لغة الجسد في صور الرئيس الفرنسي أبلغ من الكلام… ما هي الرسالة التي يمكن قراءتها من خلالها؟

راغدة صافي
راغدة صافي

في عزّ حالة الفوضى التي يعيشها العالم باسره اثر الحرب الروسية على اوكرانيا حيث تسود مشاعر من الخوف والضياع والقلق على المستقبل، ووسط تساؤلات حول مصير هذه الحرب في خضمّ المساعي الجارية لمحاولة وضع حدّ لها، كان بارزا ما عمدت دوائر القصر الرئاسي الفرنسي على القيام به من خلال بادرة فريدة واستثنائية قامت بها الاليزيه إذ عمدت الى نشر صور للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عقب انتهائه من المكالمة التي اجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تم خلالها البحث في تداعيات الازمة الروسية – الأوكرانية ومحاولة وضع حد لها.

ولان توزيع هذه الصور يعد امرا خارجا عن المألوف وخاصة في السياسة الإعلامية الصارمة التي يتّبعها قصر الاليزيه بشكل عام، فقد بدا وكانه أراد من خلالها توجيه رسالة قاسية بمضمونها الى المعنيين جميعا والى المجتمع الدولي باسره لا تقتصر على البيان الذي أصدره، بل تتعداه الى ما هو ابعد وقد يكون اصدق وادق من الكلام، او ان الكلام في حينه كان عاجزا عن التعبير عنها. فمن ينظر جيدا الى وضعية الرئيس الفرنسي في الصور الثلاث لا بد ان يلاحظ الحزن والإحباط الظاهرين بشكل جلي عليه!

وفي تفاصيل قراءة هذه الصور كيف ينظر خبراء لغة الجسد الى هذا الامر وكيف يشرحون تعابير الرئيس الفرنسي الظاهرة فيها؟ من المعلوم ان لغة الجسد هي كل ما يصدر عن جسد الانسان من حركات وايماءات وتعابير قد تكون ارادية او لاارادية تظهر على الوجه او اليدين او طريقة الوقوف او الجلوس أحيانا وهي تعتبر أسلوبا للمخاطبة وايصال رسائل معينة من دون الحاجة الى الكلام. ويجمع علماء النفس على ان تأثيرها في الناس يفوق خمس مرات تأثير الكلام فيهم. فما هي الرسالة التي أراد الرئيس الفرنسي اظهارها من خلال هذه الصور؟

الخبير في لغة الجسد حبيب الحداد فنّد تعابير الرئيس ماكرون ورأى ان وقوف الرئيس الفرنسي وراء الكرسي وانحناء رأسه الى الامام يعتبر دليل احباط ويأس وتعب من امر جرى معه، كما ان وضع يديه على ظهر الكرسي وثني أصابعه تظهر وكانه يضغط عليه لتنفيس غضب ما اعتراه، وبشكل عام فان وضعية اليد المقفلة تنمّ عن غضب كبير جدا يشعر به.

اما في الصورة التي يبدو فيها الرئيس ماكرون واضعا يده فوق انفه وكانه يفرك عينيه فهي تشير الى وضعية غالبا ما نعتمدها عندما نفكر بشكل عميق بموضوع ما يشغل بالنا، وبما ان هذه الحركة جاءت مترافقة مع انحناءة في الرأس فان ذلك يشير بشكل واضح الى ان ما كان يفكر به الرئيس الفرنسي حينها هو امر سلبي لا يدعو الى التفاؤل اطلاقا.

وقد تكون الصورة الأكثر تعبيرا عن حالة الرئيس الفرنسي وما شعر به بعد انتهاء المكالمة هي تلك التي يشبك فيها أصابع يديه ويلقي بثقل رأسه كليا عليهما، فشبك الأصابع يؤشر الى وجود غضب وعدائية كبيرين جدا وعدم راحة وتوتر، اما وضع الرأس على اليدين فهو دليل تعب واحباط او خبية امل وتعبير عن حاجة الشخص الى بعض الراحة التي يشعر بانه بحاجة اليها.

قد يلجا البعض الى فرضية حول ان الرئيس الفرنسي أراد عمدا اللجوء الى هذه الايماءات وبالتالي القول انها لم تكن عفوية، الا ان ما ظهر على جبينه وحركة أصابعه غير المتناغمة لا يمكن الا ان يكونا دليل على تعبير عفوي وهذا ما يعرف بـ”المايكرو اكسبيريشنز” (Micro expressions) وهي حركة من النادر جدا التمكن من تمثيلها او تقليدها بهذه الدقة.

فهل وصلت الرسالة الى من يعنيهم الامر؟!

شارك المقال