الحكومة الى تشرين… والناس الى الجحيم؟

هيام طوق
هيام طوق

يستعد رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي للسفر، لكن قبل مغادرته أشار الى أنه بعد العودة سينام في القصر الجمهوري اذا اضطر لتشكيل الحكومة. هذا الكلام فتح الباب أمام الكثير من التأويلات والتحليلات التي تراوحت بين التفاؤل بقرب الولادة على اعتبار أن ميقاتي ربما تكون توافرت لديه مؤشرات جيدة، وبين التشاؤم على اعتبار أن هذا الموقف يبقى في اطار المراوغة وتقاذف كرة النار بين لاعبي الجهة الواحدة والهاء الناس عن أزماتهم المعيشية اليومية، والتهرب من تحمل مسؤولية التعطيل في ظل الحديث عن أسابيع صعبة مقبلة لا بل ستكون الأدق والأخطر الى حين 31 تشرين الأول المقبل أي نهاية العهد الحالي.

صحيح أن اللبنانيين ينتظرون أي بارقة أمل أو أي تحريك لمياه الاستحقاقات الدستورية الراكدة عله يكون في الحركة بركة، الا أن عدداً كبيراً من اللاعبين على الساحة السياسية والمحللين يستبعدون التشكيل خلال ولاية الرئيس ميشال عون وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في المهلة الدستورية.

وفي هذا السياق، هناك من يجزم بأن الحكومة ستلد في ربع الساعة الأخير أو ربما في الأيام العشرة الأولى من تشرين الأول خصوصاً أن هناك ضغطاً محلياً ودولياً للتأليف تفادياً لخطر الفوضى الدستورية وربما الشعبية التي ستنتج عن تَولّي حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية في حال الشغور، ومن بعدها يدعو رئيس مجلس النواب نبيه بري الى عقد جلسة أو جلسات لانتخاب رئيس الجمهورية مع العلم أنه قال: “نريد شيئاً من التوافق عندها سوف تجدونني أحدد جلسة فوراً”، ما يعني أن لا جلسة لانتخاب رئيس في المرحلة الحالية.

وتتحدث مصادر لـ”لبنان الكبير” عن أن الطرفين المعنيين بالتشكيل سيضطران في نهاية المطاف الى التنازل عن شروطهما، وأن الرئيس المكلف سيرضى بتوسيع الحكومة 6 وزراء لأنه سيكون على رأس مجلس وزاري يتسلم زمام السلطة كما سيوقع على اتفاق ترسيم الحدود البحرية اذا وصل الى خواتيمه السعيدة ومع صندوق النقد الدولي ما يعني أن الرئيس ميقاتي سيختار بين المر والأمر منه.

لكن في ظل الانهيار والشلل والجوع وارتفاع الأسعار بصورة جنونية والفوضى التي بدأت معالمها بالظهور، هل سيبقى المسؤولون يلعبون على حافة الهاوية الى حين ايقاع البلد وأهله في قعرها؟ وهل فعلاً سيقدم الرئيس ميقاتي المزيد من التنازلات بهدف تشكيل حكومة كاملة المواصفات وتكون صلاحياتها واسعة في حال الشغور الرئاسي؟ وهل الولادة القيصرية للحكومة ستجري قبل دعوة الرئيس بري الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية؟

اعتبر النائب مروان حمادة أن “كل ما نسمعه ونقرأه فرضيات ومرتبط بعلامات استفهام”، متسائلاً “ما هو شكل الحكومة؟ وهل سيتفق الرئيسان عون وميقاتي على شكلها وعدد وزرائها وتوزيعهم؟ هل في حال تشكلت الحكومة سيعتبر الرئيس بري أن هناك جواً توافقياً يشجعه على الدعوة الى عقد جلسة لانتخاب الرئيس خصوصاً أنه قال نريد شيئاً من التوافق عندها سوف تجدونني أحدد جلسة فوراً؟”. وشدد على أن ” توسيع الحكومة وادخال المزيد من النفس العوني اليها يكون انتحاراً للرئيس ميقاتي وللبلد ككل. لا نشجع الرئيس المكلف على ذلك بل نحذره منه”.

