أربعة أشهر خطيرة… وليس أمامنا سوى الصلاة

هيام طوق
هيام طوق

بعد أكثر من شهر على المماطلة، حدد رئيس الجمهورية ميشال عون موعد الاستشارات النيابية يوم الخميس المقبل، وتكثفت الاتصالات في مختلف الاتجاهات وعلى كل المستويات لخوض الاستحقاق وفق ما تقتضيه مصلحة كل طرف وسط ضبابية وتعقيدات غير عادية بحيث أنه للمرة الأولى لن تسبق يوم الاستشارات تزكية اسم للتكليف، واللقاءات والمشاورات الجارية بين القوى السياسية خصوصاً المعارضة منها لم تتوصل الى اسم موحد حتى الساعة ما يعني أن المبارزة الحكومية ستشهد تعددية مرشحين على الرغم من أن الرئيس نجيب ميقاتي لا يزال الأوفر حظاً مع طرح أسماء لم تتسم بالجدية.

وفي حال مرّ الاستحقاق على خير بغض النظر عن السيناريوهات المتعددة عن إمكان التكليف من دون تأليف لأسباب كثيرة، ستتركز أنظار اللبنانيين على المحطة الأبرز أي انتخاب رئيس جديد للجمهورية بعد انتهاء ولاية العهد في 31 تشرين الأول المقبل باعتبار أنها ستكون فاتحة لمرحلة جديدة يوضع فيها البلد على سكة الانقاذ والتعافي.

وما بين الاستحقاقين الحكومي والرئاسي وانتظار رد الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين على المقترح اللبناني، تبدو المرحلة دقيقة وحساسة وربما خطيرة، اذ أن الأفق مبهم وقاتم والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات، بمعنى أن البعض يرى أن الأشهر الأربعة المتبقية من عمر العهد ستمر بسلاسة لأن كل الأطراف تريد تمريرها بأقل خسائر ممكنة للانطلاق بمرحلة تأسيسية جديدة، في حين يتخوف آخرون من هذه الأشهر التي ربما ستشهد سخونة سياسية واجتماعية لا تحمد عقباها، وبالتالي، يمكن القول انها أخطر من الخطيرة.

وفي هذا الوقت الصعب، سيكون على اللبنانيين تحمل كل أنواع مشقات الحياة وغلاء المعيشة وتزايد الأزمات من إضراب القطاع العام إلى الارتفاع الجنوني في أسعار المحروقات والتهديد بأزمة قمح وطحين، وتفشي الأمراض مع صرخة القطاع الاستشفائي في ظل غياب المعالجات الجدية، حتى أن الخبراء يتخوفون من انفجار الشارع في أي لحظة لأن النار تحت الرماد.

على أي حال، كيف يفسر المعنيون خطورة هذه المرحلة المبهمة ودقتها؟ وهل الأشهر المتبقية حتى نهاية العهد ستمر بسلاسة وهدوء أو أنها ستشهد حماوة سياسية واجتماعية وربما أمنية؟

حمادة: الأشهر الأربعة المقبلة أخطر من الخطيرة

رأى النائب مروان حمادة أنه “اذا كانت السنوات الخمس والنصف التي مرت من أخطر ما مرّ على لبنان وأحدث فيه زلزالاً مدمراً، فالأشهر الأربعة المتبقية هي بكل تأكيد أخطر من الخطيرة، لأن رئيس الجمهورية يستمر في الحكم بطريقة غير مبشّرة بأي خير انما بالمزيد من الضغوط والارتهانات والابتزازات لتأمين ما بعد عهده من مكاسب لصهره وما تبقى من تياره”.

وشدد على أن “كل يوم يمر سيكون يوماً ينقص من هذا العهد ويجب ألا ينقص من حياة لبنان. الخطورة التي يتحدثون عنها ليست الا وصفاً معتدلاً جداً لما يحدق ويحيط بنا من عواصف وأعاصير من الآن حتى 31 تشرين الأول”، مشيراً الى أن “رئاسة المجلس النيابي ستدعو منذ الأول من أيلول أي مع سريان فترة انتخاب رئيس الجمهورية دستورياً الى اجتماع المجلس علّنا نستطيع اختصار المعاناة بانتخاب رئيس، وتصبح المرحلة انتقالية أكثر مما تكون مرحلة تصفية حسابات وتصفية الجمهورية”.

