الصين وروسيا: من الحرب الباردة إلى الساخنة

حسناء بو حرفوش

لطالما اعتبر المحللون الأميركيون أن روسيا والصين تشكلان تهديداً كبيراً، حسب مقال في موقع “ذا هيل”، يذكّر فيه المحلل الأميركي جوزيف بوسكو بأن “مدير الاستخبارات الوطنية في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، جيمس كلابر، أخبر لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ في العام 2011، أن كلاً من روسيا والصين يشكلان (أكبر تهديد مميت) للولايات المتحدة بسبب قدراتهما النووية. وعلى الرغم من أن أياً منهما لم يبرهن بعد على نية استخدام هذه القدرات ضد البلاد، أعرب العديد من أعضاء مجلس الشيوخ الديموقراطيين عن قلقهم.

وخلال الأسبوع الماضي، أصدرت وزارة الدفاع التابعة لادارة (جو) بايدن استراتيجيتها للدفاع الوطني، والتي تأخرت بسبب الحرب في أوكرانيا، إلى جانب مراجعة الوضع النووي ومراجعة الدفاع الصاروخي. وعلى غرار استراتيجية الأمن القومي السابقة، وضعت الوثائق الصين على رأس قائمة التهديدات الأمنية التي تواجه الولايات المتحدة، تليها روسيا في المرتبة الثانية.

وتقول إدارة الأمن القومي إن جمهورية الصين الشعبية تمثل التحدي الأكبر والأكثر منهجية، في حين أن روسيا تشكل تهديداً كبيراً لكل المصالح الوطنية الحيوية للولايات المتحدة في الخارج وعلى المستوى المحلي. ومع ذلك، فإن الوثيقة ناقصة لناحية التقليل من مدى مضاعفة التعاون بين الصين وروسيا للتهديد الذي يشكله أي منهما. وهي صامتة تماماً بشأن التحالف الأمني ​​الناشئ الذي يشكله الخصمان.

وشكلت روسيا والصين على المستويين الديبلوماسي والسياسي، توأماً في الأمم المتحدة منذ عقود. واستخدمتا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ليس للحماية الذاتية ولحماية بعضهما البعض من عواقب الانتهاكات المتعددة لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وحسب، ولكن أيضاً لمنع أو إضعاف العقوبات الغربية ضد كوريا الشمالية وإيران. وفي السنوات الأخيرة، توسع التعاون ليشمل المجال الأمني، بحيث شاركت الصين في عدد من المناورات الحربية الروسية والتدريبات العسكرية المشتركة التي تحاكي القدرات الدفاعية لكل منهما. وبعد ذلك، في شباط الماضي، قبل أسابيع فقط من الغزو الروسي غير المبرر لأوكرانيا، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في افتتاح أولمبياد بكين وأصدرا (بياناً مشتركاً حول دخول العلاقات الدولية عصراً جديداً). لكن هذه الشراكة الاستراتيجية غير المحدودة كانت بمثابة إعلان حرب باردة جديدة بين النظامين والنظام الدولي الذي يقوده الغرب. كما تخفي تبرؤاً ضمنياً من وثائق الأمم المتحدة التي كرّست تلك العالمية والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي وقع عليه البلدان.

ومن الرئيس الصيني إلى بوتين: (يعارض الطرفان المزيد من توسيع الناتو ويدعوان حلف شمال الأطلسي إلى التخلي عن مقارباته الأيديولوجية للحرب الباردة… كما تعارض روسيا والصين الثورات الملونة). ويعيد الجانب الروسي تأكيد دعمه لمبدأ الصين الواحدة، ويؤكد أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، ويعارض أي شكل من أشكال استقلال تايوان. وفي الأشهر التي أعقبت اجتماع شي وبوتين والبيان المشترك، تعمقت العلاقات الأمنية بين الصين وروسيا، حتى مع استمرار بكين في تمويل الحرب الروسية ضد أوكرانيا من دون التعارض مع العقوبات الأميركية.

وكانت ثغرة العقوبات التي وجدتها الصين هي نفسها التي استغلتها بنجاح مع صادرات الفحم لكوريا الشمالية، من خلال التوسع الهائل في مشترياتها من النفط الروسي، الذي لا تشمله العقوبات، من مستويات ما قبل الحرب. وهذا يعني أن أنظمة العقوبات بحاجة بصورة واضحة إلى التعزيز من خلال إنشاء خط أساس لمشتريات الطرف الثالث من الصادرات من البلدان الخاضعة للعقوبات”.

شارك المقال