ولفت الى أن “الأحداث تسابق الناس على الصعيد المالي وارتفاع سعر صرف الدولار واقتحامات المصارف والفلتان الأمني في المناطق ومطبات ترسيم الحدود البحري، اذ يبدو أن بلوغ آخر نقاط الخلاف لن تكون سهلة وقد تحمل في طياتها خلافات أخرى في البحر والبر. نعيش ليس يوماً بيوم انما ساعة بساعة ولحظة بلحظة”.

وأشار حمادة الى أن “هناك مسؤولين عن الوقوع في الهاوية وعلى رأسهم رئيس الجمهورية، كما هناك قوة حزب الله التي تمنع أي اصلاح حقيقي. الموضوع بات ميزان قوى وتقلبات اقليمية اذ تغير المناخ خلال الأسبوعين الفائتين، ومن كان يبشر باتفاق أميركي – ايراني أصبح يؤكد أن ذلك لن يحصل. لم تكن الرمال الشرق أوسطية متحركة كما هي عليه اليوم”.

أما النائب وليد البعريني الذي تحدث عن أجواء ايجابية في التشكيل، فأكد أن “الرئيس ميقاتي لن يتنازل انما هناك توافق على نقاط بين طرفي التأليف. الحكومة لن تتوسع ولن يضاف اليها 6 وزراء لأن الرئيس ميقاتي ليس مضطراً الى أن يحمل الضغوط وحده ويقدم المزيد من التنازلات”، سائلاً: “لماذا يقدم هو التنازلات وغيره لن يتنازل؟ هل هناك ناس بسمنة وناس بزيت؟”.

ورأى أن “الحديث عن ولادة الحكومة خلال الأيام العشرة الأولى من شهر تشرين الأول ليس بعيداً عن الواقع، اذ أن الرئيس المكلف بعد عودته من السفر، سيستأنف النقاش مع رئيس الجمهورية خصوصاً أنه لمس جواً ايجابياً خلال اللقاء الأخير”، مشيراً الى أن “الرئيس بري كان واضحاً قي رأيه من الدعوة الى جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا بد من أن تشكيل الحكومة، يسهّل الأمر أمام انتخاب الرئيس مع العلم أننا في بلد المحاصصات والمكاسب ولا اهتمام بأوضاع الناس”.

وسأل النائب هادي أبو الحسن: “لماذا الحديث عن التشكيل في الشهر المقبل وليس الآن؟ اذا كانت هناك نوايا سليمة، تتشكل الحكومة اليوم قبل الغد. هل ننتظر الى أن يقفز الدولار الى 50 ألف ليرة؟”، موضحاً أن “هناك حكومة من 24 وزيراً، فيتم تعديل مقعد أو مقعدين فيها وتفعيلها، ويعطيها المجلس الثقة لتكون لدينا حكومة. اليوم نتحدث في الموازنة التي ربما تكون الأسوأ لكنها أفضل من لا موازنة. أسوأ حكومة أفضل من لا حكومة. يجب أن يسير البلد”.

وشدد على أنه “لا يجوز أن نحمّل مسؤولية ما يحصل لكل المسؤولين. لا يجوز التعميم في هذا الشأن لأن هناك مسؤولين هم صوت الناس ويقفون الى جانبهم، ويحملون همومهم، ويتأثرون بالتعطيل كما الجميع. هناك فريق سياسي مرتاح الى هذا التمادي في التجاوزات في البلد على كل المستويات. نحن نعمل كل ما نستطيع كي نحاول انقاذ ما تبقى، لكن هناك فريقاً يعطل كل شيء وهو متحكم بالقرار، ولا تزال أمامه أيام قبل أن يرتاح ويريح البلد، ومن بعده نرى كيف ستكون الحلول”.

شارك المقال