لقاء باسيل وفرنجية… استدعاء مصالحة أو محاصصة؟

هيام طوق
هيام طوق

بعد أشهر من المساعي لجمع حليفي “حزب الله” المسيحيين رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، تمكن الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله من جمعهما على مائدة افطار بعد أكثر من 5 سنوات من الجفاء بين الرجلين اللدودين الحليفين للحزب، والمرشحين لرئاسة الجمهورية، واللذين ينتميان الى منطقتين جغرافيتين قريبتين بحيث أنهما يخوضان المعركة النيابية للعام 2022 في الدائرة نفسها، دائرة الشمال الثالثة في وجه بعضهما البعض، بعد محاولات وجولات نقاش قام بها الحزب سعياً الى لم شمل الفريقين، وتحالفهما في الاستحقاق المقبل.

وإذ أحيط اللقاء بتكتم شديد لناحية أهدافه والمواضيع التي تطرق اليها ونتائجه بحيث أعلنت العلاقات الاعلامية في الحزب أن “اللقاء فرصة مناسبة للتداول في العلاقات الثنائية والأوضاع السياسية في لبنان والمنطقة”، فإن البعض اعتبر أن اللقاء يهدف الى المصالحة بين حليفين لتقريب وجهات النظر وتضييق المساحات الخلافية بينهما. وبالتالي، يريد “حزب الله” استجماع قواه المسيحية وتنظيم صفوفها لمرحلة ما بعد الانتخابات النيابية التي تتطلب مواقف موحدة على أكثر من صعيد وملف واستحقاق مع استبعاد أن يكون ملف الانتخابات الرئاسية قد فُتح لأن الوقت غير مناسب، بحيث أن الحزب يتصرف على قاعدة الانتهاء من الاستحقاق النيابي ثم لكل حادث حديث خاصة وأن الرجلين مرشحان لرئاسة الجمهورية، ولا يريد الحزب أن يعطي وعوداً لأحدهما ويتخلى عن الآخر بانتظار بلورة التطورات الداخلية والخارجية.

ورأت أطراف أخرى أن اللقاء كان منتظراً لفرملة الخلافات والتخفيف من حدة المواقف على أبواب الانتخابات النيابية، وما صرح به رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية يصب في هذا الاطار بحيث تحدث عن “فتح صفحة جديدة وامكان استتباع اللقاء بجلسات تنسيقية”، ولكن بالنسبة الى عدد كبير من المسيحيين، بدا اللقاء وكأن فرنجية وباسيل يريدان الحصول على رضا السيد نصرالله وهما على يقين أنهما لن يصلا الى كرسي الرئاسة من دون موافقة “حزب الله” ومباركته لا سيما بعدما فقد باسيل جزءاً كبيراً من شعبيته، مع التأكيد أن الرجلين متباعدان ولا يجمعهما الا الحليف، وهذا التقارب لن يدوم الى ما بعد 16 أيار المقبل لأن كل منهما سيعود إلى موقعه في الصراع الحاد على انتخابات رئاسة الجمهورية. مع العلم أن شريحة كبيرة من المسيحيين الحزبيين وغير الحزبيين أعربت عن امتعاضها من اللقاء في أكثر من منطقة، باعتبار أنه يسحب الخيار المسيحي الى محور لا تلتقي معه، وهي اليوم تدرس خياراتها قبل أي خطوة في 15 أيار. وما عبّر عنه الناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي خير دليل على امتعاض المعارضين لسياسة “حزب الله”، وقد طالبوا الأحزاب والمجموعات المعارضة للحزب بوضع الخلافات جانباً أسوة بالأسلوب الذي ينتهجه “حزب الله”، وتشكيل جبهة صلبة وموحدة.

