استراتيجية بوتين تحاصر الروس في أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

يراهن مسؤولون أميركيون على أن الاستراتيجية العسكرية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أوكرانيا محاصرة بشكل متزايد بسبب إحجام الكرملين عن إعلان الحرب رسمياً ضد كييف، ومحاولة حصر ما يحصل في إطار “العملية الخاصة”، حسب قراءة في موقع “فورين بوليسي” الالكتروني.

ووفقاً للمقال، “يحد إصرار بوتين على التظاهر بأن غزو أوكرانيا هو عملية عسكرية خاصة من قدرة الكرملين على الفوز بالحرب بعد مرور نحو أربعة أشهر على اندلاعها، علماً بأن هذه الاستراتيجية تسمح له بإخفاء الحجم الحقيقي للصراع عن الشعب الروسي. ويقدر المسؤولون الغربيون أن ما لا يقل عن 15 ألف جندي روسي قتلوا في أوكرانيا، التي تزيد تقديراتها عن ضعف ذلك. ويرى هؤلاء بشكل متزايد أن إحجام بوتين عن تحمل التكلفة السياسية للاعتراف بحرب أوسع وأكثر دموية في أوكرانيا بعد توقع الاستيلاء على كييف في غضون أيام، يحد من قدرة الكرملين على الدعوة إلى تعبئة عامة”.

وتعليقاً على الموضوع، أوضح مسؤول دفاعي أميركي كبير، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، للصحافيين وهو في طريقه إلى بروكسل: “في الوقت الحالي، تكذب القيادة الروسية على شعبها بشأن ما يحدث”. ومن المقرر أن يستضيف وزير الدفاع لويد أوستن اجتماعاً يضم 50 دولة لتزويد أوكرانيا بمساعدات عسكرية جديدة. “القيادة الروسية مقيدة في قدرتها على الحفاظ على مستويات عالية من التواجد (في أوكرانيا) لأنها لا تريد للشعب معرفة حقيقة ما يحصل”.

وعلى الرغم من أن الكرملين يبدو غير راغب في تحمل الثقل السياسي للتعبئة الأوسع نطاقاً، أجرت روسيا حملات تجنيد لاعادة ملء صفوف الآلاف من المجندين الذين قُتلوا بالفعل في الحرب الطاحنة. وصرح مسؤول أمني أوروبي مؤخراً لمجلة “فورين بوليسي” بأن روسيا أطلقت “حملة تجنيد فاشلة” بالقرب من مدينة مورمانسك. ويعتقد الجيش الأوكراني أيضاً أن روسيا تبذل جهوداً متواصلة لتجديد الأسلحة والمعدات العسكرية.

وصرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بأن أوكرانيا تخسر الآن ما بين 100 إلى 200 جندي يومياً، وهي أرقام اعتبر مسؤولون أميركيون أنها لا تتماشى مع توقعات المعركة المدفعية الضارية. وعلى الرغم من المكاسب الروسية الأخيرة، التي شهدت سيطرة القوات الروسية على معظم مدينة سيفيرودونتسك، وهي مدينة رئيسة في دونباس، سعت إدارة بايدن للنظر إلى ما هو أبعد من الصورة اليومية لساحة المعركة للتركيز على جلب المزيد من الأسلحة التي تتوافق مع معايير الناتو لأوكرانيا.

(…) وعلى الرغم من أن روسيا قد حددت نطاق ساحة المعركة في منطقة دونباس، بعد الفشل في الاستيلاء على كييف والعديد من المدن الأوكرانية الشمالية في الأيام الأولى من الحرب، تستمر المشكلات مع القيادة العسكرية وتلك المتعلقة بالروح المعنوية وبقضايا الإمداد. وسعى المسؤولون الأميركيون الى التقليل من أهمية المكاسب الروسية في الأسابيع الأخيرة خصوصاً وأنهم يعتقدون أن استراتيجية الكرملين أصبحت أيضاً محاصرة بسبب العقوبات الغربية.

وتحولت روسيا إلى حرب مدفعية في دونباس مدفوعة باستنفاد مخزون الكرملين من أسلحة الضربات الدقيقة. وقال مسؤول دفاعي أميركي كبير: “لقد دمرت الكثير من المعدات الروسية المتطورة بالفعل. وبدأ الروس بالاعتماد على نماذج أقدم وعلى قدرات أكثر محدودية، لأنهم ببساطة لا يستطيعون تأمين إعادة الإمداد”. وأضاف المسؤول أن أوكرانيا تملك أيضاً مزايا في سلسلة التوريد على روسيا بسبب استمرار تدفق المعدات العسكرية. وقال مصدر أميركي مطلع على معلومات استخبارات ساحة المعركة: “الأوكرانيون يتعرضون لضربات قوية لكني لا أعتقد أنهم يخسرون الحرب”، مع الإشارة إلى أن الهدف الروسي كان التطويق السريع. “اعتقد الروس أنهم سيحققون ذلك في غضون أسابيع، والآن تحولت المعركة إلى حرب طاحنة، يضيف مسؤول عسكري أميركي. أما عن تحقيق الروس لنوع من الهيمنة في شرق أوكرانيا وهو ما كان هدف هذه العملية في الأصل، فهو أمر لم يحسم بعد”.

شارك المقال