمثلة على ذلك محاولة اغتيال رئيس الوزراء العراقي، والتي يبدو أن إيران لم تدعمها، وبعض أنشطة الحوثيين التي تتعارض مع الجهود الإيرانية للتقرب من أبو ظبي. وتشمل التغييرات الرئيسية التي سمحت للوكلاء بالتفلّت في بعض الأحيان من السلطة الإيرانية، وفاة سليماني بسبب مكانته وقوته وصورته وأجندته التي تفرض على تلك المنظمات التأكد من العمل بما يتلاءم مع مصالح إيران ولا يتعارض معها.

وغيّرت هوية خليفة سليماني، العلاقات بين إيران ووكلائها بشكل كبير، مع تصنيفه كشخصية أضعف بكثير من سليماني بشكل يضرّ بالتوازن بين المركز (أي إيران) والمحيط (أي الوكلاء). ويبدو أن هذه المنظمات أصبحت أكثر استقلالية عن طهران، وهذا بالطبع لا يعني نفور الوكلاء من الجمهورية الإسلامية، لكن شعورهم بأنهم أقل التزاما بمصالحها المباشرة. وفي الوقت عينه، هناك عناصر أخرى في إيران انخرطت في العلاقات مع الوكلاء (وهو أمر لم يكن من الممكن أن يحدث خلال سنوات سليماني) بالتأكيد في العراق، بطريقة تضرّ بقدرة إيران على السيطرة على هذه المنظمات.

كما برزت ظاهرة جديدة إذ يتولى “الوكيل مساعدة الوكيل”. وفي السنوات الأخيرة، وبشكل أكثر تحديدا العام الماضي، ازداد اتجاه “المساعدة المتبادلة” بين الوكلاء، على سبيل المثال، مساعدة “حزب الله” لمكوّنات محور المقاومة. وقام هذا الأخير بتدريب الحوثيين على إطلاق المسيّرات المتفجرة وعلى تقنيات حرب العصابات في معسكرات تدريب متخصصة. كما أن المساعدة التي تقدمها المنظمات الشيعية لـ”حزب الله” عمّقت الالتزام المتبادل بين عناصر المحور، بغض النظر عن إيران (التي من المرجح أن تدعم هذا الاتجاه بقوة). وأدت حقيقة وجود حروب في اليمن وسوريا استخدم فيها الوكلاء مجموعة متنوعة من القدرات الى ترقية منحنى التعلم لهذه المنظمات بشكل كبير. وتحوّل الحزب من وكيل إلى شريك استراتيجي لطهران.

وعلى الرغم من أن وكلاء إيران في المنطقة سيحتاجون إلى مساعدة عسكرية إيرانية في المستقبل، من المتوقع أن ينخفض ​​الاعتماد على الأسلحة الآتية من إيران إذا توسّع اتجاه الإنتاج الذاتي. وسجلت الحرب الأهلية في سوريا تطورا هاما آخر، اذ فتحت الباب أمام “حزب الله” والميليشيات الشيعية في العراق وأطراف أخرى لإحكام قبضتها على البلاد”.

شارك المقال