واعتبر أن “الفراغ قائم في كل شيء حتى في الرئاسة بحيث يتحكم بالبلد شخصان أو ثلاثة على طريقة التشبيح عليه بواسطة ما تبقى لهم من أدوات قضائية وأمنية. أما الحكومة فهي مبعثرة وتضم وزراء من كل وادي عصا، وبالتالي، لا تمثل أحداً ولا تفعل شيئاً. كل يوم يمر مكسب اذا استمرينا على قيد الحياة لأن التراجع مستمر من دون أي معالجة أو اصلاح، وليس أمامنا سوى الصلاة لتمر الأشهر الأربعة المقبلة بسلام”.

واستبعد خيار الحرب بين اسرائيل و”حزب الله” لأن “البلد مدمّر بلا حرب، والأعداء يتفرجون علينا وبالتالي، لماذا المخاطرة بحروب في حين نحن دمرنا أنفسنا وبلدنا؟”، مؤكداً أنه “لو شُنتّ علينا 3 حروب خلال السنوات الماضية لما وصلنا الى ما نحن عليه اليوم”.

وسأل حمادة: “هل فعلاً هذا المجلس سيكوّن أكثرية ولو نسبية جديدة ومتجددة وتغييرية كما يقولون أو أن كل كتلة ستبتلع بعض النواب الجدد وقسماً كبيراً ممن لا هوية لهم في المناطق بحيث يصبح البرلمان غير قابل للعمل؟”، مشيراً الى أن “الانفجار الاجتماعي تأخر، وهذا يدل على قدرة اللبنانيين على الصمود وقدرة المغتربين على ابقاء خط حيوي قائم بينهم وبين أهلهم في لبنان أملاً في الانتهاء من هذه المرحلة”.

ماروني: أزمة خطيرة تتمثل بالفراغ الحكومي والرئاسي

أما الوزير والنائب السابق إيلي ماروني، فلفت الى “أننا تعودنا في لبنان على عدم احترام المواعيد الدستورية، كما أن حزب الله الممسك بزمام الأمور في البلد سبق وعطل انتخاب رئيس جمهورية 3 سنوات لايصال الرئيس عون”، مؤكداً أن “اللبناني لم تعد لديه ثقة بالمسؤولين لأنهم عوّدونا على عدم احترام المواعيد الدستورية وعدم احترام وضع البلد واقتصاده وأزماته. لذلك، الكل يرى أننا أمام أزمة خطيرة هي أزمة الفراغ على المستوى الحكومي كما على المستوى الرئاسي، بحيث هناك من يريد تعويم الحكومة الحالية أو تأليف حكومة على مزاجه ووفقاً لمصالحه، والمواطن يدفع الثمن مزيداً من الانهيارات”.

وأشار الى “أننا نمر بوضع خطير جداً في ظل التهديدات المتبادلة بين اسرائيل وحزب الله، اضافة الى أننا في مرحلة تصريف أعمال على الصعيد الحكومي مع صعوبة تشكيل حكومة وربما فراغ على المستوى الرئاسي، فضلاً عن بدء خيبة الأمل بالنواب الجدد الذين يتسارعون في السقوط نتيجة الأنانية وقلة التنسيق وعدم خلق جبهة لانقاذ لبنان”، متسائلاً “طالما أن قراري الحرب والسلم ليسا في يد الدولة، فما الذي يمنع نشوب الحرب خصوصاً أن الجو العام محتدم ولا رادع؟”.

وقال ماروني: “نتفاجأ كيف أن الوضع الاجتماعي لم ينفجر في ظل الغلاء الفاحش. ننتظر الانفجار الاجتماعي في كل لحظة ونريده للخلاص من المسؤولين الذين دمروا البلد وأهله، ونتمنى أن يمر موسم الاصطياف على خير”.

شارك المقال