من يفوز بمعركة المقعدين الماروني والأرثوذكسي في طرابلس؟

المحرر السياسي

تشهد دائرة “الشمال الثانية” (طرابلس، المنية، الضنية) تنافساً غير مسبوق على الفوز بالحواصل الانتخابية، بحيث يتوقّع ارتفاع عدد اللوائح المؤلّفة عن الدورات الانتخابية السابقة في ظلّ العدد غير المسبوق من المرشحين الذي بلغ 141 شخصاً يتنافسون على حجز حضورهم على لوائح انتخابية والانتقال الى مرحلة التنافس على 11 مقعداً فحسب. وتتمثّل النقطة الجدلية التي لا بدّ من معالجتها في الدائرة الشمالية باستطلاع النتائج المرتقبة على صعيد المقعدين الماروني والأرثوذكسي على وجه الخصوص، باعتبار أنهما غير مرتبطين بالأصوات التفضيلية المباشرة نتيجة انخفاض عدد الناخبين الموارنة خصوصاً والأرثوذكس أيضاً في الدائرة. وبمعنى أوضح، فإن المعركة الانتخابية مرتبطة بهذين المقعدين بنحو خاص باعتبار أن الدائرة تضم 8 نواب سنّة وهو هامش واسع مرتبط بحضور شعبي كبير في الدائرة بما يخوّل المرشحين الأساسيين حجز بطاقات النجاح الانتخابية عبر أصوات تفضيلية سنية، ويبقي المعركة قائمة على المقاعد الضعيفة بمعنى مرتبط بانحسار صبّ الأصوات التفضيلية عليها خصوصاً.

ويتمثل المعيار الأكثر تأكيداً على رمزية المقعدين الماروني والأرثوذكسي في الدائرة، بارتباط المعركة الانتخابية بمقعدين، وفق ما تشير دراسة حسابات انتخابية أجريت لمصلحة لائحة أساسية في الدائرة. ويطلع أحد مرشحيها “لبنان الكبير” على أن ثمّة 3 لوائح سياسية تضمن كلّ منها 3 حواصل انتخابية، بما يشمل لائحة الكوادر المستقيلة من تيار “المستقبل”، واللائحة المقرّبة من تيار “العزم”، ولائحة القوى المحسوبة على 8 آذار (تيار “الكرامة” وجمعية “المشاريع” وتيار “المرده”). وتبقى المعركة بحسب هذه الاستطلاعات على حاصلين اثنين، سيُحدّد الكسر الانتخابي إسمي المرشحَيْن الفائزين بهما. ويعتبر المقعدان الماروني والارثوذكسي الأضعف كما الأسهل للخرق لغياب كثافة الأصوات حولهما، بما يعني أن أيّ حاصل إضافي للائحة معينة على صعيد الكسر الأكبر، أو أي خرق مفاجئ للائحة رابعة محسوبة على قوى الانتفاضة أو على مجموعات مستقلة لا تكون الأصوات التفضيلية فيها مركّزة على شخصية معينة، سيرتبط بالفوز بالمقعد الماروني أو المقعد الأرثوذكسي.

ويستند شرح المعادلة بشكل أوضح إلى تجربة الاستحقاق النيابي السابق، حيث نالت لائحة “العزم” 4 حواصل انتخابية. وفاز منها الرئيس نجيب ميقاتي الذي ترشح عن مقعد سني (حصد 21300 صوت)، والنائب نقولا نحاس عن المقعد الأرثوذكسي (نال 1057 صوتاً)، والنائب الراحل جان عبيد عن المقعد الماروني (حصل على 1136 صوتاً)، والنائب علي درويش عن المقعد العلوي (2246 صوتاً). وجاء الفوز بالمقعدين الماروني والأرثوذكسي من وحي زخم صبّ الأصوات السنية المؤيدة لتيار “العزم” لمصلحة اختيار ميقاتي، فربحت اللائحة حواصل إضافية نتيجة زخم الأصوات الذي ناله على صعيد شخصيّ، مع الإشارة إلى أن لوائح أخرى (تيار “المستقبل” مثلاً) توزعت أصواتها التفضيلية على أكثر من مرشح وحصدت حواصلها مقاعد سنية (سمير الجسر وديما جمالي وسامي فتفت وعثمان علم الدين) مقابل تمثّل لائحة “العزم” بمقاعد الأقليات بعد احتكامها الى استراتيجية قائمة على صبّ الأصوات في خانة تفضيلية واحدة.

ماذا عن انتخابات 2022؟ ومن يمكن أن يفوز بالمقعدين الأرثوذكسي والماروني؟ في حسابات “الستاتيكو” الانتخابي، الاسمان الرئيسان البارزان اللذان يضطلعان بدور قيادي في تركيب اللائحة المتضمنة أسماء مستقيلة من تيار “المستقبل” تتضمن كلّاً من النائب السابق مصطفى علوش والنائب سامي فتفت. وثمة أسماء كانت منتسبة سابقاً إلى “المستقبل” وحاضرة في المنطقة قد تنال بعض الزخم في الأصوات. ويعني ذلك أن المقاعد الأساسية التي يمكن لها أن تفوز على هذه اللائحة سنيّة. إلى ذلك، ثمة 3 قوى على صعيد لائحة 8 آذار. سيصب مناصرو تيار “الكرامة” أصواتهم لمصلحة الوزير السابق فيصل كرامي. وتوجّه جمعية “المشاريع” أصواتها لمصلحة مرشحها طه ناجي. ويستطيع النائب جهاد الصمد الفوز بحاصل سهل نتيجة قاعدته الشعبية في الضنية. بما يعني أن فوز هذه اللائحة بثلاثة حواصل، إذا تحقق، سيأتي من خلال ربح حواصل سنيّة. المسألة مرتبطة حتماً بثلاثة مؤشرات: الأول كيفية توزيع اللائحة المقربة من “العزم” أصواتها التفضيلية. توزيع الأصوات التفضيلية على مقاعد سنية يعني خلط الأوراق واضطلاع أرقام الأصوات المتقاربة بدور في تغليب فوز مقعد على آخر. أما الاحتكام الى استراتيجية شبيهة بالانتخابات الماضية لجهة صبّ الأصوات لمصلحة إسم معين وحسب على اللائحة، فيعني ذلك أرجحية الحصول على المقعدين الأرثوذكسي والماروني. أما المؤشر الثاني، فيتمثل في الكسر الانتخابي. اللوائح التي ستنال الكسر الأعلى تحصل على مقعد إضافي، وتكون قادرة على قطف مقعد “ضعيف”. ويعتمد المؤشر الثالث على احتمالية نجاح أي لائحة ضعيفة بخرق انتخابي تحصل من خلاله على إحدى المقاعد الأضعف.

شارك المقال