هوكشتاين في بيروت للتفاوض… والتهويل بالحرب لتحسين الشروط

هيام طوق
هيام طوق

لا شك أن الأسبوع الحالي متخم بالملفات الكبرى والدسمة منها ما يتعلق بالدعوة الى الاستشارات النيابية لتأليف الحكومة، وأخرى تتمحور حول نتائج المحادثات التي يجريها الجانب اللبناني مع الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين الذي وصل الى بيروت ليعقد لقاءات غير معلن عنها قبل أن ينطلق صباح اليوم في جولة على كل من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وأكدت مصادر متابعة أن الوسيط سيسمع موقفاً موحداً من الرؤساء يتضمن تعديلات على اقتراحه السابق المعروف بالخط المتعرج، وهم ينتظرون ما سيحمل في جعبته من جديد ليبنى على الشيء مقتضاه، بمعنى أن مجرى النقاش سيحدد الموقف اللبناني الرسمي النهائي مع حرص جميع الأطراف على الوصول الى حل لملف الترسيم البحري.

وتحدثت المصادر لموقع “لبنان الكبير” عن أهمية هذه الجولة من المفاوضات التي تختلف عن سابقاتها لأنها تأتي في ظل ظروف إقليمية ودولية ومحلية مختلفة، بحيث أن الادارة الأميركية تريد انهاء الملف وتحقق انجازاً على هذا الصعيد لا سيما أن اسرائيل باتت قوب قوسين من الانتاج وليس أمام لبنان متسع من الوقت، ما يعني أنه ليس من مصلحة أي طرف تمييع التفاوض الذي يجب أن تكون نتيجته هذه المرة إما أبيض أو أسود خصوصاً اذا كان الوسيط يحمل جديداً في جعبته. كما أن التنقيب عن النفط يعد باباً مهماً لوضع البلد على سكة التعافي إذ أن العهد في حاجة الى هذه الورقة ونجاحها بعد الانهيارات المتتالية .

وفي انتظار ما يمكن أن ينتج عن وساطة هوكشتاين بين لبنان وتل أبيب، تتقاطع المعلومات بين المتفائلين بإمكان الوصول الى اتفاق نهائي، وبين المتشائمين الذين يعتبرون أن الملف شائك وفيه الكثير من التعقيدات، وبالتالي، التوصل الى اتفاق مستبعد لأنه رهن التطورات الاقليمية والمفاوضات الأميركية – الايرانية.

ووسط التهديدات المتبادلة بين “حزب الله” واسرائيل، الكل يترقب المنحى الذي سيأخذه ملف ترسيم الحدود البحرية. فهل نحن ذاهبون الى مواجهة عسكرية أو الى تهدئة في ظل معلومات تتحدث عن اتصالات قامت بها السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا مع عدد من المسؤولين لمنع تفاقم الوضع؟ وما هي السيناريوهات المتوقعة في حال فشل المفاوضات ونجاحها؟ وإلى أي سيناريو تميل الدفة؟

قال رئيس الوفد التقني العسكري السابق المفاوض حول الحدود البحرية الجنوبية العميد بسام ياسين: “لا أحد يعرف ماذا سيكون الرد الرسمي اللبناني، لكننا ننتظر ما سيقوله الوسيط الأميركي في مؤتمره الصحافي للاطلاع على أجواء المناقشات”. واعتبر أن “المطلوب اليوم هو الوصول الى الترسيم بحيث أن استخدام التهديد العسكري من الجانبين اللبناني والاسرائيلي يهدف الى تحسين شروط التفاوض، ولو كان الخيار نحو المواجهة العسكرية، فلماذا يحصل التفاوض؟.”

ورأى أن “الطرفين يريدان التفاوض. العدو الاسرائيلي يريد التفاوض والسلم في المنطقة لأن استثماراته ستكون مهددة، والجانب اللبناني يريد التفاوض كي يحصل الاتفاق على الحدود البحرية ثم يتم التنقيب واستخراج النفط لتغيير الوضع الاقتصادي والمالي القائم”، مشدداً على “ضرورة انتظار الطرح الذي يحمله الوسيط إن كان عادلاً أو يضع شروطاً على الجانب اللبناني، بحيث أن الحل العادل يجب أن يرتكز على السماح للبنان بالتنقيب واعطائه مساحة من البقعة المتنازع عليها وتكون مناصفة بين الطرفين مترافقة مع ضمانات بعدم التعرض لعمليات أمنية”.

وأكد أن “لبنان اليوم ليس ضعيفاً بل قوي جداً، ولو كان ضعيفاً لما أتى الوسيط الأميركي لايجاد حل. لبنان قوي ويمكنه فرض شروطه لأنه تعرض لانتهاك في حقل كاريش المشترك، والرسالة في الأمم المتحدة تشير الى ذلك. اذا لم يتم وقف هذا الانتهاك والعودة الى التفاوض فكل الخيارات تصبح متاحة أمام الجانب اللبناني ومنها الخيار العسكري. على لبنان أن يتصرف من منطلق القوة وليس من منطلق الاستسلام والضعف”.

وأشار الى أنه “في حال وصلنا الى حائط مسدود فلا بد من تعديل المرسوم 6433 وايداعه الأمم المتحدة لوقف كل مشاريع العدو في المناطق المتنازع عليها”. وتحدث عن الانتقادات الموجهة الى الوفد العسكري المفاوض، واصفاً هذا الهجوم بأنه “غير موفق ولن ينجح”. ولفت الى “أننا نطالب بالحق ونجعل الرأي العام يدرك ما يجري، وهذا يزعج من يعمل لمصالحه وليس لمصالح لبنان”.

اما مدير “المركز اللبناني للأبحاث والاستشارات” حسان قطب فرأى أن “المشكلة أبعد من عملية ترسيم أو تفاهم، وقد بدأت مع ابلاغ الرئيس عون الوسيط الاميركي أننا نقبل بالخط 23. كيف يمكن أن نتعامل مع مؤسسات دولية بمزاجية وتغيير المواقف؟ هناك أسس ومبادئ وخطوط عريضة يجب الالتزام بها. القضية كبرى ويجب التعاطي معها بمسؤولية بحيث يحدد التقنيون الترسيم ويتبناه السياسيون”.

وأشار الى أن “الموقف اللبناني الموحد سيكون حول الخط 23 لسبب بسيط أن الرئيس عون أبلغ الوسيط عند عودته من اسرائيل أن يحمل معه موافقة خطية على الخط 23″، متسائلاً “في حال حمل هوكشتاين معه هذه الموافقة الخطية، فماذا سيقولون له؟”. ولفت الى “أننا أمام سيناريو خطير جداً لأن كلام الاسرائيلي كان سقفه عالياً والتهديد مؤشر خطير على لبنان ومستقبله، وأي خلل أمني سيؤدي الى مواجهة مدمرة”.

واعتبر أن “الأفضل لبلد يعاني أزمات مالية واقتصادية أن يأخذ خيار النقاش والتفاوض لتحصيل حقوقه أو اللجوء الى شكوى لدى محكمة العدل الدولية اذا كانت لديه المستندات والوثائق. الموضوع دقيق وحساس ويتطلب وقفة وطنية لتحديد المسؤوليات وتحديد ما هو مطلوب”، مشدداً على أن “المواجهة نتيجة تجاذب سياسي داخلي غير مقبولة كما أن لا أحد يملك حق التنازل عن أملاك وطنية”.

شارك المقال