الملف الايراني: هل يراهن بايدن على صفقة خاسرة؟

حسناء بو حرفوش

حذر مقال في موقع “نيويورك بوست” الالكتروني من أن الرئيس الأميركي جو بايدن يراهن على صفقة لن تضمن له مكاسب إلا على المدى القصير، في إطار الجهود المبذولة لإحياء الإتفاق النووي الإيراني. وحسب القراءة التي وصفت جهود بايدن بـ”الخطيرة”، فان “الأسوأ من مواظبة الرئيس هو التنازل الأميركي لإتفاق هو سيء أكثر مما هو ضروري نزولاً عند الحسابات السياسية الضيقة وليس عند الموجبات الإستراتيجية.

وتبدو النسخة التي يقدمها بايدن للإتفاق أسوأ بكثير من جميع النواحي مقارنة بالإتفاقية التي كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد أبرمها في العام 2015. فقد زادت من تشجيع إيران على مخالفاتها وإحباطها جهود فرق التفتيش منذ البداية، داخل المنشآت النووية، واستمرارها بحملاتها عن طريق تمويل وكلائها في العالم وتمكينهم تحديداً في منطقة الشرق الأوسط والمشاركة في الهجمات التي تستهدف القوات الأميركية، وآخرها الصواريخ التي استهدفت قاعدة لجنود أميركيين في سوريا.

وإزاء الهجمات العلنية والرد الأربعاء الماضي بقصف فصائل موالية لإيران في الداخل السوري، يطرح السؤال حول توق بايدن الى إتمام الصفقة مع قوة معادية بصورة علنية. وصحيح أن تأجيل إعادة إطلاق الإتفاق لعام أو اثنين قد يؤجل بعض الشيء تحول إيران إلى قوة نووية، وهو أمر لا يتمناه أحد باستثناء هذه الأخيرة وحلفائها، إلا أن مفاعيل التأجيل ستنتهي بحلول العام 2025. وبالإنتظار، سيؤدي الحصار الذي يستهدف مشاريع الطاقة الى ملء جيوب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وتقريب المسافات بين روسيا وإيران أكثر فأكثر.

ومن شأن ذلك المساهمة في تحرير مبلغ يناهز المئة مليار دولار سنوياً من خلال تخفيف العقوبات، مما يسمح بتدفق الأموال التي تموّل عمليات وكلاء إيران وتسمح لهذه الأخيرة بالاستمرار في شن الهجمات ضد أهداف أميركية، بما في ذلك التآمر لقتل مسؤولين سابقين في إدارة دونالد ترامب مثل جون بولتون ومايك بومبيو (وتجدر الإشارة إلى أن البعض يزعم أن فريق بايدن حريص على التفاعل مع تلك الأحداث حرصاً على استمرار المحادثات النووية).

هذا يعني أن طهران تختبر منذ الساعة المرونة على مستوى التنازلات التي تبدي واشنطن استعداداً لتقديمها من أجل التوصل الى إتفاق نهائي. ويولد هذا الواقع خشية لدى حلفاء الولايات المتحدة، المتشككين من أن قابلية البيت الأبيض للتنازل دونما مبرر عن الكثير من أجل أن يتمكن من الإعلان عن التوصل الى اتفاق ما قبل الانتخابات المرتقبة في تشرين الثاني. ويعتزم فريق بايدن الإعتماد بأكبر قدر ممكن على مصادر تشتيت الرأي العام من خلال قضايا التضخم وازدياد منسوب الجرائم والتفلت على الحدود الأميركية الجنوبية، في محاولة لتجييش الجمهوريين والظفر بالفوز المحتمل في الانتخابات. ولعل أي إنجاز يتم تأطيره في خانة الإنتصار الواضح ضد إيران قد يسمح بالتغطية على الإخفاق الكارثي لبايدن نفسه إثر الإنسحاب الأميركي من أفغانستان.

ويمكن إدراج خطوات أخرى في السياق نفسه على غرار القروض الطلابية الفاضحة التي أعلن عنها الأسبوع الماضي، في خطوة قد تؤدي قريباً إلى زيادة التضخم وزيادة العجز الفيدرالي، على الرغم من تفاخر بايدن المتكرر بمشروع قانون “خفض التضخم”. ويعكس ذلك بعبارات أخرى، هوس البيت الأبيض بتحقيق مكاسب سياسية قصيرة المدى، بغض النظر عن النفقات الأكبر التي تتكبدها الأمة على المدى الطويل. كما يعكس إصرار إدارة بايدن على استغلال مصادر الإلهاء لهذه الغاية وتحديداً من خلال الإعلام الذي لطالما سوّق للإتفاق النووي على أنه ضروري لتجنب إندلاع الحرب ولكبح سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط ولتجنب كوارث جيوسياسية أخرى. وفي قاموس هذا الإعلام التسويقي، ما كان لأحدهم التصريح بأن بايدن يتخلى عن مصالح الدولة لأجل الحسابات الحزبية الضيقة. باختصار، قد ينبئ تلويح بايدن بإتمام صفقة ما قبل تشرين الثاني، بعكوفه على التضحية بمصالح الولايات المتحدة من أجل تمكين موقع حزبه قبيل الاستحقاق المنتظر”.

شارك المقال