أوكرانيا: الناتو وواشنطن واستراتيجية الاستسلام

حسناء بو حرفوش

انتقدت قراءة في موقع “ذا هيل” (The Hill) الالكتروني الأميركي، الاستراتيجية التي يتبعها الناتو والولايات المتحدة الأميركية تجاه أوكرانيا، على اعتبار أن نبرة الاستسلام تتكرر فيها. ووفقاً للقراءة، “بصرف النظر عن زلات الرئيس الأميركي جو بايدن والتي حظيت بتغطية إعلامية بخصوص سلطة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اتبع خطاب بايدن في بولندا نهاية هذا الأسبوع النبرة نفسها التي اعتمدتها إدارته وحلف شمال الأطلسي طوال فترة الغزو الروسي لأوكرانيا.

وتتناقض “ديبلوماسية الاتحاد وواشنطن التي لا هوادة فيها” وتركيزهم الداخلي على توحيد التحالف بشكل كبير، مع جهود الأمة المحاصرة التي قاومت تحت قيادة الرئيس فولوديمير زيلينسكي، بتحدٍ، الهجمات الروسية على المدنيين، في ظل تعهد مواطنيها وجنودهم على حدٍ سواء بعدم الاستسلام أبداً. ومن ناحية أخرى، أتى تصرف الغرب بطيئاً وعكس النهج الاستراتيجي عدم التزام بمساعدة أوكرانيا على تحقيق هدفها الأساسي في الحرب، أي تحقيق النصر الكامل ضد روسيا.

واتبع خطاب الرئيس بايدن في بولندا نهاية هذا الأسبوع النغمة نفسها التي كانت إدارته وحلف شمال الأطلسي يعتمدانها طوال فترة الغزو الروسي لأوكرانيا. تناقض “ديبلوماسيتهم التي لا هوادة فيها” وتركيزهم الداخلي على توحيد التحالف بشكل حاد، الجهود الشجاعة للأمة المحاصرة التي بايعوا لها. كما شكل عرض الحكومة الأميركية في بداية الغزو تسهيل خروج زيلينسكي إلى المنفى، إحراجاً وطنياً. وحينها رد عبر وسائل الاعلام العالمية أنه بحاجة إلى ذخيرة، وليس إلى رحلة. وبدا تشجيع هذا الأخير على التخلي عن شعبه وأرضه إفلاساً أخلاقياً تماماً كالذي تم تسليط الضوء عليه عندما تخلت الادارة الأميركية عن شركائها في أفغانستان.

وكان من المفترض أن تبدأ الادارة بزيادة الموارد التي جاءت في وقت لاحق فقط عندما دفع الكونغرس من أجلها، على الرغم من أن واحدة من أقوى القيم منذ وقت الثورة الأميركية، بدءاً من الاستجابة لـ “بيرل هاربور”، ثم بعد 11 أيلول هي عدم الانسحاب مطلقاً. ومع ذلك، أتت الرسالة لقيادة أوكرانيا، بأن الاستسلام هو أمر لا بأس به. وبدا النهج الاستراتيجي لاسترضاء بوتين ضعيفاً وغير حكيم بالمثل. وليس سراً أن بوتين لا يتحدث إلا بلغة القوة. لذلك عندما صرح بايدن قبل الغزو بأنه لن يفكر حتى في نشر القوات في أوكرانيا، فقد كل نفوذه الاستراتيجي. بالطبع، هذه ليست دعوة لارسال المقاتلين إلى الموت، ولكن من خلال تعبير بايدن عن إرادته بعدم القيام بذلك، كبح قدرة هؤلاء القوية على الردع.

كما أن كلام بايدن يعيد إلى الأذهان الكلمات التي استخدمتها وزيرة الخارجية الأميركية السابقة مادلين أولبرايت، لرئيس هيئة الأركان المشتركة آنذاك الجنرال كولن باول، حول ماهية “الهدف من وجود هذا الجيش الأميركي العظيم والذي تتحدث عنه دائماً إذا لا نستطيع استخدامه؟”. لقد أبقى بوتين “جميع الخيارات على الطاولة”، ولكن تردد الولايات المتحدة بالقيام بالمثل، يسمح بالقول ان الولايات المتحدة شجعته على الغزو.

أما أخيراً، والنقطة الأكثر ترويعاً على الاطلاق، فهي الاشارات التي برزت الخميس الماضي حول ضغط إدارة بايدن على أوكرانيا للتفاوض على اتفاق مع روسيا بدلاً من القتال والنصر. وللولايات المتحدة إرث تاريخي ثري في الدفاع عن الديموقراطية في جميع أنحاء العالم، ومن غير المعقول التنازل عن الأرض لبوتين بينما هو يمثل كل مبدأ عارضته واشنطن. بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن أوكرانيا تفوز. فقد أعلنت روسيا مؤخراً عن وقف تقدمها نحو كييف، مدعية أن منطقة دونباس كانت هدفها الوحيد طوال الوقت. لكن من الواضح للكثيرين أن خسائر روسيا الهائلة تجعلها تتوقف. وبالتالي، حان الوقت لكي ينتقل حلف الناتو من موقعه الحالي والذي طال أمده إلى موقف ملهم والوقوف في وجه قعقعة السيوف النووية الروسية، ومنح أوكرانيا كل الوسائل التي طلبتها لتأمين النصر على بوتين وإقناعه بعدم جدوى مثل هذا العدوان في المستقبل ضد أوكرانيا أو أي من البلدان الأعضاء في الناتو”.

شارك المقال