الاستحقاق الرئاسي في مهب الصراع الأميركي – الايراني؟

هيام طوق
هيام طوق

شكلت قمة جدة للأمن والتنمية الحدث الأبرز على الساحة السياسية ليس في لبنان وحسب، انما في منطقة الشرق الأوسط إذ اعتبرها الجميع مهمة جداً لناحية عودة الاهتمام الأميركي بأوضاع المنطقة بعد فترة من الانكفاء خصوصاً في هذه المرحلة تحديداً حيث المفاوضات الأميركية – الايرانية تشهد تعثراً، وفي ظل الحرب الروسية – الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية على العالم أجمع .

وفيما يشهد لبنان تعثراً على المستويات الحياتية كافة وفي تشكيل الحكومة، اعتبر مراقبون أن التطرق الى الوضع اللبناني في البيانين اللذين صدرا عن قمة جدة وعن اللقاء الأميركي – السعودي أظهر أن لبنان في صلب الاهتمامات الدولية بحيث عبّر القادة في البيان الختامي للقمة عن دعمهم لسيادة لبنان وأمنه واستقراره، ودعوا جميع الأطراف اللبنانية الى احترام الدستور والمواعيد الدستورية، وأكدوا أهمية بسط سيطرة الحكومة اللبنانية على جميع الأراضي. فيما أشار الجانبان الأميركي والسعودي إلى أهمية تشكيل حكومة، وتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية، وعدم تحول لبنان إلى نقطة انطلاق للارهابيين أو تهريب المخدرات، وتنفيذ أحكام قرارات مجلس الأمن ذات الصلة واتفاق الطائف.

وفي حين ذهب البعض الى اعتبار أن الشرق الأوسط بعد القمة ليس كما قبلها، ترى جهات أن الانتخابات الرئاسية تتأثر بتطورات المنطقة وهي نتاج مزيج داخلي وخارجي، في حين تعتبر جهات أخرى أن انتخاب رئيس الجمهورية ينتخبه النواب اللبنانيون، وهم يسمحون أو لا يسمحون بتدخل خارجي، واذا صفت النيات وتم التوافق على انتخاب شخصية معينة، فينتفي أي تأثير لأي عاصمة خارجية. وهنا لا بد من السؤال حول أهمية القمة بالنسبة الى لبنان، ومدى انعكاسها على الاستحقاق الرئاسي عشية بدء المهلة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية؟ وهل تجسد القمة اهتماماً متجدداً للأميركيين بالمنطقة بعد انكفاء في الفترة السابقة أو تطغى عليها المصلحة الاقتصادية البحتة؟ وهل تعتبر بياناتها خارطة طريق لمستقبل المنطقة أو أنها ستبقى حبراً على ورق؟

لفت النائب السابق فارس سعيد الى أن “الانتخابات الرئاسية في لبنان تأتي في ظل الصراع الأميركي – الايراني في المنطقة بحيث أن ايران لديها مرشحان النائب جبران باسيل أو الوزير السابق سليمان فرنجية. فمن هو مرشح الفريق الآخر؟ من هنا دعونا حزب القوات اللبنانية، حزب الكتائب اللبنانية، كتلة التجدد والحزب التقدمي الاشتراكي والنواب المستقلين والتغييريين، إلى وعي وتحمل المسؤولية الملقاة على عاتقهم لمواجهة المشروع الايراني الذي سيفرض علينا أحد مرشحيه وإلا فليتحملوا أمام الشعب الذي لن يرحم من وعدهم ولم يف بوعده”.

ورأى أن “استحقاق رئاسة الجمهورية تاريخياً وخاصة اليوم يأتي في اطار سياسة اقليمية ودولية شاملة. وهذا الاستحقاق بعد زيارة الرئيس الأميركي جو بايدن الى المنطقة سيدخل في جغرافيا الانقسام العالمي بين فريق يدعم المجتمع الدولي وعلى رأسه أميركا وفريق يدعم روسيا والصين وضمنه ايران”، مشيراً الى أن “الشرق الأوسط بعد زيارة بايدن لن يكون كما قبلها”. وقال: “نحن في لحظة اعادة تكوين مخيمات سياسية وأمنية وعسكرية وحتى اقتصادية في المنطقة، ولبنان لن ينجو من هذه الارتدادات التصعيدية المتوقع حصولها. ونتخوف من عودة الاغتيالات السياسية”.

أما الوزير والنائب السابق إيلي ماروني فاعتبر أن “القمة مهمة ولها دلالاتها في التوقيت والمواضيع التي تطرقت اليها بمعنى أنها تدل على عودة الاهتمام الأميركي بالمنطقة في عز التسوية التي قد تحصل بين ايران وأميركا، وفي ظل ظروف ناتجة عن الحرب الأوكرانية – الروسية وغلاء أسعار المحروقات والأزمات في الدول الأوروبية. كما أن القمة مهمة وضرورية في هذه المرحلة لمحاولة إنقاذ الوضع الأمني، ولو قال المجتمعون انهم لم يتطرقوا الى ناتو عربي لكن من المؤكد أنهم تحدثوا عن الأمن العربي”.

وأسف لـ “غياب لبنان عن القمة بفعل لبناني بحت أي بسبب سياسة القادة الحاليين الذين أخرجوه من المعادلة العربية والعالمية. ولكان وجود لبنان في قمة بمستوى قمة جدة وفي ظل الظروف المعقدة التي يعيشها، مهماً جداً للخروج من أزماته ووضعه الاقتصادي والمالي”.

وأشار الى أن “البيانات في بعض القمم والمؤتمرات تبقى حبراً على ورق لكن الظرف الثقيل جداً اليوم في كل الساحات الدولية والاقليمية، يقتضي أن لا تكون قمة النزهة أو الزيارة السياحية بل تكون قمة فاعلة ومنتجة لكل المقررات التي يجب أن تأخذ مجراها في التنفيذ”، لافتاً الى “أننا سنرى بعد القمة المزيد من ضخ النفط، والمزيد من التضامن بين الدول المشاركة لحماية الساحة من المد الايراني بغطاء أميركي خصوصاً للدول التي يمكن أن يتعرض أمنها للاهتزاز في أي لحظة”.

وتمنى “أن يحصل الاستحقاق الرئاسي في موعده الدستوري لأننا وصلنا الى قعر الهاوية”، مذكراً بأن “القمة شددت على أهمية احترام المواعيد الدستورية كي يعود لبنان ليلعب دوره وينطلق بالاصلاحات، لكن المسؤولين لا تهمهم الا مصالحهم وكأنهم غير معنيين بالشلل الحاصل، والعلاج الجدي غائب”. وأكد أن “المجتمع الدولي قام بواجبه في جدة، وطالب باحترام الاستحقاقات الدستورية التي هي من واجبنا، والكرة اليوم في ملعب صقور السلطة المتجذرين بفسادهم وأدائهم السيء”.

شارك المقال