ميقاتي في شباك تصريحاته… جريمة وإهانة للبنانيين

هيام طوق
هيام طوق

توجهت الأنظار أول من أمس الى جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا التي انتهت بإقرار موازنة العام 2022، وخرج منها رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مرتاحاً، متحدثاً الى الاعلاميين عن “الموازنة المتوازنة” التي هي خطة للتعافي، والخطوة الأولى في مسار التصحيح المالي، وأن التوجه العام هو الاهتمام بالنواحي الاجتماعية والمعيشية وتسهيل أوضاع المواطنين وشؤونهم الصحية والرعائية.

الى هنا، كاد الأمر يمر على مضض خصوصاً أن الناس قرفوا من الطبقة السياسية التي “سلخت جلدهم عن جسمهم”، وأذاقتهم كل أنواع المرارة، واحتجزت أموالهم في المصارف، وأفقرتهم الى حد الجوع، وهم لا ثقة لهم بكل التدابير والاجراءات الآتية من “جمهورية جهنم” ومن “الجهنميين”. إلا أن قول ميقاتي: “ما بقى نقدر نعطي كهربا وإتصالات ببلاش لأن ما بقى في مصاري. وإذا قال المواطن أموالي في المصارف سنقول له معك حق بس بدنا نتحمل بعضنا”، أثار غضب الناس الذين طفح بهم الكيل الى حد اعتبارهم “أننا رضينا بالمصيبة والمصيبة ما رضيت فينا”. وأصبح هذا الموقف حديث الساعة، كما انشغل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات الساخرة مثل: “من يملك 3 مليارات دولار يطلب من الناس الجائعة أن نتحمل بعض” أو “طول يخت الرئيس ميقاتي 80 متراً، وبدنا نتحمل بعض”، أو “استاذ نجيب هل يمكن استدانة 1000 دولار الى آخر الشهر كي أصمد وأتحمل غيري”، أو “شكراً على الحلول الذكية”.

وحسب المحللين، فإنه من غير المقبول أن يصدر مثل هذا التصريح من رئيس حكومة بدا وكأنه مفصول عن الواقع، ولا يعرف معاناة شعب يعيش أسوأ الأزمات في تاريخه بسبب السلطة الحاكمة التي سرقت من جيبه مليارات الدولارات ولا كهرباء حتى اليوم، ويدفع باهظاً ثمن فاتورة الخلوي.

كلام ميقاتي جريمة بحق الشعب

ورأى الناشط والمحلل السياسي سمير سكاف أن ما صرح به الرئيس ميقاتي هو “نوع من ألزهايمر حكومي. تحدث عن أمور وبدا كأنه مفصول عن الواقع ولا يعلم أين تكمن المشكلة. لا يمكن تبرير ما قاله، وبدا كأنه يعيش على كوكب آخر. إذا لم يعرف الى أين وصل اللبنانيون، فالمشكلة كبيرة”، واصفاً تصريحه بأنه “جريمة بحق الشعب اللبناني”.

وقال: “الرئيس ميقاتي يخطئ بتشخيص الماضي عندما قال انه لم يعد باستطاعتنا اعطاء الكهرباء ببلاش. هنا نسأل: متى وصلت الكهرباء الى اللبنانيين من دون أن يدفعوا رسوماً؟. اللبنانيون دفعوا أكبر فاتورة كهرباء في التاريخ بكلفة 50 مليار دولار كما يدفعون فواتير المولدات الكهربائية بأثمان باهظة جداً بسبب سوء ادارة الملف على مدى السنوات الماضية”.

وأشار الى “أننا ندفع في الاتصالات، أغلى فاتورة خلوي في العالم بغض النظر عن الدهاليز والمحاصصات في شركتي الخلوي والانترنت، معتبراً أن ما يحصل سرقة ممنهجة”.

