رسالة بايدن إلى الناتو: لا تغضبوا بوتين!

حسناء بو حرفوش

ما هو الهدف وراء قيام الرئيس الأميركي جو بايدن برحلة أوروبية الأسبوع الماضي؟ وفقاً لمقال في موقع “تاون هول” (Town Hall) الأميركي، كان من المفترض أن “يظهر بايدن خلال هذه الزيارة كزعيم للعالم الحر. ووفقاً للبيت الأبيض، كان من المفترض أن يشدد الرئيس ويدفع باتجاه المزيد من عزم الناتو على تقديم المساعدات العسكرية والإنسانية الأساسية لأوكرانيا من أجل صد الغزو الروسي”.

“وتمحورت الأهداف الحقيقية لرحلة بايدن حول ثلاثة نقاط: أولاً، أمره فريق الأمن القومي بتجنب “استفزاز” بوتين والحد من نوع وكمية الأسلحة المقدمة الى المقاتلين في أوكرانيا. وثانياً، قيل له إن حلف شمال الأطلسي وزيلينسكي وقادة أوروبيين آخرين سوف يقفزون فرحاً بشأن العقوبات المالية الجديدة ضد بوتين ورفاقه. أما ثالثاً، وهي النقطة الأكثر أهمية على الأرجح للباحثين عن السلطة في الحزب الديموقراطي، فكان من المفترض أن تساهم أقوال بايدن وأفعاله في رفع أرقام الاستطلاعات التي تبدو سيئة بالفعل. لقد فشل بايدن في المهام الثلاث جميعها.

وقوّض الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، هدف بايدن الأول من خلال دعوة زيلينسكي الى إلقاء كلمة خلال “قمة الناتو الطارئة” في بروكسل في مداخلة عبر الفيديو من كييف. وعبّر زيلينسكي بصراحة بخصوص بطء عملية تسليم الذخائر، مشدداً على أن أوكرانيا تحتاج من أجل إنقاذ الناس والمدن، إلى “المساعدة العسكرية – دون قيود”. لكن ما الذي حصل عليه على وجه التحديد: “لديك الآلاف من الطائرات المقاتلة، لكننا لم نحصل على أي منها… طلبنا الدبابات… لديك ما لا يقل عن 20 ألف دبابة… لكن ليست لدينا إجابة واضحة… أسوأ شيء خلال الحرب هو عدم وجود إجابات واضحة مقابل طلبات المساعدة… ولا يزال على الناتو أن يبرهن ما يمكن أن يفعله الحلف لإنقاذ الناس… إنه حقاً أقوى اتحاد دفاعي في العالم. والعالم يترقب بحذر”.

لقد كانت فرصة مثالية للرئيس الأميركي ليقول بشكل لا لبس فيه: “نحن جميعاً بحاجة إلى بذل المزيد، بشكل أسرع، لمساعدة أوكرانيا على التغلب على هذا الغزو غير المبرر والفوز بسرعة في هذه الحرب المروعة!” لكن ذلك لم يحدث. وعلى العكس تماماً، أتى إعلان بايدن عن فرض عقوبات مالية وتجارية جديدة ضد روسيا في العواصم الأوروبية مثل إطلاق منطاد هوائي. فمن غير المرجح أن تغير العقوبات الجديدة قرار بوتين بمواصلة الحرب. كما يقول الخبراء إن روسيا تزود أوروبا بنسبة 40٪ من الغاز الطبيعي، وحوالي 30٪ من بترولها وأكثر من 45٪ من الفحم الأوروبي، والذي يستخدم معظمه لتوليد الكهرباء. بالإضافة إلى ذلك، حتى إذا تجنبت أوروبا شراء كميات أخرى من الوقود الأحفوري الروسي، فستجد جمهورية الصين الشعبية طريقة للقيام بذلك، وهذا ما سيسمح لبوتين بتمويل الغزو. وعلى الرغم من أن الوعد بتوسيع الصادرات الأميركية من الغاز الطبيعي يعد إجراء إيجابياً، سيتطلب الأمر عامين لإنشاء البنية التحتية لتحقيق ذلك.

أخيراً، لم تحدث الرحلة ببساطة التعزيز المأمول لسمعة بايدن كقائد عالمي موثوق به وجدير بالثقة والفاعلية، من دون أن ننسى أن شبح أدائه المخيب خلال عملية الانسحاب من أفغانستان لا يزال يحوم حوله. أما الثابت الوحيد كما يظهر فهو النهج المتسق والسعي الى تجنب دفع بوتين إلى حافة الغضب. لقد حملت جولة بايدن الأوروبية الكثير من الزلات والرسائل التي فشلت في تقديم الكثير لمساعدة الأوكرانيين في الدفاع عن بلادهم ضد هجوم بوتين. ومن المؤكد أن كثراً يوافقون على وصفه بوتين بأنه “مجرم” ولكن ذلك لا يساعد في جهود بايدن الرامية إلى خفض التصعيد”. وكان بايدن قد أعلن الاثنين رفضه التراجع عن دعوته لعدم بقاء بوتين في السلطة، والاعتذار عما وضعه في خانة الغضب الشخصي.

شارك المقال