31 تشرين الأول يوم مجيد إلا إذا…!

جورج حايك
جورج حايك

يحق للشعب اللبناني أن ينتظر يوم 31 تشرين الأول بفارغ الصبر، وأن يحضّر نفسه للاحتفال بنهاية عهد ميشال عون، فهو يعني انتهاء عهد ظلاميّ بإمتياز، شهد فيه الشعب الويلات والكوارث من انفجار المرفأ إلى الانهيار الاقتصادي وما تبعه من فقر وعوز وذل على المحطات والأفران والمصارف والمستشفيات.

وبصريح العبارة انتهاء هذا العهد يعني انتهاء أحد مداميك جمهورية “حزب الله” التي كان عون ركيزة أساسية لها، بمعنى آخر، لقد شكّل غطاء مسيحياً لمشروع “الحزب” من خلال الموقع الرسمي الأول للمسيحيين عموماً والموارنة خصوصاً.

يوم 31 تشرين الأول هو نهاية عهد الكيدية السياسية ومعارك حقوق المسيحيين الدونكيشوتية والصلاحيات الوهمية والفراغ والتعطيل ارضاء لطموح “الصهر”، هو نهاية انتهاك الدستور الذي أصبح “وجهة نظر” لمستشارين غب الطلب.

لا شك في أن “التيار الوطني الحر” والبيئة العونية تغيظهما مشاعر الشعب اللبناني الذي كره العهد وينوي الاحتفال برحيل عون، وسيفعلان كل شيء ليبرهنا أن عون ليس رئيساً عادياً، بل أن الحالة العونية تأسست ونمت وتوسعت على هذه الخلفية، والآن يعيشان حالة انكار بأن عون هو أفشل رئيس في تاريخ لبنان، وهما على استعداد للتصادم مع أي أحد يتظاهر أو يعتصم أو يحتفل في اليوم المحدد لإنتقال عون من قصر بعبدا إلى الرابية.

ليس سراً أن هيئات شعبية بدأت الكلام عن احتفالات في هذه المناسبة، الا أنها تبقى في اطار عفوي، لا يعكس أي نيّة بافتعال فوضى ومشكلات واضطرابات، لأن هذه الهيئات تعتبر هذا اليوم مجيداً.

لكن في المقابل، ليست النيّات بريئة لدى “التيار الوطني الحر” ولا حتى لدى رئيس الجمهورية الذي قال: “انني سأترك القصر اذا كان يوماً طبيعياً لا أحد يضمر فيه شراً”.

هذا الكلام ملتبس ويأتي في سياق مواقف عدة ملتبسة للرئيس في الآونة الأخيرة، وبمجرد أن يُطلق عون مثل هذا الموقف يعني أن تياره عقد العزم على افتعال أمور تعقّد انتقال عون من بعبدا إلى الرابية، علماً أن الأيام التي يعيشها لبنان منذ بدء الانهيار لم تكن يوماً طبيعية، وحوادث الفوضى التي نشهدها منذ أيام كالسطو على المصارف والمحال التجارية تُنذر بفوضى قادمة، فهل هذا سيناريو مدروس ومفتعل؟

المعلومات تشير إلى أن “التيار” يتحضّر للقيام بتحرّك يتزامن مع مغادرة عون بعبدا فور انتهاء ولايته الرئاسية، وقد تواكبه قرارات سياسية “انتحارية” كعادة هذا “التيار” منذ تأسيسه فيتجاوز الاحتجاج على انتقال صلاحيات الرئيس بالوكالة إلى حكومة تصريف الأعمال، إلى إعلان التعبئة العامة في صفوف الجمهور العوني ومحازبيه تحت ستار التذرّع بمصادرة نجيب ميقاتي صلاحيات الرئيس كونه يشغل الموقع الأول للموارنة في السلطة!.

كثر يضعون تهديدات عون وباسيل بقلب الطاولة في خانة الابتزاز؛ لأنهما أعجز عن تجييش الشارع المسيحي بعد أن تراجعت شعبية ‏”الوطني الحر”، ويتساءلون إذا كانا في وضع يتيح لهما تنظيم انتفاضة سياسية مع امتناع حليفهما “حزب الله” عن توفير الدعم لتحركهما؟

وتتخوف مرجعية مسيحية بارزة من احتمال اندلاع صدام مسيحي – مسيحي في الشارع عند حلول موعد مغادرة عون قصر بعبدا، في ضوء ما سُرّب عن تحضيرات يقوم بها “التيّار الوطني الحر” لوداع الرئيس من خلال مواكب حاشدة، قد تصطدم بمواكب مناهضة له وتحتفل برحيله، أو في حال قرر عون البقاء في القصر، وقد تتجه الأنظار إلى معراب والصيفي وخصوصاً بعد الهجوم الذي شنه النائب نديم الجميل على رئيس الجمهورية.

لكن اليوم تتجه الأنظار إلى ما يُحاك قبل 31 تشرين الأول، فما يحصل على صعيد ارتفاع سعر صرف الدولار والمحروقات وتضخّم الأسعار في الأسواق ينذر بانهيار اجتماعي وشيك، إضافة إلى ما يحدث على صعيد المصارف، والأمور تتدهور ككرة الثلج على نحو دراماتيكي، وربما هذا ما سيجعل 31 تشرين يوماً غير طبيعي، وسيعطي عون ما أراده من ذرائع للإستمرار في القصر.

أمام هذا الواقع الخطير، أكدت مصادر أمنية أن الجيش اللبناني يستعد لاتخاذ تدابير استثنائية تواكب يوم خروج عون من قصر بعبدا في ٣١ تشرين الأول، استباقاً لأي تجمعات شعبية قد تحصل مناوئة أو معارضة، حتى أن بعض المصادر تحدّث عن إمكان إعلان حالة طوارئ في البلد من الآن حتى نهاية تشرين، وخصوصاً مع تسجيل زيادة في عدد الحوادث الأمنية المقلقة.

صحيح أن 31 تشرين الأول سيكون يوماً مجيداً في وجدان الشعب اللبناني، إلا أن الحرص على الوضع الأمني وانهيار الوضع الاجتماعي وانفلات الشارع، قد يمنع الكثيرين من الاحتفال بهذه اللحظة التي تختم مرحلة بائسة من عمر الوطن الجريح!

شارك المقال