وفيما أكد مطلعون أن لقاء المصالحة تخطى الملفات الداخلية الى ملفات كبرى واستحقاقات اقليمية لا بد من ترتيب الصفوف والتحضير لمواكبتها سلباً أو ايجاباً، رأى الوزير والنائب السابق إيلي ماروني أن “توقيت اللقاء بين باسيل وفرنجية له علاقة بالاستحقاقات المقبلة ان كان الانتخابات النيابية أو الرئاسية، وبما أن راعي المصالحة هو حزب الله يؤكد على السعي الدؤوب لمحور المنظومة الى الابقاء على الأكثرية معه وعلى التدخل في الانتخابات وتسوية أوضاع بيته الداخلي من خلال المصالحات”. وقال: “في الشكل، المصالحات بين المسؤولين جيدة ومطلوبة، لكن ما يلفت التوقيت والمكان وراعي المصالحة والأحداث التي تصب كلها في استمرار الواقع القائم والوضع الراهن واستمرار سيطرة حزب الله على الواقع السياسي وعلى المخططات المستقبلية للإتيان برئيس جمهورية شبيه بالرئيس الحالي. انها مصالحة من أجل المحاصصة”.

وأشار الى أن “راعي هذه المصالحة يستطيع أن يفعل ما يشاء. فهو استطاع جمع الحليفين اللدودين في حين فشل كثيرون في ذلك منذ سنوات، مع العلم أن المصالحات من مهمة رئيس الجمهورية. كلنا نعلم اليوم أن حزب الله هو الذي يدير البلاد”، داعياً الى “الاقتراع بوعي في الانتخابات النيابية لعدم افساح المجال أمام اعادة تكوين أكثرية يتحكم من خلالها الحزب بتشكيل حكومة جديدة وبانتخاب رئيس جمهورية”.

وأكد أن “الكل يريد الحصول على رضا السيد نصرالله ولا أحد يجرؤ على مخالفته”، معتبراً أن “الافطار الأول للمصالحة، واللقاء الآخر يكون للاختيار بين باسيل وفرنجية لرئاسة جمهورية حزب الله القادر على حسم المرشح”.

أضاف: “صفوف المعارضة أو المجموعات التي ننتمي اليها أصابتنا بخيبة أمل كبيرة لأنها لا تملك الا الخطابات الرنانة، ولا استراتيجية لديها في المواجهة الا بالخطابات. مواجهة السيطرة والهيمنة على القرار اللبناني يكون بالوحدة اللبنانية ووحدة المشروع الواحد في مواجهة هيمنة حزب الله. الكل مخطئ بالتفكك والكل منشغل بالحصص وزيادتها باستثناء الحزب الذي ينشغل باستكمال الهيمنة”.

وذكر بـ “أننا منذ 14 آذار الى اليوم مررنا بمراحل وحدوية أثمرت تحرير لبنان، وبمراحل المصالح الحزبية الضيقة والذاتية التي أوصلتنا الى ما وصلنا اليه اليوم”، مناشداً المواطنين “عدم انتخاب أي شخص لا يؤمن بضرورة جمع أبناء الصف الواحد أي الصف الذي ينتمي الى قضية وطنية واحدة”.

من جهته، أكد رئيس “حركة التغيير” إيلي محفوض أن “توصيف ما حصل بالمصالحة مبالغ فيه لأنه عملية استدعاء قام بها عراب الرجلين اللذين يعملان تحت عباءة حزب الله. لو استدعى رئيس الجمهورية الرجلين لما كان باستطاعته جمعهما، أما من يصنع الرؤساء ويشكل الحكومات ويؤلف اللوائح الانتخابية، فيستطيع ذلك بسهولة”.

وشدد على أنها “عملية استدعاء أعادتنا بالذاكرة الى حقبة الاحتلال السوري الذي كان يصنع رؤساء ووزراء ونواب من عنجر. مشهدية اللقاء بين الحليفين اللدودين تشبه هذه الحقبة”.

واعتبر أن “مشهد الذل والعار يؤسس لنوعية ونهج وهوى جديد لدى المسيحيين لأنهم عندما يرون أن رؤساء أحزاب من طائفتهم يتم استدعاؤهم بهذا الشكل المذل، فيفترض بهم أن يعيدوا النظر بانتمائهم وولائهم وخيارهم في صندوق الاقتراع”.

وأشار الى أن “لا تعددية في الحزب الأصفر انما مايسترو واحد، أما في المقلب الآخر فهناك تعددية، لذلك نرى جبهات متنوعة، ولكن في نهاية المطاف عندما يتم الحساب بين المعارضة والموالاة كل من هم ضد نهج ايران في لبنان سيكونون في خانة واحدة”.

شارك المقال