لبنانيون في بوخارست يستنفرون لايواء الهاربين من أوكرانيا

تالا الحريري

مأساة جديدة يعيشها اللبنانيون في بلاد الاغتراب، فهجرتهم من بلدهم هرباً من أزماته وجشع حكامه لم تنقذهم من خطورة الأوضاع الأمنية الدولية. واجهتهم الحرب الروسية – الأوكرانية ولم تحرك الدولة اللبنانية ساكناً لنجدتهم، فلم يجدوا حلّاً سوى اللجوء الى الدول المجاورة لأوكرانيا هرباً من القصف المستمر، ومنها رومانيا التي أعلنت سلطاتها فتح حدودها البرية لاستقبال الوافدين من أوكرانيا.

وعلى الرغم من لامبالاة الدولة، لم يتخلّ اللبنانيون عن بعضهم البعض، فقد انطلقت منذ أيام مبادرة أصحابها شبّان لبنانيون موجودون في رومانيا لاستقبال اللبنانيين الهاريين من أوكرانيا ومساعدتهم وتأمين احتياجاتهم، ونشروا أرقام هواتفهم على مواقع التواصل الاجتماعي من أجل تقديم المساعدة لمن أراد.

هذه المبادرة الانسانية أطلقها شاب يدعى هادي عبود المتواجد في بوخارست عاصمة رومانيا، وشرح لـ “لبنان الكبير” كيفية اطلاقها، قائلاً: “نحن مجموعة من الشباب نتردد على المقهى نفسه دائماً، عرضت هذه الفكرة عليهم، ورحّب الجميع بها وتجاوبوا معها. بعد ذلك، وضعت منشوراً على حسابي الخاص عبر فيسبوك بخصوص إطلاق هذه المبادرة، ثمّ تواصلت مع موقع بنت جبيل وأرسلت له أرقام هواتفنا الشخصية”.

أضاف: “بدأنا نستقبل اللبنانيين الهاربين في بوخارست منذ أيام، فالسفارة اللبنانية لم تتحرك بسبب العطلة الرسمية، وسمعنا أنها ستباشر تحركها ابتداءً من الاثنين. كلّ من لديه مساحة في بيته وليست لديه عائلة كبيرة نضعها في متناول اللبنانيين، يعني نستقبلهم في بيوتنا. ويبقى موضوع الطيران الذي لا نعرف كيفية التنسيق بشأنه، فهناك عدد من الأشخاص يريدون العودة الى لبنان ونحن نعمل على تأمين احتياجاتهم قدر المستطاع”.

ومن الشبان المشاركين في هذه المبادرة شربل رفول الذي قال: “سيصل 40 شخصاً بين اليوم والغد، ونحن نقوم باستقبالهم في بوخارست لعدم تمكننا من الذهاب الى الحدود لنأتي بهم، فهذا أمر صعب”.

أضاف: “بعض الأشخاص الرومانيين يقومون بالتبرع، الى جانب السفارة اللبنانية، وهناك متطوعون آخرون كالفنادق وغيرها”. وأشار الى أن “هذه المبادرة انسانية ولجميع اللبنانيين من دون أي تمييز طائفي”.

وأوضح أحمد حمود أن “هناك شباناً وعائلات وصلوا بسرعة وآخرون لا يزالون يعانون من الازدحام على الحدود، بحسب أي حدود يعبرون منها. ومن يصل الى بوخارست نجهز له فوراً سكناً في شقق الشباب الموجودين أو في فنادق. وبالنسبة الى المصاريف، فمن لا يملك المال نؤمن له سكناً ونتواصل مع السفارة لتأمين عودته الى لبنان، ومن يملك المال يتحرك كيفما يريد، ولكن نحن نكون أنجزنا مهمتنا كصلة وصل”.

ومن بين النازحين اللبنانيين من أوكرانيا الى رومانيا الشابة ميرا الكور التي قالت لـ”لبنان الكبير”: “كنّا في اوديسا حيث الأجواء هناك هادئة أكثر من العاصمة كييف وباقي المدن، ولكن يوماً بعد يوم بدأنا نشعر بأنّ الوضع يسوء وأصبحنا خائفين من أن يتم احتجازنا كما في بقية المدن وحينها يصبح الخروج صعباً. الجامعة ساعدتنا وأمّنت لنا باصاً حتى وصلنا الى حدود رومانيا، حيث كانت هناك زحمة خانقة لكن الرومانيين ساعدونا كثيراً وكانوا لطفاء معنا”.

أضافت: “تم نقلنا الى العاصمة بوخارست، وهناك استقبلنا وفد لبناني وأمّن لنا مسكناً وطعاماً وكل ما نحتاجه. اهتموا بنا كثيراً، وأمّنوا لنا تذكرة من أجل العودة الى لبنان”.

في السياق، أعلن نقيب أصحاب المؤسسات السياحية ومالك سلسلة أوتيلات “فينيسيا” في رومانيا محمد مراد، استعداده الكامل لاستقبال كل وافد من أفراد الجالية اللبنانية وعائلاتهم، مع تحمله كامل نفقات الإقامة والطعام ونقلهم من الحدود الرومانية – الأوكرانية إلى بوخارست وتأمين السكن اللائق لهم طيلة فترة وجودهم في رومانيا، مشيراً الى أنه يضع الفنادق التي يديرها في تصرفهم.

شارك المقال