بري يلغي الحوار الرئاسي… أسس النجاح غير متوافرة

هيام طوق
هيام طوق

منذ أن طرح رئيس مجلس النواب نبيه بري فكرة الحوار بين الكتل النيابية على أمل التوصل الى توافق على شخصية لرئاسة الجمهورية خصوصاً بعد ترسيخ قناعة بأنه لا يمكن لأي جهة وحدها ايصال الرئيس الى سدة الرئاسة، توجس البعض منها لاعتبارات عدة: منهم من يقول ان انتخاب الرئيس قضية دستورية بحت، والدستور واضح في هذا الاطار، ولا يحتاج الى حوار أو تدوير زوايا انما الى التطبيق. والبعض اعتبر أن الحوار مهم وواجب بين اللبنانيين في القضايا الوطنية الكبرى، وليس حول انتخاب الرئيس الذي هو عملية ديموقراطية بديهية يجب أن تتم تحت قبة البرلمان. وتخوف البعض الآخر من خلفيات هذا الحوار بحيث أن الجميع يحترم الرئيس بري، ويثق بقدرته على ايجاد المخارج لكن في الوقت نفسه هو طرف ورئيس حركة “أمل”، ومكون أساس في “الثنائي”، ولن تكون قراراته وفق ارادته وحده. فيما أكدت مصادر عين التينة عبر “لبنان الكبير” أن الحوار الذي أراده الرئيس بري عبارة عن حركة سياسية كان هدفها وصل القوى السياسية ببعضها البعض، وحاول جمع الكتل لطرح الهواجس والاشكالات ونقاط التباعد وربما عندما تتواجد مع بعضها البعض، وتتبادل الآراء وتتناقش، تُحل بعض العقد بحيث أن استمرار كل جهة في متراسها لن يؤدي الى نتيجة مع التأكيد أنه لم يكن هناك أي توجه الى طرح أسماء معينة.

على أي حال، فالمباردة لم يكتب لها النجاح، اذ صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس بري بيان أشار الى أنه “بعد إستمزاج الآراء حول الدعوة الى الحوار بين الكتل النيابية للوصول الى رئيس توافقي، يعتذر الرئيس بري عن السير قدماً بهذا التوجه نتيجة الاعتراض والتحفظ لاسيما من كتلتي القوات والتيار”. ووفق بعض المحللين، فإن ما حصل من سجال سياسي بين النائب جبران باسيل والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل، كان كفيلاً باعتبار أن لا جدوى من الاستمرار في المبادرة الحوارية لأن أركانها وأسسها غير متوافرة.

وفي هذا الاطار، أكد مصدر مقرب من “الثنائي الشيعي” أن “الاشتباك السياسي يضر بالحياة السياسية بين الأطراف، وهذا الموضوع يجب أن يخضع للتهدئة وحزب الله يعمل على هذا الخط “، معتبراً أن “أي حوار اذا لم تكتمل أركانه وأسسه، يكون بلا معنى، والرئيس بري رجل حوار ويدرك تماماً أن غياب مكون في العملية السياسية، تنتفي معه الدعوة الى الحوار، وهذا ما حصل”.

وأوضح أن “القوات اعتذرت والتيار رحب لكن عاد وعلق المشاركة بسب الاشتباك السياسي الذي حصل. علماً أن الرئيس بري عندما دعا الرئيس ميشال عون الى الحوار كان من أول المرحبين. وما الذي تغيّر بعد زيارة النائب باسيل الى الرئيس بري ووصفه برجل الحوار”، مؤكداً أن “الرئيس بري يجنّد نفسه للمصلحة الوطنية في حال توافرت الارادة، وما لم تتوافر هذه الارادة، فإن أي مبادرة أو دعوة لن تلقى الصدى المطلوب”.

وثمّن النائب الياس اسطفان “أي مبادرة يمكن أن تترجم في مجلس النواب خلال جلسات انتخاب رئيس الجمهورية”، متسائلاً “هل من مكان أفضل من البرلمان لعقد الحوار؟”. وقال: “نحن تحت مظلة الدستور، وندعو الى عقد جلسات انتخابية متتالية على مدى أيام وصولاً الى انتخاب الرئيس. وفق الدستور والعملية الديموقراطية، فإن كل فريق يطرح مرشحه، ومن يفوز يكون قد فاز. الدستور لم يوضع لتدوير الزوايا انما للتطبيق”.

وأشار الى أنه “عندما يكون هناك انتخاب لرئيس مجلس النواب لا يتأخر أي فريق عن الجلسة، وفي الدعوة الى الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة، يحضر الجميع، واليوم يجب احترام المواعيد والاستحقاقات الدستورية وانتخاب رئيس للجمهورية لأن النواب عليهم حسن ممارسة الوكالة الشعبية”، معتبراً أن “الوضع اليوم يدعو الى انتخاب رئيس الجمهورية، ولا نفهم لماذا تحصل التسويات على موضوع دستوري صرف؟ نريد اعمار البلد وانقاذ الجمهورية، ولا يمكن الاستمرار في تدوير الزوايا واقامة التسويات. والا لماذا الحاجة الى الدستور؟”.

اما النائب جورج عطا الله فشدد على “أننا أبدينا كل ايجابية من الحوار، وقلنا انه لا يمكن في ظل الشغور الرئاسي وحكومة تصريف الأعمال والأزمة القائمة، رفض الدعوة الى الحوار، لكن فوجئنا بالهجوم الكبير الذي تعرضنا له من فريق الرئيس بري وإعلامه. وعلى الرغم من ذلك، استمرينا في الايجابية لناحية المشاركة في الحوار، لكن كيف يمكن دعوتنا اليه في وقت يستهدفنا الفريق الداعي له؟”، مؤكداً “أننا لا نعطل الحوار، ولا المبادرات في هذا السياق لكن نطلب توضيحاً لما نتعرض له. وربما السجال الأخير بين التيار وحركة أمل كان من بين جملة المعطيات التي أدت الى عدم السير بالحوار”.

ولفت الى أن “المخرج صعب، ولا توافق، والمجلس النيابي مؤلف من مجموعات بحيث لا قدرة لأي مجموعة على الحسم في الرئاسة. كنا نعوّل على الحوار، لكن نستغرب الاستهداف الذي تعرضنا له، وكأن هناك نية لاستبعادنا وعدم مشاركتنا”، مذكراً بـ “أننا تعرضنا قبل أيام من حديث النائب جبران باسيل الأخير الى هجوم ممنهج”. وأوضح “أننا اقترحنا في حال تعذر الحوار بين الأطراف أو تعذر جمعهم حول طاولة، أن يجتمع الرئيس بري مع كل كتلة وحدها، ويستجمع خلاصاته ويعلنها للجميع. ونستغرب أن الأمور اتجهت نحو منحى آخر”.

ورأى أنه “اذا لم نتمكن ككتل نيابية من التوافق على شخصية توافقية، فلا رئيس للجمهورية لأن ليس هناك من امكان لأي طرف في ايصال شخصية”، مشيراً الى أن “لبنان يقع في مرمى الأوضاع والتدخلات الاقليمية والدولية، واليوم ليس هناك من نضوج على هذا المستوى، والدليل هذا التشظي الواضح في الخيارات داخل المجلس النيابي. لذلك، نرى أننا ذاهبون الى شغور لا نعرف مدته خصوصاً أن الحلول كما التعقيدات تحصل في كل لحظة في لبنان”.

شارك المقال