تحليل أميركي يحذر من عواقب “التنازلات الخطيرة لايران”

حسناء بو حرفوش

في ظل الأنباء التي أفادت هذا الأسبوع، بـ”عودة المفاوضات النووية إلى مسارها الصحيح”، بعد توقف قصير أضيفت إليه التطورات في أوكرانيا وفرض روسيا المفاجئ لمطالب جديدة تضمن بأن العقوبات لن تتدخل في التجارة الروسية – الايرانية أو الاتفاقات الأمنية، ليس من الواضح بالضبط كيف ستحل المشكلة بسرعة، وزادت التكهنات حول تسليم المشاركين الغربيين في محادثات فيينا بسهولة التنازلات لخصومهم. هذه هي خلاصة تحليل لسفير أميركي سابق في موقع “تاون هول” الالكتروني.

ووفقاً لقراءة كين بلاكويل، “تتمحور المخاوف حول خطر تقديم تنازلات كبيرة لايران، كما بدا أن روسيا تحاكي على ما يبدو السلوك الايراني الذي أصبح مألوفاً تماماً خلال الأشهر الـ 11 الماضية من النقاش الذي يدور في حلقات مفرغة. وبمجرد دخول إيران في محادثات فيينا في نيسان الماضي، أوضحت أنها لا تعتزم المساومة، ومستعدة لتمديد العملية إلى أجل غير مسمى بانتظار تلبية مطالبها. وتمحور التركيز الأولي لتلك المطالب حول الازالة المسبقة للعقوبات الأميركية التي أعيد فرضها بعد انسحاب إدارة (دونالد) ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة في العام 2018. ولكن طهران عادت في تشرين الثاني الماضي بمجموعة موسعة من المطالب، بما في ذلك رفع العقوبات التي لم تكن مرتبطة بالبرنامج النووي، بل بالنشاط الارهابي وانتهاكات حقوق الانسان.

وفي أواخر الشهر الماضي، كان من المفترض إنتهاء محادثات فيينا قريباً، بعد أن عاد الزعيم الايراني المفاوض علي باقري كاني لفترة وجيزة إلى طهران لمناقشة مسودة اتفاق يقال إنها اكتملت بنسبة 98٪. ومع ذلك، سرعان ما تفاجأ نظراؤه الغربيون عندما علموا أن سلطات النظام أعادت باقري إلى فيينا مع مجموعة أخرى من المطالب الجديدة، أكثر استفزازية وغير عملية حتى الآن ومن ضمنها مطالبة البيت الأبيض بإلغاء تصنيف الحرس الثوري الايراني كمنظمة إرهابية، وبالتالي فتح الباب أمام الكيانات العالمية للتجارة بحرية مع الأشخاص الذين تربطهم صلات بتلك المجموعة شبه العسكرية المتشددة.

وهذا المطلب مقلق في حد ذاته، لأنه يسلط الضوء على حقيقة أن النظام الايراني يحرك باستمرار الأهداف في المفاوضات مع الغرب، على الأرجح لاختبار حدود ما ترغب الولايات المتحدة وحلفاؤها في التخلي عنه من أجل منع انهيار الاتفاق النووي. لكن ما يزيد الأمر سوءاً هو أن تلك الدول الغربية لم تعط طهران حتى الآن أي سبب للاعتقاد بأنها تقترب من الحد الأقصى. وأشارت مصادر مطلعة على محادثات فيينا، إلى أن إدارة (جو) بايدن تدرس إمكان إزالة التصنيف الإرهابي مقابل التزام غامض وغير قابل للتنفيذ من جانب طهران بشأن عدم التدخل في الشؤون الاقليمية.

لكن مثل هذا الالتزام ليس غير قابل للتنفيذ وحسب؛ بل أصبح موضع نقاش من خلال بيان مهمة الحرس الثوري الإيراني، الذي تأسس في الثمانينيات للدفاع عن المبادئ الثورية الاسلامية للنظام الجديد في الداخل وتصديرها إلى الخارج في الوقت عينه. ومن أجل تحقيق هذه الغاية، يحتفظ الحرس الثوري الايراني بفرقة تُعرف باسم “فيلق القدس” مهمتها تحديداً إجراء عمليات في المسارح الأجنبية، فضلاً عن دعم الجماعات التي تعمل بالوكالة مثل “حزب الله” في لبنان والحوثيين في اليمن ووحدات الحشد الشعبي في العراق. وصنّفت واشنطن “فيلق القدس” كمجموعة إرهابية قبل فترة طويلة من قيام إدارة ترامب بتوسيع هذا التصنيف ليشمل الحرس الثوري الإيراني بأكمله. ورحب العديد من الخبراء في الشؤون الإيرانية بهذه الخطوة باعتبارها طال انتظارها، مشيرين إلى عدم إمكان فصل المهمة شبه العسكرية الشاملة عن أعمال “فيلق القدس”.

وسيشكل فتح الأبواب للتجارة مع الكيانات المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني ضربة كارثية للمصالح الغربية والشعب الإيراني. فالحرس الثوري الإيراني هو المستفيد الرئيسي من السوق السوداء لإيران وله مصلحة مسيطرة في مختلف الصناعات المحلية عبر شبكة من الشركات الواجهة والشركاء الاقتصاديين. وقامت مجموعة منظمة مجاهدي خلق الإيرانية، بتفصيل كيفية تعزيز الحرس الثوري سيطرته على غالبية الناتج المحلي الإجمالي لإيران مع إعادة توجيه كل تلك الثروة تقريباً إلى مهمتها الخاصة لتصدير الثورة الإسلامية والترويج لها. أما داخل الجمهورية الإسلامية، فيأتي “الترويج للثورة” في الواقع كمرادف للقمع الشرس للمعارضة. وفي تشرين الثاني 2019، شارك إيرانيون في تظاهرات شملت ما يقرب من 200 مدينة وبلدة، لكن السلطات ردت بالقوة وفتح الحرس الثوري الإيراني النار على الحشود في عدد من تلك المناطق. وبالنتيجة، قضى نحو 1500 شخص بهذه الطريقة، لكن القوات شبه العسكرية الإيرانية لم تواجه أي عواقب. ومع ذلك، شن الإيرانيون مجدداً ست انتفاضات أخرى منذ العام 2019. وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة وحلفاءها لم يستسلموا للضغوط حتى الآن، في حال لم يتعلموا اتباع مثال الشعب الإيراني واتخاذ موقف حازم ضد مطالب النظام، من المرجح أن يخرج النظام الديني من فيينا باعتباره المنتصر، وبالتالي يلهم مسؤوليه والدول الأخرى مواصلة الضغط للافادة من تنازلات القوى الغربية.”

شارك المقال