بوتين يفاخر بأسلحته فماذا عن الواقع؟

حسناء بو حرفوش

لا يخفى على أحد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يفاخر بالأسلحة التي يدّعي أن “لا دولة أخرى تمتلكها حول العالم”، ويعرب عن استعداده لتصديرها الى الحلفاء، لكن روايته ليست بلا شوائب حسب مقال في موقع “دايلي بيست” الالكتروني. ووفقاً للمقال، “بعد مرور زهاء ستة أشهر من الحرب في أوكرانيا، يستمر بوتين بالتفاخر علماً أن المعطيات لا تشير إلى فوز روسيا بصورة حاسمة. وبرز موقف الرئيس هذا الاثنين الماضي في معرض الأسلحة السنوي حيث ركز على التفوق على مستوى الخصائص التكتيكية والتقنية.

وعبّر بوتين عن رغبته في توسيع تجارة الأسلحة الروسية مع دول أخرى حول العالم، لافتاً إلى أن الدول الأجنبية تقدر الأسلحة الروسية نظراً الى كفاءتها وجودتها العالية، من الأسلحة الصغيرة إلى المركبات المدرعة والمدفعية والطائرات المقاتلة والمسيرات. وتشكل موسكو بالفعل أكبر مصدر للأسلحة، مع 20% من صادرات الأسلحة العالمية وهي ثاني أكبر مصدر للأسلحة في العالم بعد الولايات المتحدة مباشرة، وفقاً لتحليل الصادرات حسب معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام بين عامي 2016 و2020. وتشكل الهند والصين والجزائر أكبر متلقي الأسلحة الروسية، كما أن روسيا تشكل المورد الرئيس للأسلحة إلى مصر وفيتنام وكازاخستان وبيلاروسيا وأنغولا، وفقاً للتقرير نفسه. وفي المجموع، تصدر روسيا أسلحة رئيسة إلى 45 دولة.

ومع ذلك، قد تختلف مزاعم بوتين بشأن الأسلحة الروسية وخطط التجارة عن الواقع، بحيث بدأت أعمال تصدير هذه الأسلحة ترزح تحت وطأة الآثار المتتالية لشن الحرب في أوكرانيا، وفقاً لتقديرات الجيش والاستخبارات. وخسرت روسيا 1876 دبابة وما يزيد عن 4 آلاف عربة مدرعة و985 منظومة مدفعية وأكثر في الحرب حتى الآن، وفقاً لبيانات هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية يوم الاثنين.

بالإضافة إلى ذلك، تتضاءل قدرة روسيا على تجديد مخزوناتها بسرعة في ظل العقوبات، بحيث انتقل المسؤولون الأميركيون الى معاقبة الكيانات في القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية في وقت سابق من هذا العام، بما في ذلك تكتل دفاعي روسي مملوك للدولة يركز على الأسلحة والأسلحة المحمولة جواً والصواريخ المضادة للرادار والذخيرة وأنظمة الرادار. وبالفعل، لم تعد المكونات عالية التقنية تدخل البلاد بعد الآن كما أن المصانع تغلق أبوابها، وفقاً لما نشرت وكالة “رويترز”.

وأشار تقويم استخباراتي بريطاني في حزيران الماضي إلى احتمال الاضطراب في إنتاج روسيا للبصريات عالية الجودة والإلكترونيات المتقدمة مما يقوّض جهودها لاستبدال المعدات المفقودة في أوكرانيا. وحتى قبل أن يختار بوتين غزو أوكرانيا مرة أخرى في شباط، لم تكن التوقعات جيدة بالنسبة الى روسيا. وكان من المقرر بالفعل أن يتغير ميزان الصادرات والواردات في السنوات المقبلة، خصوصاً بسبب الصين، التي قد لا تحتاج قريباً إلى الاعتماد على الأسلحة الروسية بالقدر نفسه في السنوات المقبلة. كما من المرجح أن تنخفض الواردات من روسيا في الحجم بمجرد أن تتمكن الصناعة الصينية من إنتاج أنواع الأسلحة الرئيسة التي استوردتها عموماً من روسيا على مر السنين.

وكان بوتين قد شدد على أن موسكو تقدر جميع الشركاء الذين تبنوا تفكيرها في الأشهر الأخيرة. وأضاف أن عمليات نقل الأسلحة من روسيا ستشكل مفتاحاً لتحويل العالم بعيداً عن عالم أحادي القطب، تهيمن عليه الولايات المتحدة، إلى عالم متعدد الأقطاب. ولفت إلى تقدير الحلفاء والشركاء في مختلف القارات ورغبتهم في حل قضايا الأمن العالمي والإقليمي بصورة جماعية على أساس القانون الدولي والمسؤولية المتبادلة ومراعاة مصالح بعضهم البعض. وبالتالي، فهم يساهمون في حماية عالم متعدد الأقطاب.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتفاخر فيها بوتين بالأسلحة الروسية في الأشهر الأخيرة خلال الحرب في أوكرانيا. ففي آذار الماضي، تباهى بأن ترسانة الأسلحة الروسية ستفقد دفاعات الولايات المتحدة جدواها، على الرغم من أن بعض الإضافات المقترحة إلى مخزونات روسيا “غريبة”، وفقاً لصحيفة “واشنطن بوست”. وتعكس مزاعم بوتين هذا الأسبوع إصراره في وقت سابق على أن تطور الأسلحة شاهد على أن روسيا تسبق صناعات الدول الأخرى بسنوات ضوئية”.

شارك المقال