وشدد سكاف على أن “أيوب لم يتحمل كما يتحمل اللبنانيون بعد كل ما رأيناه من الطبقة السياسية”، متسائلاً: “كيف يطلبون اليوم من الناس الصبر بعد أن أوصلوهم الى جهنم وخسروهم أموالهم وطموحهم ومستقبلهم وسيادة وطنهم؟”. وأكد أنه “على الطبقة السياسية الرحيل لأنها ليست عاجزة عن الاصلاح فحسب، بل لا تريد وليست لديها النية”.

هرطقة سياسية وإهانة للبنانيين

بدوره، اعتبر الناشط السياسي مكرم رباح أن “قمة الوقاحة والهرطقة السياسية أن يصدر هذا الكلام عن رئيس حكومة في بلد مفلس وشعب جائع. انها اهانة للبنانيين وكأننا شحاذون أو تخلفنا عن دفع الفواتير والضرائب”، لافتاً الى أن “كل ما دفعناه ذهب الى تمويل خطتهم في السرقة والنهب. انهم يتواطؤون في الاستمرار بتجويع الناس والضحك على عقولهم”.

وأشار الى أن “الرئيس ميقاتي كان يتوجه الى صندوق النقد وليس الى الشعب وكأنه يريد أن يقول له ان الشعب لا يدفع المستحقات المتوجبة عليه، ونحن متعاونون معكم لكن الناس يرفضون دفع الضرائب. صندوق النقد يعتبر أن الدولة موجودة في حين أنها غير موجودة. المشكلة في السلطة وليست في الناس”.

وأكد “أننا وصلنا الى مرحلة لا يمكنننا فيها تحمل أي اجراء جديد. الرئيس ميقاتي يحاول أن يتنصّل من مسؤوليته ويتذاكى على الشعب وهو ذكي لكنه يستخدم ذكاءه للشر وليس للخير”.

استغلال في السياسة

من جهة أخرى، شدد مصدر مقرب من الرئيس ميقاتي على أن “الرئيس يوصّف الواقع والوضع القائم، وهدفه استمرارية القطاعات لتأمين الحد الأدنى من الخدمات للناس لأن هناك صعوبة في استمراريتها بالطريقة التي تسير بها، داعياً من يملك حلولاً منطقية، الى أن يتفضل ويقدمها”.

ولفت الى أن “الرئيس ميقاتي لا يتحمل تراكمات 30 سنة التي نعيشها حالياً كما أنه يعمل على الجانب المعيشي الذي يأخذ الحيز الأكبر من عمله اليومي، وهو يريد أن تبقى عجلة القطاع العام تسير والا توقفت كل الدولة”.

وقال: “لا ندافع عن الرئيس ميقاتي انما الانصاف واجب. هو يريد استمرار العجلة وألا تتوقف كي تكون لدينا في مرحلة لاحقة خطة نهوض، وعلى أساسها يتم انعاش القطاع الاقتصادي وتذهب الأمور بالاتجاه الصحيح، وهذا يتطلب وقتاً”.

أضاف: “الرئيس ميقاتي عندما قال ما قاله، انطلق من خوفه على الناس لأنه عندما نصبح بلا كهرباء ولا اتصالات ستتوجع الناس أكثر”. واعتبر أن “استمرارية الصيغة التي كانت سابقاً في ملف الكهرباء انتهت، وحالياً ستكون هناك دراسة معمقة ومستفيضة حول موضوع السلفة وأحقيتها، ولا يجوز طلب سلفة تلو الأخرى”.

ورأى أنه “من الممكن أن يكون البعض يستخدم ما صرح به الرئيس ميقاتي ضده في السياسة، ويظهره كأنه غير معني بموضوع وجع الناس انما بالممارسة هو أكثر من يعنيه هذا الوجع، وقال ما قاله من حرصه على الناس، وارادته في استمرار الخدمات وألا ندخل في متاهة نعرف بدايتها ولا نعرف نهايتها”.

شارك المقال