قراءة لا بد منها في إجتماع نواب السنة بدار الفتوى

 الشيخ مظهر الحموي

لم يكن يوم السبت ٢٤ ايلول يوماً عادياً في تاريخ الحياة السياسية اللبنانية العامة، والشارع الاسلامي السني بصورة خاصة، عندما توافد النواب السنة في لبنان الى دار الفتوى بناء على دعوة صاحب السماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان للتداول في الوضع اللبناني عموماً وأحوال السنة خصوصاً .

ولقد رحب جميع المسلمين بهذا الاجتماع المهم وما صدر عنه من بيان يمثل وجهة النظر الجامعة للمسلمين السنة، إزاء القضايا المحلية والوطنية والعربية والتي تمثل الحد الأدنى من مفهوم المسلمين للمشاركة في هذه الدولة، إنطلاقاً من الرغبة المفترضة لدى الجميع بالمحافظة على سِيادة لبنان ووحدتهِ وحرياته، وعلى حسن علاقاته خصوصاً مع الأُسرة العربية التي ينتمي إليها.

وإن مضامين بنود بيان هذا الإجتماع كافة تعتبر بمثابة الثوابت الوطنية التي يتمسك بها المسلمون السنة لا بل تعتبر ثوابت الوطن بمختلف فرقائه وأطيافه وكل من يتوخى فعلاً العبور من حالة الاحتقان والقلق الى الفرج والطمأنينة والاسترخاء.

وليس من المبالغة القول، ان هذه الثوابت الراسخة ليست بأي حال من الأحوال، حكراً أو ميثاقاً لأهل السنة بل هي – كما تفصح مضامينها – تعتبر ميثاقاً لكل الأطياف اللبنانية بشكل أو بآخر، نظراً الى ما تتضمنه من مسلمات أو بديهات، لا شك في أن الغالبية العظمى من اللبنانيين تلتف حولها وتقر بها.

فهذه الثوابت ليست محض إسلامية سنية، إنما هي وطنية جامعة ويلتقي حولها كل لبناني يجد أن هذا البيان، ينطلق من روح إجماع وطني، وإن كان صادراً من إجتماع دعت إليه دار الفتوى، ما يؤكد مراراً وتكراراً أن تاريخ السنة يشهد بصدقية الانتماء الى هذا الوطن والتضحية في سبيل أمنه واستقراره وإزدهاره، وليس أدل على ذلك من مسلسل الشهداء الذين قضوا من أجل مبادئهم ومواقفهم، بدءاً من الرئيس الشهيد رشيد كرامي وليس إنتهاء بالرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه مروراً بالشهيد سماحة مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ حسن خالد وسماحة الشهيد الشيخ الدكتور صبحي الصالح وغيرهم (رحمهم الله)، فضلاً عن التصدي لكل مشروع أو مخطط يهدف الى تمزيق الوطن أو شرذمته، والتاريخ شاهد على ذلك.

ولقد وجد اللبنانيون عموماً والمسلمون خصوصاً في هذا الإجتماع، إستعادة مطلوبة لدور المرجعيات الدينية والنيابية في المواقف والمحطات التي تستدعي منها مثل هذا الحضور الفاعل، والذي يثبت أنه ليس هناك من مجال لتجاوز هذه الطائفة الرئيسة في الكيان اللبناني، التي قدمت الكثير من أجل إستقلال لبنان وتمكينه واستعياب كل السهام والانتقادات التي ما كانت تطاول إلا مقام رئاسة الوزراء في جلسات الثقة والمناقشات النيابية على الرغم من عدم تمتع رئيس الحكومة بكامل الصلاحيات التي ينبغي أن يتحصن بها أي مسؤول يتعرض للمساءلة، بحيث بات الشعار القائل انه يُسأل ولا يَحكم في حين أن رئيس الجمهورية يَحكم ولا يُسأل.

عيون الجميع اليوم ترنو إلى أن تستمر مثل هذه المبادرة بإجتماع نواب السنة والتي نأمل أن تتوسع حتى تكون بداية إنطلاقة جديدة لهذه الطائفة على الأصعدة كافة، وحتى يدلو كل بدلوه وتوخياً لافساح المجال لتلاقح الأفكار والآراء والخروج بالرأي السديد لتبقى هذه الطائفة السنية وتكون وتستمر وتدافع عن تاريخها ومستقبلها ولكي تحفظ كرامتها ووجودها.

 

 

شارك المقال