“الاعتدال” و”القوات”… توافق ليس على الرئيس

هيام طوق
هيام طوق

على الرغم من اقتناع مختلف القوى السياسية بأن الشغور الرئاسي حتمي لأسباب متعددة مرتبطة بخريطة البرلمان الحالي وبتطورات اقليمية ودولية، فإن قوى المعارضة التي لم تتمكن من توحيد صفوفها حتى الآن على الرغم من اللقاءات القائمة بين مكوناتها منذ فترة، تستمر في حراكها المكوكي للتنسيق في ما بينها، ومحاولة تقريب وجهات النظر، والنقاش في الجلسة النيابية المقبلة لانتخاب رئيس الجمهورية المتوقعة في 14 تشرين الأول الجاري أي بعد الجلسة التشريعية في 13 منه .

وفي هذا الاطار، يزور تكتل “الاعتدال الوطني”، معراب اليوم، ويعقد اجتماعاً مع رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع للبحث في إمكان الانضمام الى “القوات” و”اللقاء الديموقراطي” وكتلة “تجدد” وتسمية النائب ميشال معوض لرئاسة الجمهورية مع العلم أن “الاعتدال الوطني” كان قد صوّت في أول دورة إنتخابية باسم “لبنان”، فاعتبرت أصواته ملغاة الا أن الاجواء توحي بأنه لن يصوّت لمعوض في الجلسة الانتخابية الثانية على اعتبار أنه مرشح مواجهة، والتكتل يرى أن أي مرشح مواجهة يعني اطالة أمد الشغور الرئاسي، وهو مقتنع بإيصال رئيس يحظى بموافقة غالبية القوى السياسية لأن هذا هو الواقع اللبناني شرط أن يتمتع بصفات ومزايا لا تنازل عنها في حين أن “القوات” يريد رئيساً يواجه، ويغيّر في المشهد السياسي المتبع منذ 6 سنوات الى اليوم لاسيما أن الطرفين يلتقيان ويتفقان على الخطوط الوطنية العريضة والنظرة الى البلد.

أما التغييريون، فيبدو أنهم يغرّدون خارج سرب المعارضة على الرغم من أن العلاقة معهم ليست مقطوعة، والتواصل قائم للتنسيق لكن تصويتهم لسليم إده في الجلسة الانتخابية الأولى، طرح أكثر من علامة استفهام حول علاقتهم وتفاهمهم مع قوى المعارضة الأخرى خصوصاً أنهم يؤكدون أنهم خارج اصطفاف المعارضة والموالاة، ويريدون رئيساً يجمع ولا يفرّق، لكن لا توافق حالياً مع الكتل الأخرى على اسم ما يعني أن سيناريو الجلسة الثانية سيكون مشابهاً للجلسة الأولى.

وفي هذا الاطار، لفت النائب أحمد الخير الى أنه “بمعزل عن تأييد النائب ميشال معوض من عدمه، زارنا نواب من كتلة الجمهورية القوية، وأجرينا النقاشات التي يجب أن تكون بين كل الكتل الوطنية. وفي النهاية، يجب أن نصل الى قواسم مشتركة بين الجميع، ونحن كتكتل لدينا قناعة بأن مرشح مواجهة لن يتمكن من الوصول الى بعبدا، لذلك نريد مرشحاً يحظى بشبه اجماع من مختلف القوى السياسية. هذه قناعتنا”، مشيراً الى أن “كل كتلة لديها رأيها، وبعض هذه الكتل نلتقي معها والبعض الآخر لا، لكن نحاول تأمين أكبر مساحة من القواسم المشتركة مع الجميع. أي مرشح لا يمكنه تأمين حضور ثلثي أعضاء المجلس هو مرشح مواجهة لأنه تابع لفريق بمعزل عن قربنا من فريق معين، لكننا نرى الأمور من المنظار الاقتصادي والمالي الذي يعاني منه البلد والانهيار الذي نتجه نحوه. البلد لا يحتمل الذهاب نحو مرحلة طويلة من الشغور”.

ورأى أن “رئيس المواجهة اليوم يعني أننا ذاهبون الى شغور والى مرحلة تعطيل، وهذا لا يخدم البلد. المعارضة تحتاج الى الحوار والنقاش، وهذا ما يحصل اليوم، للوصول الى قواسم مشتركة لننفتح على الأطراف الأخرى، ونصل واياها الى حل مشترك في الاستحقاق الرئاسي، هذا لبنان، وهذا واقعنا”.

