ما الذي يدفع روسيا الى الانسحاب من أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

هل من عوامل قد تساهم في دفع روسيا الى الانسحاب من حربها ضد أوكرانيا؟ الاجابة في تحليل للكاتب بيتر سوسيو، يربط الموقف الروسي ببعض المتغيرات الداخلية والخارجية.

وبحسب المقال الذي نشر في موقع 19fortyfive الالكتروني الأميركي، “هناك بعض الأمور التي تدفع الى الاعتقاد بأن هناك أسباباً واضحة يمكن ربطها بالانسحاب الروسي من أوكرانيا، ولعل أهمها تلك المرتبطة بالوضع الاقتصادي. فهل تستطيع روسيا التي تعاني ضائقة مالية أن تواصل حربها في أوكرانيا؟ ومن ثم، هناك المزاعم التي تدور حول مستوى الأداء في أرض المعركة. وكان الكرملين قد رفض يوم الخميس المزاعم الأميركية التي تقول بأن الجيش الروسي يضلل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بشأن إخفاقاته في ساحة المعركة في أوكرانيا. وأوضح ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين للصحافيين خلال مؤتمر صحافي أن “لا وزارة الخارجية ولا البنتاغون يمتلكان معلومات حقيقية عما يحدث في الكرملين، وأن الموضوع مرتبط فقط بمحاولة فهم ما يجري فيه”.

وسواء كانت أي من هذه الحقائق صحيحة، يمكن التساؤل عما إذا كان بوتين قد نقل بالفعل الحقائق حول تكاليف الحرب، والتي يقول بعض المحللين الآن إنها قد تصل إلى عشرات المليارات من الدولارات يومياً!. ووفقاً لتقرير صادر عن Consultancy.eu في أوائل شهر آذار الماضي، قدّر أن الخسائر المباشرة خلال الأيام الخمسة الأولى كلفت روسيا حوالي 7 مليارات دولار. وعند أخذ حجم التعبئة في الحسبان، بما في ذلك اللوجيستيات والأفراد والذخيرة والوقود وما إلى ذلك، قدّر الباحثون أن التكاليف ستتجاوز على الأرجح الـ 20 مليار دولار يومياً. وحصل ذلك قبيل شهر تقريباً، قبل أن تفقد روسيا مئات الدبابات وعشرات الطائرات وما يزيد عن 15 ألف جندي بحسب بعض التقارير، بما في ذلك العديد من كبار الضباط. وسوف يستغرق الأمر سنوات لاستبدال المحاربين القدامى، وحتى استبدال المعدات العسكرية لفترة أطول.

وإضافة إلى ذلك، ودائماً بحسب الموقع، تعرضت موسكو لعقوبات مدمرة أدت إلى انسحاب عشرات الشركات من روسيا. وحتى لو أن الحرب ستنتهي اليوم بطريقة ما، وهو ما لن تنجح فيه، فقد يستغرق الأمر أيضاً سنوات، وحتى عقوداً، لاعادة تشكيل بعض تلك العلاقات التجارية. ومع ذلك، رد البنك المركزي الروسي بأنه سيبدأ بشراء السندات، ولكن بعض الخبراء الماليين قارنوا ببساطة المشروع بطباعة النقود وإعطائها للدولة.

روسيا بمواجهة التضخم

ويمثل التضخم بالفعل مشكلة خطيرة في روسيا، بحيث بلغ معدله السنوي 15.66٪ يوم الجمعة الماضي، وهو أعلى معدل منذ أيلول 2015. وفي شباط، كانت النسبة مرتفعة بالفعل مع رقم ناهز 9.15٪، واستمرت تكلفة السلع في الارتفاع بينما انخفض الروبل إلى أدنى مستوى له على الاطلاق. ولتعزيز قيمة العملة، في وقت سابق من شهر آذار، طالب بوتين الدول الأوروبية بدفع ثمن الوقود الأحفوري الروسي بالروبل.

وتراجعت موسكو منذ ذلك الحين عن تلك المطالب بعد أن رفضت اقتصادات مجموعة السبع الكبرى تبديل العملة لامدادات الغاز. وفي اتصال هاتفي مع المستشار الألماني أولاف شولتز يوم الأربعاء، قال بوتين إن الشركات الأوروبية قد تستمر في دفع تكاليف إمدادات الغاز باليورو أو الدولار. ويأتي حوالي 40 في المائة من عائدات الحكومة الروسية من النفط والغاز، مما سمح لموسكو بوضع أحد أدنى معدلات ضريبة الدخل في العالم.

ومع ذلك، دفعت الحروب البلدان الى فرض ضرائب أعلى منذ فترة طويلة، وقد تضطر روسيا إلى اتباع نهج المملكة المتحدة – وهي واحدة من أولى الدول التي فرضت ضريبة الدخل، والتي قامت بدفعها مقابل جيشها خلال الحروب النابليونية – وهذا يعني أن المواطنين الروس قد يضطرون قريباً إلى دفع ثمن حرب بوتين وهذه حقيقة لن يتمكن الكرملين من إخفائها أو التغطية عليها”.

شارك المقال