إلى أي مدى قد تساعد الصين روسيا بتمويل حربها في أوكرانيا؟

حسناء بو حرفوش

أصبحت الصين الممول الرئيسي لحرب الكرملين في أوكرانيا مع تزايد شهيتها للنفط الروسي المخفض، مما جعلها تمنح موسكو مصدر دخل موثوق به يخفف من تأثير العقوبات الغربية القاسية في اقتصادها، حسب تحليل لريد ستانديش بموقع (RFERL) الإلكتروني الأوروبي.

ووفقا للقراءة، “بعد أربعة أشهر من غزو موسكو لأوكرانيا، تفوقت الصين على ألمانيا كأكبر مشتر منفرد للطاقة الروسية، إذ ساعدت مبيعات النفط إلى الصين والهند المتعطشة بدورها للطاقة، على سد الفجوة التي خلفتها أوروبا. وتشير التقارير إلى أن روسيا ربحت أكثر من 96 مليار دولار من صادرات الوقود الأحفوري في أول 100 يوم من الحرب. واشترت الصين والهند معًا ما يقدر بنحو 2.4 مليوني برميل من النفط الخام الروسي يوميًا في أيار، أي نصف إجمالي صادرات روسيا.

وعلى الرغم من بيعها بحسم كبير، إلا أن المشتريات، سمحت إلى جانب ارتفاع أسعار النفط للإيرادات الروسية بالنمو في مواجهة الضغوط الغربية ومنحت موسكو شريان حياة ماليًا مهمًا لمواصلة تمويل مجهودها الحربي. وسمح شراء النفط الروسي الرخيص للصين بتنويع احتياطياتها ومنح الهند تدفق إيرادات مربحًا من خلال إعادة تصدير المنتجات المكررة مثل البنزين والديزل من الخام الروسي. وفي الوقت الحالي، لا يخاطر أحد بعمليات الشراء تحت وطأة فرض عقوبات ثانوية بينما يظل حظر النفط الحالي من جانب الاتحاد الأوروبي جزئيًا، لكن استعداد بكين ونيودلهي لشراء النفط الروسي سيخضع للاختبار في وقت لاحق من هذا العام بمجرد دخول إجراءات أكثر صرامة حيز التنفيذ.

وفي هذه الأثناء، استضاف الرئيس الصيني شي جين بينغ قمة افتراضية لزعماء البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، حيث شجب العقوبات الغربية ووصفها بأنها “تسليح” للاقتصاد العالمي ودعا إلى التجمع للعمل بشكل أوثق معًا. وخلال تصريحاته في القمة، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان دول البريكس (البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا) “تطور آليات بديلة موثوقة للتسويات الدولية” و”تستكشف إمكانية إنشاء عملة احتياطية دولية على أساس سلة عملات البريكس”.

لكن إلى أي مدى يمكن لموسكو الاعتماد على الأسواق والشركاء غير الغربيين، مثل الصين والهند، لمساعدتها على التعامل مع تداعيات العقوبات؟

كثيرا ما يُلحظ التباين بين خطاب الصين وأفعالها، وكان ذلك واضحًا منذ العام 2014. وتحرص الصين على الاستفادة من عزلة روسيا، بما في ذلك شراء النفط الخام الروسي الرخيص. ولكن عندما يتعلق الأمر بانتهاك العقوبات الغربية، عادة ما يكون القطاع الخاص الصيني حذرًا للغاية. في هذه الحالة، ما زالت هناك العقوبات الغربية على النفط الروسي وسيبدأ الحظر النفطي من الاتحاد الأوروبي في 5 كانون الثاني. لذلك لا تزال هناك فترة إنهاء تدريجي قبل بدء العقوبات، وهذا هو الوقت المناسب للصين والهند، للاستفادة من النفط الرخيص للغاية من روسيا.

وبصرف النظر عن شراء النفط، أظهرت الصين أنها حذرة للغاية عندما يتعلق الأمر بتجنب فرض عقوبات ثانوية على روسيا من قبل الغرب. هل نتوقع أن تقدم بكين المزيد من الدعم العلني لروسيا في المستقبل، خاصة عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا المتقدمة؟ إن عملية التوازن التي تقوم بها الصين حساسة للغاية، ومع تقدم الحرب، سيصعب على بكين الحفاظ على هذا الموقف الذي يسمى “الحياد المؤيد لروسيا”، حيث يكونون محايدين رسميًا لكنهم يميلون إلى روسيا.

ومنذ العام 2014، كانت لدى روسيا توقعات كبيرة من بكين للتدخل للمساعدة “في هذا الوضع المالي الصعب للغاية بالنسبة لموسكو”. ومنذ ذلك الحين، أجرى الكرملين تقويمًا أكثر رصانة من حيث مقدار المساعدة التي يمكن أن تكون واقعية. وهناك بعض الاستياء من الجانب الروسي فيما يتعلق بنقص الدعم الصيني من حيث المساعدة المالية ونقل التكنولوجيا بعد فرض العقوبات.

ونتعلم من العام 2014 أن القطاع الخاص الصيني يتجنب المخاطر لأنه يعتمد بشدة على الدولار الأميركي في المعاملات ويميل إلى الابتعاد عن الكيانات الروسية الخاضعة للعقوبات، بل إنه يمتثل بشكل مفرط للعقوبات ليكون أكثر حذراً. لذا في الوضع الحالي، أود القول إنه سيكون هناك سلوك أكثر تجنبًا للمخاطرة في الفترة المقبلة من القطاع الخاص الصيني”.

شارك المقال