تريّث الرد العربي… فرصة لبنان للتقدم أو التأزم

هيام طوق
هيام طوق

التريّث عنوان المرحلة الحالية التي ينتظر فيها اللبنانيون ردّ الدول العربية والخليجية على الردّ اللبناني على الورقة الكويتية التي أتت باسم المجموعة العربية والخليجية والدولية، إذ أشارت المعطيات الى أن رد لبنان لم يكن مقنعاً ولم يرقَ الى حجم البنود التي تضمنتها الورقة، وبالتالي، أتى الموقف رمادياً، تدويرياً للزوايا، متحاشياً الاجابة الصريحة والمباشرة على البنود التي اعتبرت هامة وحساسة خصوصاً تلك المتعلقة بالقرارات الدولية ولا سيما القرارين 1559 و1701، وإجراءات الحكومة لمنع “حزب الله” من الاستمرار بالتدخل في حرب اليمن.

وبعدما انتشرت معلومات عن أن وزراء خارجية الدول العربية سيعلنون الموقف الرسمي بهذا الخصوص خلال أيام معدودة، أكّد مطلعون على الملف لـ”لبنان الكبير” أن “الأجواء توحي بأن الرد لن يكون قريباً، وربما يكون التريّث بناء لطلب كويتي في عدم التسرع لأسباب عدة داخلية وخارجية، ومنها مراقبة ورصد تطور خطاب حزب الله تجاه الدول الخليجية، وافساح المجال أكثر أمام لبنان وحكومته وشعبه الذين باتوا يستشعرون أكثر من أي وقت مضى تأثير المقاطعة الخليجية، ولا يمكنهم تحمل تداعيات أي اجراءات جديدة، خصوصاً أن القسم الأكبر غير مقتنع بسلوك حزب الله لكن ليس في يده حيلة. وعلى الصعيد الخارجي، فالمنطقة تشهد تطورات على أكثر من صعيد، وربما يكون التريث الخيار الأفضل في هذه المرحلة ويمكن أن يستمر ليس الى ما بعد الانتخابات النيابية المقبلة كما يجري التداول، انما الى ما بعد بلورة نتائج محادثات فيينا”.

واعتبر المطلعون أن “التريّث العربي يأتي لصالح لبنان في ظل الظروف الصعبة والدقيقة التي يمر بها لأن الرد سيكون سلبياً، ويؤدي الى إرباك في الداخل اللبناني قد يتسبب بتفجير الوضع غير المستقر على المستويات كافة”.

شربل: الموضوع أكبر من لبنان

ورأى الوزير السابق مروان شربل أن “تأجيل الرد العربي يعود لسببين جوهريين: أولاً، الانتخابات النيابية اذا حصلت والانتخابات الرئاسية كي ترى الدول العربية الى أين ستميل دفة الحكم وإن كان سيحصل التغيير. ثانياً، المفاوضات بين السعودية وايران وبين ايران والولايات المتحدة الاميركية حول الاتفاق النووي”.

وشدّد على أن “الأمور عندما تُحل بين ايران والولايات المتحدة، تُفتح نافذة مهمة للتفاوض حول الحرب اليمنية – السعودية، حينها نرى حلولاً وتبادلاً لديبلوماسيين بين ايران والسعودية، ويتم حل موضوع سلاح حزب الله بحيث تهتم ايران بهذا الشأن في حال حصل التفاهم على كل القضايا، لكن لا يجوز نزع السلاح الآن”.

وأكد أن “الموضوع سياسي وأكبر من لبنان، ونحن لعبة صغيرة في يد العالم من حولنا، معتبراً أن التشدد تجاه لبنان وكأنه ضرب للميت. لبنان في حالة موت”.

عبد القادر: التأخير العربي فرصة للبنان

من جهته، اعتبر العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر أن “التأخير العربي في الرد هو اعطاء فرصة للبنان في زمن الاستحقاقات الصعبة، ومنها الموازنة والانتخابات النيابية والمباحثات مع صندوق النقد الدولي، اذ دعت الحكمة بعض الأطراف العربية الى تأخير الرد الذي سيحرج الساحة اللبنانية أكثر فأكثر”.

وقال: “تزامنت الورقة الكويتية مع خلط الأوراق في الداخل اللبناني بعد تعليق الرئيس سعد الحريري العمل السياسي. من جهة أخرى، المنطقة كلها في انتظار استحقاقات معينة من دون أن ننسى التعقيدات القائمة في الدول العربية كالقصف الحوثي للامارات والوضع السياسي المتأزم في العراق والتصعيد الاسرائيلي الحاصل على الجبهة السورية، واشكالية مشاركة سوريا في القمة العربية المقبلة. كلها تعقيدات لبنانية وعربية ودولية تشكّل أسباباً ضاغطة لتأخير الرد العربي”.

ورأى أن “التأخير لصالح لبنان لأن الرد العربي سيأتي سلبياً جداً ومربكاً ومؤثراً في الوضع السياسي الداخلي وربما يؤدي الى نوع من الضغط يتسبب بتفجير الوضع المستجد بعد ظهور داعش وقدرتها على تطويع بعض الشباب اللبناني، مشدداً على وجوب انتظار بلورة وضع جديد اقليمياً بدءاً من نتائج مؤتمر فيينا الذي سيكون موعداً مفصلياً لبلورة موقف عربي جديد”.

فواز: التريث لتخفيف الضغط عن لبنان

بدوره، لفت الكاتب والمحلل السياسي إيلي فواز الى أن “هناك أسباباً عدة أدت الى تأجيل الرد العربي في ظل المتغيرات التي تحصل في المنطقة خصوصاً أن هناك حديثاً عن اقتراب انتهاء محادثات فيينا وما لها من تداعيات على المنطقة. كما أن ما يحصل في الامارات من هجوم متكرّر للحوثيين، وزيارة الوسيط الأميركي لترسيم الحدود والاهتمام الدولي خصوصاً الأميركي بلبنان، كل ذلك أدى الى فرملة الرد العربي إلى حين، وذلك تخفيفاً للضغط على لبنان غير القادر على تنفيذ بنود الورقة وتحديداً تلك المتعلقة بالقرارات الدولية”.

وأشار الى أن “المعلومات تقول ان الجانب الكويتي لا يريد التشدد أو الضغط على لبنان في هذه المرحلة، معرباً عن اعتقاده أن الرد العربي لن يكون تأثيره أقسى مما رأيناه سابقاً، ولا بد من ايجاد حل وسط في مكان ما بانتظار التطورات وبلورة المحادثات الاقليمية”.

شارك المقال