البلد من الفراغ الى الفراغ… در

هيام طوق
هيام طوق

بين من يعتبر أن هناك تخوفاً كبيراً من تطيير الانتخابات النيابية لألف سبب وحجة، يرى آخرون أن الانتخابات قائمة في موعدها، وكل التحضيرات تسير على قدم وساق لاجراء الاستحقاق الدستوري. وبغض النظر عن الاختلاف بين الأطراف السياسية حول قراءة الواقع الانتخابي، يعوّل كثيرون على يوم 15 أيار لأنه سيكون خطوة أولى نحو الانقاذ من خلال تغيير الوجوه، وبالتالي تغيير الذهنية في التعاطي مع الملفات والقضايا الداخلية والخارجية، في حين يؤكد آخرون، خاصة بعد اتضاح مسار التنافس الانتخابي، أن الانتخابات المقبلة لا تقدم ولا تؤخر في المشهد السياسي اللبناني، ولن تعيد الى البلد سيادته وكرامته وحريته وعلاقاته الدولية والعربية واستقلالية مؤسساته الدستورية والقضائية والأمنية، لأنه بكل بساطة ستحافظ الكتل النيابية على أعدادها وعلى واقعها الحالي مع تعديلات طفيفة في المقاعد التي لا تؤدي الى التغيير المنشود الذي طالب به جمهور17 تشرين.

إذاً، بعيداً من التحليلات والتحليلات المعاكسة، والتوقعات والتوقعات المضادة، يكثر الكلام في الآونة الأخيرة، إن جرت الانتخابات أو لم تجر، عن أن البلاد أمام فراغ حكومي ورئاسي لأن التسويات التي كانت سائدة في هذا الاطار فات قطارها، ولن تقبل الجهات التي تقول ان الانتخابات مصيرية في تحديد هوية البلد بأي مساومة. وبالتالي، فإن كل طرف سيتمسك بمبادئه وبخريطة الطريق التي رسمها للبنان. وهكذا، وفق سيناريو أحد المحللين، البلد ذاهب بسرعة قياسية الى الفوضى العارمة في ظل تعذر التوافق على تسوية، وفي ظل الانهيار المالي الذي ستشتد حدته في الأسابيع المقبلة، اضافة الى العزلة العربية وتداعيات الحرب الروسية – الأوكرانية. هذا المشهد السوداوي سيضع البلد أمام عنوان وحيد: الفراغ. فراغ حكومي وفراغ رئاسي ما قد يسرّع الانفجار الاجتماعي الذي قد يقود الى تدخل دولي.

وبين هذا الرأي وذاك، يجمع كثيرون على أن البلد يعيش حالياً في أسوأ فراغ على المستويات كافة، ولا يجوز الانتظار الى مرحلة ما بعد الانتخابات لنستنتج أن الفراغ القاتل نخر المؤسسات الدستورية كافة حتى العظم.

واكيم: الفراغ تهويل

رأى عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم أن “كل الكلام عن أننا ذاهبون نحو الفراغ على المستويين الحكومي والرئاسي، مجرد تهويل تمهيداً لتأجيل الانتخابات والايحاء للبنانيين بأنهم في حال انتخبوا أو لم ينتخبوا فلن يغيروا في الواقع شيئاً. يحاولون بشكل مستمر ايهام الناس بأنهم مغلوب على أمرهم مع العلم أن الشعب هو مصدر السلطات. نحن لدينا مؤسسات دستورية ودستور والاستحقاقات تحصل في وقتها”.

وشدد على أن “علينا النضال من أجل تطبيق الدستور واجراء الاستحقاقات كما نص عليها الدستور. كل السيناريوات التي يتم الحديث عنها بعد الانتخابات النيابية، لا يجوز أن تحصل وعلى اللبنانيين التمسك بحياتهم الديموقراطية”.

عطا الله: نعيش في الفراغ

اعتبر النائب السابق الياس عطا الله “أننا نعيش في الفراغ حالياً، والناس في حالة تخدير”، متسائلاً: “أين هي المؤسسات من المشكلات الجوهرية في البلد وفي سياسة لبنان الخارجية وهويته وسيادته؟”. وقال: “السلطة لا تمثل لا من قريب ولا من بعيد إرادة الناس، وهذا فراغ بحد ذاته”.

