الحزب يلعب دور المصلح في التشكيل؟

هيام طوق
هيام طوق

قبل أربعة أيام من انتهاء ولاية العهد الحالي، بات مؤكداً أن لا رئيس جديداً قبل نهاية المهلة الدستورية في 31 من الشهر الجاري، ولكن من غير المؤكد إذا كانت ستشكل حكومة جديدة أو تستمر حكومة تصريف الأعمال في مرحلة الشغور لتتسلم صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل التخوف من اشتباكات دستورية في هذا الشأن، والخطوات التي قد يلجأ اليها “التيار الوطني الحر”، لأنه وفق ما يقول رئيسه النائب جبران باسيل ان محاولة تسليم صلاحيات الرئيس لحكومة تصريف الأعمال عملية سطو على الدستور والموقع الأول في الدولة من هيئة فاقدة لصلاحياتها، وفاقدة لشرعيتها، وميثاقيتها، ودستوريتها.

كل الأطراف في حالة ترقب للمساعي التي لا تزال قائمة لكنها لم تصل الى أي نتيجة حتى الساعة بحيث أن المطلعين على ملف التأليف لا يحسمون الأمر، ولا ينفون كما لا يؤكدون أن العهد سيشهد ولادة الحكومة لأن ذلك منوط بمسار التفاوض والتنازلات التي سيقدمها كل طرف معني بالتشكيل خصوصاً أن “حزب الله” والمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم سيضغطان حتى ربع الساعة الأخير للتشكيل، كما تحدثت معلومات عن أن هناك ضغطاً خارجياً كبيراً من السفراء لاتمام الاستحقاق الحكومي بهدف منع الفوضى في ظل الانقسام حول صلاحيات الحكومة المستقيلة.

وفيما يعتبر البعض أن صفحة الحكومة طويت في الأيام القليلة المتبقية من العهد، وما يؤكد ذلك الزيارة الأخيرة للرئيس المكلف نجيب ميقاتي غير المنتجة الى قصر بعبدا، والتصعيد الذي تلاها من النائب باسيل حول صلاحيات الحكومة المستقيلة في الشغور الرئاسي، يرى كثيرون أنه لا يجوز فقدان الأمل، والتعويل اليوم على حس المسؤولية الوطنية لدى المعنيين بالتأليف لتجنيب البلاد مخاطر فوضى في غنى عنها، ولا بد من صحوة ضمير حتى لو قبل دقائق قليلة من منتصف ليل 31 الجاري مع العلم أن هناك تسريبات تؤكد أن رئيس الجمهورية وقّع استقالة الحكومة الميقاتية، بانتظار نشرها وتعميمها على الدوائر المعنية ليتصرف الوزراء والنواب العونيون على أساسها.

على أي حال، ما هو مؤكد أن “حزب الله” يسعى منذ مدة الى انجاز التأليف، لكن السؤال هنا: ألا يستطيع الحزب أن يمون على حليفه النائب باسيل لتسهيل التشكيل، وإبعاد كأس الفوضى عن البلاد والعباد؟ وهل علاقة الحزب بميقاتي ستكون أمام منعطف خطير في حال لم تتشكل الحكومة خصوصاً أنه لم يلب المطالب العونية؟

أكد النائب أحمد الخير أن “هناك مصلحة لحزب الله في تشكيل الحكومة لأنه يرى أننا ذاهبون الى مرحلة شغور رئاسي ليست قصيرة، لكن في الوقت نفسه يجب أن ننتبه الى أن التيار الوطني الحر يعتبر خرج من السلطة ليبدأ بمرحلة جديدة لن يكون خلالها بالثقل والوزن نفسه كما كان خلال العهد، وبالتالي، هذا ما يدفعه الى التشبث بمطالبه في الحكومة اذا تشكلت. التيار أثبت أنه أكثر فريق يستخدم كل أساليبه عندما يتعلق الأمر بمصالحه الشخصية والفئوية، وهذا سبب من الأسباب الرئيسة التي لا تسهل المهمة أمام الحزب في وساطته مع التيار”. وقال: “ان من مصلحة البلد أن تتشكل الحكومة وأن ننتخب رئيساً للجمهورية، ونتمنى من كل الأفرقاء تسهيل المهمات أمام الاستحقاقات الدستورية.”

