هل بدأت الحرب السيبرانية بين روسيا والناتو؟

حسناء بو حرفوش

بالتزامن مع تزايد مخاوف الغرب من غزو أوكرانيا، تتصاعد التوترات السيبرانية والمخاوف من مواجهة دول الناتو للهجمات الإلكترونية والمعلومات المضللة مع تجمع القوات على الحدود الأوكرانية، بحسب ما نقل موقع صحيفة “بوليتيكو” الإلكتروني. وأصدرت وكالة الأمن السيبراني التابعة للاتحاد الأوروبي تحذيراً “أبلغت فيه عن ارتفاع كبير في تهديدات الأمن السيبراني لكل من المؤسسات الخاصة والعامة في الاتحاد الأوروبي.

وبينما يتدافع قادة الحكومات للتوصل إلى اتفاق ديبلوماسي لتجنب حرب شاملة في أوكرانيا، ترتفع التحذيرات من موجة محتملة من الهجمات الإلكترونية المدعومة من روسيا، والتي تهدف الى زعزعة الاستقرار في دول الناتو. وفي غضون ذلك، يخشى خبراء المعلومات المضللة في وكالة الأمن السيبراني من قيام موسكو بنشر روايات كاذبة عبر وسائل الإعلام التابعة للدولة لإثارة ذريعة للحرب من خلال تأجيج الادعاءات بأن كييف أو أعضاء الناتو يخططون قريباً لمهاجمة أهداف عسكرية روسية.

وشجعت سلطات الاتحاد بقوة جميع مؤسسات القطاعين العام والخاص في الاتحاد الأوروبي على تبني أفضل ممارسات الأمن السيبراني لتجنب التعرض للاختراق. ويأتي التحذير في أعقاب رسائل مماثلة في الأسابيع الأخيرة، من وكالات الإنترنت عبر الناتو ومن الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة وهولندا وغيرها من هيئات مراقبة الأمن السيبراني الوطنية. وسطر التحذير الأميركي استخدام الحكومة الروسية الإنترنت كمكون رئيسي في عرض قوتها على مدى العقد الماضي، بما في ذلك أوكرانيا سابقاً.

وعارض خبراء الإنترنت تسمية هذه الاضطرابات والهجمات بـ “الحرب الإلكترونية”. وحتى الآن، لم يحدث أي ضرر كبير في العالم الحقيقي من خلال هذه الهجمات الرقمية، على الرغم من أن جيش الكرملين من المتسللين الرقميين استهدف بشكل متكرر البنية التحتية الأوكرانية منذ صراع 2014 على شبه جزيرة القرم. ومع ذلك، يحذر خبراء أمنيون من أن الضغط الذي فرضته هذه الهجمات على الحكومات والاقتصادات الغربية يصب في مصلحة خصوم مثل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

واستخدمت الجهات الفاعلة الروسية، في السنوات الأخيرة، قدراتها الهجومية وسط تطورات جيوسياسية محددة للمصالح الروسية. ويمكن أن يؤدي الوضع المتصاعد في أوكرانيا إلى آثار غير مباشرة، قد تؤثر على مصالح الاتحاد الأوروبي. وأشار تقرير من نهاية شهر كانون الثاني، اطلعت عليه صحيفة “بوليتيكو”، إلى أن المتسللين الروس قد يعطلوا الدول الغربية، كما حدث عندما عطلوا شبكات الطاقة الأوكرانية في 2015 و2016، كما قد يستخدموا الهجمات الإلكترونية والمعلومات المضللة للتأثير على الرأي العام واكتساب معلومات استخباراتية.

وحذرت السلطات الأوروبية من هجمات محتملة من “خمس جهات تهديد رئيسية منسوبة إلى روسيا على الأقل”، بما في ذلك مجموعات القرصنة المعروفة باسم Fancy Bear و Cozy Bear و Turla

و Sandwormو Berserk Bearوالتي شوهدت كلها، باستثناءSandworm ، نشطة في الاتحاد الأوروبي في العام 2021. ويُعتقد أن شركة Cozy Bear وراء هجوم سلسلة التوريد على برنامج أوريون الخاص بـ سولار ويندز. ويعتقد بالفعل أن موسكو وراء سلسلة من الهجمات التي استهدفت مواقع الحكومة والمنظمات الأوكرانية في الشهر الماضي، والتي تضمنت نشر معلومات مضللة وبرامج ضارة سعت الى محو البيانات، وفقاً لأجهزة الأمن الأوكرانية وشركة التكنولوجيا الأميركية “مايكروسوفت”.

وربطت مجموعات القرصنة الروسية بهجمات إلكترونية في دول البلطيق وبولندا وألمانيا وفي جميع أنحاء أوروبا في السنوات الماضية، وكذلك باختراقات كبيرة على غرار تلك التي تم تنفيذها ضد الحملة الرئاسية لإيمانويل ماكرون في العام 2017 والبوندستاغ الألماني في العام 2015. ومع تنامي خطر الغزو الروسي لأوكرانيا منذ كانون الأول، لجأ الكرملين إلى وسائل الإعلام التي تدعمها الدولة للترويج للرواية الرسمية التي تقول بأن روسيا مسالمة ودول الناتو هي المعتدية. وتظهر مراجعة “بوليتيكو” للحسابات التابعة لقناتي الإعلام الرسميتين الروسيتين RT و Sputnik أن الحديث عن هجوم وهمي ضد القوات التابعة لروسيا بدأ منذ أواخر كانون الثاني، وأن هذه المزاعم تُطلق في أوروبا الغربية. ويمكن أن يستخدم مثل هذا الهجوم كذريعة لروسيا لشن تحرك عسكري ضد أوكرانيا.

واتهمت وسائل الإعلام الوطنية في الكرملين الولايات المتحدة وحلفاءها في الناتو بالتخطيط لهجمات بالأسلحة الكيماوية على الانفصاليين الأوكرانيين، وهي مزاعم نفتها واشنطن وعواصم غربية أخرى. وفي وقت سابق من هذا الشهر، حذر كبار المسؤولين الأميركيين من أن الكرملين قد ينفذ عمليات زائفة، من خلال تداول مقاطع فيديو كاذبة تصور انفجارات مميتة على نطاق واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كذريعة للحرب.

ومع ذلك، تجد الوكالات الغربية نفسها في وضع غير مؤات بشكل كبير عند محاربة التضليل المدعوم من الكرملين، حيث تنتشر الكثير من هذه الروايات الكاذبة عبر منافذ إخبارية تابعة للحكومة الروسية بميزانيات ضخمة وبمتابعين تصل أعدادهم الى الملايين على وسائل التواصل الاجتماعي. بينما في المقابل، جاءت معظم الروايات الغربية مباشرة من المتحدثين الرسميين والمؤتمرات الصحافية التي تفتقر إلى البريق نفسه مثل دليل الكرملين للمعلومات المضللة المنظم جيداً والمنسق جيداً، حيث استثمر التخطيط والتمويل بشكل كبير ومنذ سنوات للوصول إلى جمهور عالمي هائل على الإنترنت”.

شارك المقال