بايدن… الامبراطور العاري

حسناء بو حرفوش

“الامبراطور عارٍ… والجمهور يدرك ذلك جيداً”، حسب قراءة في موقع “ذا سبكتايتور” الأميركي، خصصت للتركيز على إحباط الجماهير وخيبتها من إخفاقات الرئيس جو بايدن. ووفقاً للقراءة، “تولى بايدن منصبه بآمال كبيرة من الناخبين ووعد بتوحيد البلاد، لكن تطلعات الجمهور اصطدمت بالحضيض وفقد الثقة ببايدن وبقدرته على أداء المهمة مما انعكس سلباً على الإيمان بكفاءته. وانسحب ذلك على الحزب بأكمله وسجلت خسائر ضخمة بدأت تحديداً مع استهلال الناخبين تقويم انسحاب الرئيس المفاجئ وغير الكفؤ من أفغانستان. وازدادت الأمور سوءاً مع ارتفاع التضخم، وأتت ردة فعل الرئيس بزيادة الإنفاق.

ولم يصدق الجمهور قط محاولة بايدن إلقاء اللوم في هذه المشكلات على فلاديمير بوتين، على الرغم من أن الزعيم الروسي يتحمل بعض اللوم عن ارتفاع أسعار البنزين، طبعاً بعض اللوم، وليس كل اللوم. ويمتد التضخم إلى ما هو أبعد من البنزين على أي حال، بحيث بدأت أسعار الوقود بالارتفاع قبل فترة طويلة من الغزو الروسي لأوكرانيا. ويُلحق الارتفاع الحاد في أسعار البنزين ضرراً سياسياً خصوصاً لسببين: أولاً، تنسحب التكاليف المرتفعة على البضائع الأخرى التي تتطلب النقل. ثانياً، يمكن للمستهلكين رؤية الأسعار المرعبة التي يعلن عنها يومياً في كل زاوية من الشوارع، وهذا ما يزيد من حدة المعاناة.

ويعزى ارتفاع أسعار البنزين بنسبة معينة الى المستجدات المرتبطة بروسيا. بينما النصف الآخر كان اختياراً متعمداً للسياسة، مدعوماً من جميع الديموقراطيين الوطنيين باستثناء جو مانشين. وكان هدف الإدارة تسريع الانتقال من الوقود الأحفوري بجعله أكثر تكلفة. وتكمن مشكلة الإدارة، والمشكلة في الدولة، في أنه بمجرد غزو بوتين لأوكرانيا، قفزت أسعار الوقود إلى ما هو أبعد من أهداف الإدارة.

وسيكون الرد الواضح بإطلاق العنان لإنتاج الطاقة الأميركية وتوزيعها وتكريرها. ولكن لماذا لم يتكيف بايدن؟ لأنه غير راغب في مواجهة النشطاء البيئيين الأقوياء في حزبه. فهو يفضل الذهاب إلى مصادر النفط الأخرى، وهذه المبادرات لم تنجح. ولا تنتهي مشكلات بايدن عند البنزين، فقد تصاعدت على جبهات متعددة، على رأسها أسوأ تضخم تشهده البلاد منذ السبعينيات وبعض الجرائم العنيفة الأكثر إثارة للقلق منذ التسعينيات، وهو ما لم يتمكن بايدن مجدداً من حله. وبالنتيجة، لا يعتقد الناخبون فقط أن البلاد على “المسار الخطأ”، بل يعتقدون أن بايدن مسؤول ولا يمكنه إعادتها إلى المسار الصحيح. هذا الحكم كارثي بالنسبة الى الحزب الحاكم، وأملهم الوحيد هو أن يكون الأداء الاقتصادي أفضل بكثير، بما في ذلك الدخول الحقيقية الأعلى.

وبدأ الديموقراطيون يعترفون حالياً بعيوب بايدن الخطيرة وتنتشر عدم الثقة بإدارته بين الجمهوريين والمستقلين على حد سواء. الجديد هو انتشاره بين الديموقراطيين البارزين الذين يقرؤون الاستطلاعات الكئيبة ويخشون العواقب الانتخابية ويعتبرون أن بايدن خسر القيادة. استياء الديموقراطيين متجذر في السياسة العملية وليس الأيديولوجية، ولهذا السبب، يتوقعون خسائر كبيرة في تشرين الثاني المقبل، بحيث من المحتمل أن يخسروا مجلس النواب وربما مجلس الشيوخ.

وهناك إشارة أخرى على إخفاقات بايدن تكمن في طرح خلفاء محتملين داخل الحزب. والاسم الأكثر وضوحاً على اللائحة المطروحة هو حاكم ولاية كاليفورنيا غافن نيوسوم، الذي نشر مؤخراً إعلانات في فلوريدا للترويج لولاية موطنه. ويدرك المساعدون في البيت الأبيض هذه المشكلات جيداً ويفعلون كل ما في وسعهم لمنع بايدن من الإجابة عن الأسئلة بصورة ارتجالية. ونجحت هذه الاستراتيجية بصورة جيدة خلال حملة 2020، لكن من الصعب جداً تحقيقها داخل البيت الأبيض.

علامات الفشل

إن أوضح مؤشرات إخفاقات بايدن هي: (1) أرقام استطلاعات الرأي المروعة أو الأسوأ في التاريخ الحديث؛ (2) العدد الهائل من الناس الذين يعتقدون أن البلاد تسير على الطريق الخطأ و(3) سلوك السياسيين المحنكين، الذين لا يريدون بايدن قريباً منهم في الحملة الانتخابية، وأحدث مثال على ابتعاد الديموقراطيين عن بايدن في ولاية أوهايو. ولإخفاقات إدارة بايدن تداعيات سياسية مؤلمة: يواجه الديموقراطيون ورطة عميقة في الانتخابات النصفية، فالتضخم يزعج الناخبين ومكاسب الأجور لم تواكب التضخم واستطلاعات الرأي تظهر أن الناس الآن محبطون من ظروفهم الخاصة. وسواء أكان بنية بايدن الترشح أم لا، تظهر أرقام استطلاعاته المنخفضة احتمال مواجهته منافسة أولية. وسيصعب على بايدن التغلب على هذه المشكلات، خصوصاً مع تصويره كسياسي مرتبك وغاضب وغير كفؤ وغير قادر على حل مشكلات البلاد المتزايدة”.

شارك المقال