ووصف الكلام عن أن “حزب الله” لا يريد أن يحشر الطرف السني أو التصادم معه، بأنه “كلام مثالي لأنه لا ينطبق على واقع الحزب الايديولوجي والسياسي الذي يحسب خطواته بصورة صحيحة، ومتمرس في السياسة ويعمل من أجل مصلحته”، معتبراً أنه “لا يمكن تبسيط الأمور لأن الحزب مرتبط بالتيار الوطني الحر بصورة كبيرة. وعلى قدر حاجة التيار الى الحزب هكذا حاجة الحزب الى التيار، فهناك تقاطع مصالح كبير بينهما. لذلك، فإن التيار يريد من الحزب تسهيل تحقيق مطالبه في الحكومة، ويحقق أهدافه خصوصاً أنه قدم للحزب ما لم يقدمه أي فريق لبناني على حساب لبنان الدولة وعلى حساب اللبنانيين”.

وأشار الى أن “الرئيس ميقاتي أعطى أكثر من مبادرة لتسهيل التشكيل، ودوره أن يتحمل المسؤوليات الملقاة على عاتقه خصوصاً في مرحلة الشغور حيث تنتقل صلاحيات الرئيس الى الحكومة، وهذا يتطلب تعاون الجميع معه وتسهيل مهمته لأن الأمر لا يرتبط بشخص انما بمرحلة يجب الخروج منها بأقل ضرر ممكن”.

اما النائب السابق فارس سعيد فلفت الى أنه “في حال أتت الحكومة بشروط النائب باسيل، يكون حصل من خلالها على ضمانات باستمرار مسار العهد ان كان في مصرف لبنان، وقيادة الجيش، والتعيينات الديبلوماسية والأمنية والقضائية والادارية”، سائلاً: “ماذا يمكن أن يعطي الحزب لباسيل لأنه هو غير قادر على تحقيق مطالبه من دون دعم الحزب؟ هل يريد الحزب الذهاب في هذا الاتجاه، وتغيير الوضع القائم الموجود اليوم ارضاء لباسيل؟ لا أعتقد ذلك، بل هو ذاهب باتجاه عدم تلبية مطالبه لأنه في هذا الظرف تحديداً، لا يريد الاصطدام مع الرئيس ميقاتي. يفضل الحزب تبريد الأجواء مع السنة لأن المسيحيين قبضوا ثمن التحالف معه”.

وأوضح أن “الحزب لا يتخوف من الفوضى، وهو الأكثر تنظيماً ولديه مؤسسات رديفة منفصلة عن الدولة في حال انهارت الجمهورية، لكنه يظهر نفسه اليوم على أنه الطرف الذي يدير اللعبة ولا يريد أن يكون طرفاً، وأنه يلعب دور المصلح، ويريد تشكيل الحكومة وانتخاب رئيس للجمهورية”.

وتحدث النائب السابق علي درويش عن آخر المستجدات في الاطار الحكومي، بحيث “لا تزال الأبواب شبه مقفلة،وأصبح التشكيل صعباً وصعباً جداً في الأيام القليلة المتبقية من العهد على الرغم من أن المحاولات لا تزال مستمرة في هذا السياق”، قائلاً: “لا شك في أن الحزب يمون على عدد من الأفرقاء، لكن الى أي درجة تصل هذه المونة؟ نحن لسنا في وارد تقويم ذلك، لكن نتمنى أن يكون هناك دفع باتجاه التشكيل”.

وشدد على أن “الرئيس ميقاتي يحافظ على أفضل العلاقات مع الجميع وفي أحلك الظروف، وينطلق من ثوابت تحظى بتقدير الذين يقرأون السياسة بموضوعية لأنه لا ينطلق من أمور شخصية انما من ثوابت وطنية خصوصاً على مستوى التوازنات الداخلية. الرئيس ميقاتي لا يعادي أحداً ولا يرغب في ذلك”.

شارك المقال