“حزب الله” خارج الحرب الروسية – الأوكرانية؟

تالا الحريري

منذ نشوء “حزب الله” خلال الثمانينيات اتسمت نظرته الى الاتحاد السوفياتي بالعداء المطلق، باعتبار أنّ الأخير يمثل خطراً على عقيدته ودينه، ولم يكن الخلاف فكرياً وحسب، بل عسكري وسياسي أيضاً. أمّا اليوم، فلم يعد التفاهم بين “حزب الله” وروسيا أمراً غريباً أو قائماً على العداء، فروسيا ترى أنّ الحزب منظمة تحارب “داعش” وتدافع عن أرضها في وجه العدو الاسرائيلي، إضافةً الى التنسيق بينهما في سوريا لمحاربة “داعش”.

عوامل أخرى ساهمت في تقارب الطرفين ومنها زيارة عسكريين روس لضباط من “حزب الله” في الجنوب اللبناني بعد حرب تموز 2006، وتجربة الحزب في هذه الحرب صواريخ كورنيت الروسية لايقاف الدبابات الاسرائيلية، إذ تُعرف روسيا بسلاحها الذي يُعتبر الأفضل عالمياً.

وفي تطور لافت، أعلنت هيئة الأركان للقوات المسلحة الأوكرانية أن روسيا استعانت بنحو ألف مقاتل من سوريا و”حزب الله”، للزج بهم في المدن الأوكرانية.

وذكرت في بيان، أنه “وفقاً للمعلومات المتاحة، أخذ الروس بالفعل 1000 متطوع من ممثلي ما يسمى بجيش بشار الأسد وحزب الله”. وأشارت الى أنّ “النشطاء المذكورين لا يهدفون إلى المشاركة في القتال في أوكرانيا، ولكن استخدام الرحلات التجارية كفرصة لدخول الدول الأوروبية”.

ولاحقاً، نفى الأمين العام لـ “حزب الله” السيد حسن نصر الله، إرسال الحزب مقاتلين وخبراء إلى أوكرانيا للقتال إلى جانب القوات الروسية، “باعتبار أن لديهم خبرة في حرب المدن”، واصفاً “هذه الأنباء التي تنقلها بعض الفضائات العربية” بأنها “أكاذيب ليس لها أساس من الصحة”.

وقال في اللقاء السنوي مع كشافة الامام المهدي أمس: “لم يذهب أحد من حزب الله لا مقاتل ولا خبير إلى هذه الساحة أو أي ساحة من ساحات هذه الحروب”.

وفي السياق، أشار السفير الأوكراني في لبنان إيهور أوستاش، في وقت سابق، الى أنّ “حزب الله يلتزم الحياد حتّى الآن، وآمل أن يبقى كذلك طيلة فترة العدوان الروسي على أوكرانيا”، لافتاً الى أنّ “روسيا تعجز عن استقطاب دعم من الدول المتحضرة فتطلب ذلك من سوريا”.

وتوجه الى السوريين بالقول: “أرجوكم حاربوا من أجل سوريا ولا تمنحوا روسيا فرصة إقحامكم في هذا الهجوم الدموي”.

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أعلن الموافقة قبل أيام على انضمام ما يصل إلى 16 ألف متطوع من الشرق الأوسط للقتال بجانب الروس في أوكرانيا. في حين حذر الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي المرتزقة الذين يعتزمون الانضمام الى الجيش الروسي للقتال ضد بلاده، من أن ذلك سيكون “أسوأ قرار في حياتهم”.

رباح: “حزب الله” يستفيد من الحرب الروسية

وعن هذا الموضوع، قال المحلل السياسي مكرم رباح لـ “لبنان الكبير”: “الجزء الأول في ما يخص الجيش السوري صحيح، وبالطبع هناك حركة من الجيش السوري، وبالتحديد أنّ بعض الكتائب سيذهب الى أوكرانيا. وأحد أهم أسباب تواجد الجيش السوري هو أنّه تحت إشراف روسيا وتدريبها، ولكن لا أعتقد أنّ حزب الله سيتواجد في أوكرانيا، ولا يمكن أن يقاتل تحت لوائهم هناك، وهذا يختلف اختلافاً تاماً مع السيناريو السوري”.

أضاف: “بالطبع حزب الله مؤيد للحرب الروسية ويمكن أن يستفيد منها لأسباب عدة، لكن بوتين لن يستفيد فهو ليس بحاجة الى عسكر بقدر ما يحتاج الى مال. وبما أنّ الكتائب السورية يقوم بوتين بإرسالها ويصرف عليها كونها تابعة له، فلا يستطيع السماح للجبهة الأوكرانية بأن تنفتح على الجبهة الايرانية، لأن ذلك يسبب له مشكلة كبيرة لا سيّما وأنّ علاقة بوتين مع دول الخليج حالياً ليست سيئة، وهناك نوع من الاتفاق على عدم التصعيد. فاذا ظهر الايراني في أوكرانيا، هذا يدفع الخليج الى الوقوف مع الغرب بشكل تام”.

وتابع: “حزب الله يفعل كل شيء، ولكن في هذه المرحلة بالذات وبما أنّه من الواضح أنّ العملية ستطول، لا أعتقد بوجود حزب الله خاصّة اذا تم سحب العسكر من الجبهات السورية والذي قد يشكّل مشكلة كبيرة في سوريا، وحزب الله لن يسمح بذلك، لأنّه عكس روسيا، يهتم بالحفاظ على قدرته على السيطرة على سوريا حتى يتمكّن من تحريك عسكره ويقوم بتحريك خطوط إمداده من إيران”.

بعد توسيع “حزب الله” نفوذه في السنوات الأخيرة، وتورطه في الحروب الدائرة في سوريا والعراق واليمن، هل “يحشر” نفسه في الحرب الروسية – الأوكرانية ويورط لبنان مجدداً في صراعات أبعد من المنطقة؟

شارك المقال