وقال: “قوى الموالاة انتخبت بورقة بيضاء، وخطابها السياسي الى حد ما لا يتحدث عن مرشح مواجهة، فلماذا لا نلتقط هذه الاشارة، ونعمل عليها لايصال رئيس يستطيع المحافظة على النقاط الجوهرية التي نريدها ان كان في تطبيق الدستور والطائف والعلاقة مع الدول العربية والانفتاح على المجتمع الدولي والقدرة على اعادة اللحمة بين اللبنانيين؟ مع التشديد على نقطة تتعلق بعدم ممارسته سياسة التعطيل خصوصاً في تشكيل الحكومات لأنه كما نرفض الشغور في رئاسة الجمهورية كذلك نرفض رئيساً يعطل تشكيل حكومة لأن البلد لا يمكن أن يستمر على هذا النهج”.

أضاف: “أنا شخصياً أعتبر النائب معوض من أكثر الأشخاص الذين يتمتعون بالمواصفات التي نريدها، لكن هناك قناعة بأنه مرشح مواجهة. اليوم الاختلاف بيننا وبين القوات يكمن في أن الأخيرة تعتبر أنها يجب أن تسلك طريق المواجهة، فيما نحن نعتبر أن المواجهة تأخذ البلد الى الشغور في موقع الرئاسة الأولى”.

أما النائب فادي كرم، فأشار الى “أهمية اللقاءات التي تحصل لأن كل الأمور تتوضح. باشرنا بلقاءات مع تكتل الاعتدال منذ فترة لكن جرى لقاء مطول في الآونة الأخيرة، وتباحثنا في المرحلة المقبلة، وفي الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية، وغداً (اليوم) نستكمل هذا النقاش للبحث في النقاط الأساسية والمهمة خصوصاً أن منظومة الممانعة تصادر الاستحقاقات الدستورية، وتريد أن تفرض على باقي الأفرقاء السياديين شروطها حتى في اطار رئيس الجمهورية، واذا لم تتمكن من ايصال رئيس من قبلها فستحاول ايصال رئيس وسطي لكن ضمن شروطها. من هذا المنطلق، تدرك التكتلات في المعارضة خطورة هذا الأمر، ونستعد لجلسة الأسبوع المقبل وربما لما بعدها، ونأمل أن يحصل الضغط اللازم لننتخب رئيساً للجمهورية في أسرع وقت، ويتبعه تكليف رئيس حكومة يتفاهم مع رئيس الجمهورية لتشكيل حكومة منتجة وفاعلة واصلاحية”.

وعن لقاء اليوم، أوضح “أننا سنستمع الى بعضنا البعض، ونطرح وجهات النظر، ونرى من هو الأقرب الى تحقيق الأفضل. نحن متفقون على الهدف وعلى نظرتنا للبلد وعلى تحرير لبنان من قبضة محور الممانعة واعادته الى علاقته الجيدة مع الدول العربية. اما كيفية الوصول الى تحقيق هذه الأهداف، فهذا ما يتم البحث فيه وربما تبادل الأفكار يسهل الوصول اليها”، مؤكداً أن “التغييريين هم اليوم أكثر من مجموعة ولديهم أكثر من طرح، وعليهم حسم أمرهم اذا كانوا يريدون التغيير فعلاً أو ينخرطوا في لعبة السلطة مع العلم أن الناس انتخبوا كل قوى المعارضة بهدف التغيير الفعلي لمسار الادارة الحالية، واذا انخرطنا فيها فلا نكون تغييريين، ونكون غدرنا بالصوت الذي أوصلنا الى الندوة البرلمانية”. وشدد على التمسك بالنائب معوض “فطرح اسمه ليس من باب حرقه كما يروج البعض انما ترشيح جدي، واذا تمكنا من ايصاله فنكون وصلنا الى هدفنا”.

وأكد النائب الياس جرادي “أننا خارج اصطفاف المعارضة والموالاة. لدينا رؤيتنا ومبادرتنا، وما حصل في الجلسة السابقة، يؤكد صوابية رؤيتنا في التوافق بين كل الكتل النيابية”، مشيراً الى أن “التواصل قائم مع كل الكتل، ونريد رئيساً يتوافق مع روحية مبادرتنا أي أن يكون نقطة التقاء بين اللبنانيين وليس نقطة خلاف، ويكون مؤسساً للحوار بين اللبنانيين وليس مؤسساً للمواجهة. نحن لدينا بعض الأسماء التي نناقشها، ونبدي المرونة الكافية لأننا نقبل بالرئيس الذي يجمع حتى لو كان لا يتماهى كلياً مع رؤيتنا”. ولفت الى أن “التفاؤل موجود، ولو لم يكن موجوداً لما كانت المبادرة”.

شارك المقال