نجّار لـ “لبنان الكبير”: لبنان تحوّل هيكلاً عظمياً تتناتشه الضباع

هيام طوق
هيام طوق

اعتبر الوزير السابق ابراهيم نجار ان “كل القوانين لا تنفع شيئا اذا لم يكن الحاكم يتمتع بالثقافة والضمير والرؤية”، مشيرا الى ان “المدعي العام ليس لديه صلاحية تسطير بلاغات كما يحصل حاليا لأن هذه الصلاحية تعود لقاضي التحقيق، لذلك تم الطعن بصلاحية القاضية غادة عون وبمهامها وبطريقة ممارستها للقضاء”.

ورأى نجار في حديث لـ”لبنان الكبير” ان “من هم في السلطة اليوم لا يبالون بهموم الناس الكثيرة لسوء الحظ، لافتا الى ان كل ما يحصل اليوم مقدمة غير موفقة وتمهيد مخزٍ للتحضير لانتخابات يُراد منها المزيد من تفشيل كل الاطر والمؤسسات الدستورية في لبنان”.

وقال: “بعد المراقبة الدقيقة للممارسات التي نشهدها يبدو واضحا جدا ان المخالفات القانونية كثيرة لأسباب منها سياسية ومنها أخلاقية ومنها قانونية ومنها يتصل بضعف المعلومات القانونية. لسوء الحظ هناك لغط في موضوع الصلاحيات فيما يتعلق بالنيابة العامة في جبل لبنان، وعلاقة هذه الصلاحيات بصلاحيات المدعي العام المالي، وبصلاحيات مجلس القضاء الاعلى، وبصلاحيات مدعي عام التمييز، وبصلاحيات التفتيش القضائي”.

وأضاف: “موضوع الصلاحيات هذا دخل في نفق غير مسبوق في تاريخ لبنان. من المفروض بالنيابة العامة التمييزية ان تتخذ قرارات جذرية وأن تطبّق هذه القرارات لا أن تكتفي باتخاذ موقف ليّن لا يؤدي الى نتيجة. ومن المفروض بمجلس القضاء الاعلى أن يتّخذ بعض التدابير التي ينص عليها قانون القضاء العدلي، وكذلك الامر فيما يتعلق بالصلاحيات المنصوص عليها في المادة 95 من هذا القانون (القضاء العدلي) التي تتيح لوزير العدل اتخاذ تدابير بحق قضاة ثبتت عدم أهليتهم”.

وتابع: “في المقابل، الواضح أيضا ان هناك نوعا من سوء استعمال الحق في موضوع المرفأ، وأنا من الذين يعتقدون ان القانون اللبناني الذي جاء منقولا عن القانون الفرنسي لم يكن واضعوه يتصورون يوما انه ستتم اساءة استعماله الى هذه الدرجة. بعبارة أخرى، طلبات الرد والادعاء على الدولة وطلبات نقل الدعوى للارتياب المشروع، كل هذه الطلبات تهدف واقعيا الى ايقاف عمل المحقق العدلي. وهذا بطبيعته يشكل نكسة كبيرة تاريخية لموضوع العدالة في لبنان”.

ورأى انه “من الواضح ان اللجوء الى القضاء الدولي لم يكن ناجحا ولم ينتج آثارا فاعلة بحيث ان قضية المحكمة الخاصة بلبنان، وبعد سنوات من المحاكمات الوجاهية المطولة والمتلفزة والترجمات والجهد المبذول، صدر الحكم عن المحكمة الابتدائية بإدانة شخص واحد في حين ان المحاكمة الاستئنافية لم تستغرق سوى أسابيع وأدت الى ادانة ثلاثة أشخاص. هناك تفاوت كبير ونوع من التناقض وعدم التماسك في كل هذه الاجراءات”.

وشدد نجار على ان “الموضوع المطروح اليوم كيف العمل لقيام دولة القانون والمؤسسات والقضاء في لبنان؟ الجواب: ان السياسيين يتدخلون بالقضاء بصورة خاصة في القضاء الجزائي لأن في القضاء المدني شهدنا ونشهد كل يوم اننا نملك قضاة مشهودا لهم بجرأتهم ونزاهتهم واستقامتهم. لبنان يبدو وكأنه جلد مرقط فيه واحات من الحضارة والثقافة القانونية وفيه صحارى من الامكنة الخالية كليا من حكم القانون، وهذا لبنان لا يشبهنا ولا يمثل اطلاقا التراث القضائي والثقافي والفكري والانساني الذي دأبنا على ارسائه على مرّ السنوات. لذلك، وصلنا اليوم الى مرحلة بات فيها الطرح واضح جدا: علينا اعادة النظر بكل المؤسسات وبصورة خاصة يجب تنظيم السلطة القضائية على غرار السلطتين الاجرائية والتشريعية”.

وتحدث نجار عن “الحالة الاجتماعية والفقر والركود الاقتصادي والانهيار المالي والانهيارات المتراكمة على مختلف الاصعدة والحالة الكارثية التي وصلنا اليها حيث ان كل شيء من حولنا منهار. وبالتالي، لم يعد لبنان الذي نعرفه بل بات مثل أوكرانيا المدمرة بأحجارها هو اليوم مدمر ماليا واقتصاديا”.

واعتبر ان “المحاسبة ضرورية لأن مطالب المجتمع الدولي للمساعدة هي المحاسبة، وانا مع القول القائل ان هناك فجوة 60 مليار دولار في مصرف لبنان يجب أن نعرف أين هي. وأنا مع من يقول ان المصارف يجب ان تُحاسب الدولة المسؤولة عن صرف كل الاموال حتى لو كان يتوجب على مصرف لبنان رفض الصرف لكن كيف له أن يرفض بوجود قوانين وموازنات ملزمة لا يمكن التهرب منها؟. أنا مع محاسبة المودعين للمصارف لأن المصارف أوهمتهم ان اموالهم بأمان، فلبنان أصبح هيكلا عظميا تتناتش ما تبقى منه ضباع الوديان وهذا معيب. نريد حملة انقاذية شاملة لا يمكن ان تتحقق الا بخلع كل هذه الطبقة التي تحكم”.

ورفض نجار التعليق على زيارتي رئيس الجمهورية ميشال عون الى الفاتيكان والبطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي الى مصر والمواقف الصادرة عنهما، مكتفيا بالقول: “البطريركية المارونية والفاتيكان يعملان على اساس ان لبنان مشروع ممكن”.

شارك المقال