حلوا عن ظهرنا

عبدالعزيز حسين الصويغ

في ديسمبر 2018 غرّد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب قائلاً: “إن المملكة ستحل محل الولايات المتحدة في إعادة إعمار سوريا”.

وجدتُ – آنذاك – في التغريدة “جليطة” واستفزازاً غير مدروس من قِبَل الرئيس الأميركي. فأبسط مبادئ اللياقة – دعك من الديبلوماسية – يفرض عدم خروج طرف بإعلان يخص طرفاً آخر… وإذا كان لا بد – بعد تفاهمات بين الطرفين – فإنهما يصدران بياناً مُشتركاً حول قضية ما، أو يُترَك للدولة المعنية الإعلان عنها بطريقتها الخاصة.

رأيت أن تغريدة الرئيس ترامب ليست إلا محاولة للخروج من أزماته الداخلية المتوالية، بإحداث فرقعة حوله للتخفيف من الضغوط والحرج الذي يُواجهه نتيجة إخفاق بعض سياساته الداخلية، ابتداءً من قانون الهجرة الذي اقترحه، إلى قرار إقامة جدار أمني بينه وبين المكسيك، ثم أخيراً قرار انسحاب القوات الأميركية من سوريا، الذي عارضه فيه وزير دفاعه، وقدم استقالته المُسبَّبة.

تذكرت هذا الموقف ومقالي حوله حين خرجت أصوات أخيراً هنا وهناك تضع فشل سياسات حكوماتها على دول الخليج لعدم توفيرها الدعم الكافي لها! وتصادف اليوم نشر موقع “فيسبوك” Facebook حديثاً بيني وبين أحد الأصدقاء حول قضية المساعدات الخارجية السعودية للدول العربية والاسلامية الذي نشرت في موضوعها كتاباً صدر عام 1422هـ/ 2001م، وثقت فيه بالأرقام والبيانات الرسمية ما يثبت أن المملكة العربية السعودية من الدول المتصدرة للعون الخارجي في العالم من حيث نسبتها المئوية للناتج الوطني، وتميزت أنها مساعدات يوجهها العامل الإنساني والأخوة العربية والإسلامية في المقام الأول.

وقد أكدت من خلال دراسة موثقة استقيتها من مصادر رسمية أن مساهماتنا في دعم الدول الشقيقة، أو إنشاء مشاريع لصالح أشقائنا في الدول العربية أو الإسلامية، هي سياسة سعودية قديمة ومتأصلة، وتقوم على أسس راسخة في إطار التضامن العربي، وثَّقتها في كِتَاب قديم أصدرته عام 2001م، بعنوان: “المملكة العربية السعودية وتنمية العالم الإسلامي”، أوضحت فيه أهداف المساعدات الخارجية السعودية ودوافعها، من أهمها:

  • المساعدات السعودية الخارجية غير مقيدة أو مشروطة.
  • إنها تُشكِّل نسبة عالية من الناتج القومي، حيث بلغ نسبة ما قدَّمته المملكة من مساعدات خلال الفترة من 1973-1981م نحو (7.7%).
  • إن قسماً كبيراً من المساعدات الخارجية السعودية كانت مساعدات غير مستردَّة. كما تُقدِّم المملكة قروضاً من دون فوائد.
  • تتصف المساعدات الخارجية السعودية بسرعة الصرف والسيولة العالية.

لذا، فإن أي كلام آخر حول الدعم السعودي ليس إلا محاولة للخروج من أزمات داخلية بإحداث فرقعة حوله للتخفيف من الضغوط والحرج الذي يُواجه هذه الدولة أو تلك نتيجة إخفاق بعض سياساتها الداخلية، وعجزها عن معالجة أوضاعها الاقتصادية المتردية ومحاولة تحميلها لطرف لا ناقة له في الأمر ولا جمل، بل هو نوع آخر من… لذا تذكرت في هذه المناسبة مقالي عن ترامب هنا لتشابه الظروف والأحوال. وليسمح لي هؤلاء وأولئك بإيراد كلمات قالها الكاتب اللبناني أمين الشيخ علي، تحت عنوان “حلّوا عن ظهرنا”، تمثل شعوري تجاه طروحات سمجة تحاول أن تُحمّل دول الخليج أعباء سياسات لا علاقة لها بها.

مسكين يا هالبلد… مقسوم بين 14 وتماني

مسكين يا هالبلد

مسكين شو عم تعاني

الهم فيك انولد

مقسوم بين 14 وتماني

والناس ما عندا جَلَد

عن جد زهقاني

قسمتوا الناس عا بعضا

تركتوا البلد فلتاني

وشعلتوا بقلوبهم حقد المذهبية

ودعيتوا لقتل مجّاني

كلو عشان تبقوا عالكراسي

وترجعوا عالحكم من تاني

وصار شعبنا بالدني مشرّد

وفرص لولادنا عدماني

حلّوا بقى عن ظهرنا

جهلكم عن جد بكّاني

وان ما بقي فيك رجال يا لبنان

بدعي لأالله يصير الحكم نسواني

# نافــــــذة

✍️ ‏للأسف نحن نسكت عن الغوغائيين فتزداد افتراءاتهم، وأذكر أيام الطفرة الأولى وارتفاع أسعار البترول وشعور الدول الفقيرة بوقع المأساة ومسارعة المملكة الى تزويد كثير منها بالوقود والمساعدات والمنح المالية، قام الاعلام في كثير من الدول وبعض المؤتمرات يندد بدول الخليج وذكرت ذلك في تقرير بعد حضوري أحد المؤتمرات وأنه ليست لدينا احصائية وبيانات تدل على حجم الأموال التي قدمتها المملكة، وأنه من الضروري نشر هذه المعلومات للدفاع عن بلدنا.

➖ عبدالملك فراش/ 19 يونيو 2017

[email protected]


عبدالعزيز حسين الصويغ
سفير السعودية الأسبق في كندا

شارك المقال