ورأى أن “من الصعب في ظل التعقيدات الدولية أن يكون لبنان في أولويات الاهتمام الدولي”، مشدداً على أن “على الشعب أن يسترجع السلطة على أساس وثيقة الوفاق الوطني، وهذا لا يمكن أن يحصل في ظل مصادرة ارادة اللبنانيين”.

وأكد أن “الانتخابات النيابية استحقاق يجب أن يتم، لكنه لن يكون سحرياً في مواجهة الأزمة الوجودية للبنان. ولا يجوز أن ننسى أن الاكثرية في المجلس النيابي لم تؤد الى تغيير الوضع بل سلاح الأمر الواقع هو الذي يغّير الوضع”، مشيراً الى أن “الأزمة تتطلب مواجهة واضحة لأسبابها”.

أضاف: “لطالما أتى رئيس الجمهورية نتيجة تسويات بين الأفرقاء الا الرئيس ميشال عون الذي أتى نتيجة فرض الأمر الواقع، ولا ندري ان كان الاستحقاق الرئاسي المقبل سيكون استنساخاً عن التجربة الحالية”.

ضو: البلد في قمة الفراغ

شدد منسق “التجمع من أجل السيادة” نوفل ضو على “أننا نعيش اليوم في فراغ حكومي وفراغ رئاسي وفراغ نيابي وفراغ سياسي. الانتخابات لن تقدم ولن تؤخر في هذا الاطار لأن ما يحكم لبنان هو موازين القوى العسكرية وليست الاستحقاقات الدستورية ولا المؤسسات الدستورية والسياسية. وبالتالي، أن نكون ذاهبين الى فراغ لعدم وجود شخص في موقع المسؤولية لن يغير شيئاً في المسار العام للبلد لأننا في قمة الفراغ”.

أضاف: “في أزمة اقتصادية من النوع الذي يعيشه اللبنانيون اليوم وعجز ومشكلة مالية ومصرفية بهذا الحجم وعدم وضع القطار على السكة الصحيحة، وعدم التمكن من الانتهاء من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كل ذلك يعني أننا في حالة فراغ. الكلام عن أننا نسير نحو الفراغ وكأننا اليوم نعيش في قمة العمل المؤسساتي”.

وسأل: “من يملك صدقية في القول انه لا يريد أن يعقد تسوية لانتخاب رئيس للجمهورية، لماذا لا يبدأ بهذا المسار قبل الانتخابات النيابية؟”. واعتبر أن “الانتخابات في حال كان لها تأثير، فمن المفترض أن يكون ايجابياً وليس سلبياً. ولو كانت فعلاً انتخابات ديموقراطية وهدفها اعادة التوازن الى الحياة السياسية والدستورية، يفترض أن تؤدي الى اصلاح ما هو قائم. واذا كانت التوقعات تشير الى أننا بعد الانتخابات سنذهب الى فوضى وفراغ فهذا يعني أننا نسلم جدلاً بأن هذه الانتخابات لن تؤدي الى أي نتيجة.”

رباح: لا نية في تسليم الرئاسة

أشار الناشط السياسي والكاتب مكرم رباح الى أن “لا نية لدى التيار الوطني الحر في تسليم رئاسة الجمهورية خاصة وأن هناك كلاماً عن أن مستشار رئيس الجمهورية الوزير سليم جريصاتي لديه مطالعة دستورية في هذا الاطار”، معرباً عن اعتقاده أن “النائب جبران باسيل سيحاول المماطلة في الانتخابات الرئاسية حتى يتمكن من نزع العقوبات عنه ويفرض نفسه كأحد المرشحين على الرئاسة”.

ولفت الى أنه “ليس هناك أي اهتمام دولي بلبنان، وأي تسوية سياسية أو حملة انقاذية تشمل دفع أموال يجب أن تأتي من دول الخليج التي هي في مكان مختلف تماماً. الرهان على أن الجوع والفقر يولدان نوعاً من الاهتمام الخارجي ضعيف، ولكن في الوقت نفسه، الطبقة الحاكمة تعمل على إفقار الناس أكثر فأكثر كي تسيطر على خياراتها”، مرجحاً “أن يستمر احتلال الفساد للدولة الى ما بعد الانتخابات النيابية كونها أولاً وأخيراً مفصّلة على قياس هذه الطبقة السياسية”.

شارك المقال