باسيل يفتتح المحاصصة النفطية

محمد شمس الدين

التسريبات الصوتية لرئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في لقاء مع مناصرين من فرنسا استدعت ردوداً سياسية عديدة، ولكن هناك كلام له لم يأخذ الحيز الكافي من الجدل الاعلامي والردود، اذ قال انه أسهل ما يمكن هو انتخاب سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية، فيعطوننا حصتنا في الدولة، وتابع: حصتنا من النفط، وبهذا يقصد الغاز الذي تم ترسيم الحدود من أجله مع الكيان الاسرائيلي، ويخوض المجلس النيابي المناقشات الطويلة، من أجل إنشاء الصندوق السيادي كون الغاز من المفترض أن ينتشل لبنان من أزمته المالية والاقتصادية.

كلام باسيل في هذا الشأن مرّ مرور الكرام، ولكنه خطير جداً، فهذا يعني أن الغاز لن يكون نعمة خلاص لبنان، بل يبدو أنه سيكون نقمة جديدة تضيع في زواريب المحاصصة السياسية والطائفية.

وفي السياق، رأى الخبير في مجالات مكافحة الفساد سعيد عيسى في حديث لموقع “لبنان الكبير” أن “هناك فرقاً بين النظرية والتطبيق، نظرياً الغاز ينتشل لبنان من الأزمة، ولكن في التطبيق، كل طرف له حصته، التي يمنع أن يمس بها أحد، وأصلاً لو كان البلد يهم هؤلاء السياسيين، لما تركوه يقع في هذه الأزمة من الأساس، اذ كانت لديهم كل المعطيات قبل الوصول إليها، وكانوا يعلمون أن البلد متجه إلى هذا التدهور. وحتى بعد الأزمة، كان يمكنهم إقرار خطة إنقاذ، ولكن هذا لا يهمهم، فحتى الآن ليست هناك خطة تعافي اقتصادي، ولذلك فإن فكرة إنقاذ البلد عبر النفط ستكون نظرية فقط، وستحصل محاصصة، واليوم هناك تقاتل على الصندوق السيادي، من سيديره؟ وكيف سيكون شكل المجالس التابعة له؟ كلها تركيبات محاصصاتية”.

وقال عيسى: “إن كان هناك من يعتقد أنهم أخذوا عبرة مما حصل للبلد يكون مخطئاً، فهذا النظام قائم على المحاصصة على صعيد الوظائف وبنية الدولة”.

أما عن الصندوق السيادي وما يحصل من جدل حوله في مجلس النواب، فشرح الخبير المالي والاقتصادي وائل قعفراني هيكلية هذا الصندوق، قائلاً: “فكرة الصندوق السيادي هي تأمين موارد للجيل الحالي، والأهم تأمين الاستدامة المالية للأجيال القادمة، وهو لا يجب أن يكون من حصة أحد، بل يجب أن يكون هناك إطار حوكمة فاعل يضمن الشفافية في قرارات الاستثمار، ويضمن شفافية في التعاطي بالقرارات التي يأخذها الصندوق، بدل أن يتدخل السياسيون، وهناك مبادئ عالمية للحوكمة الرشيدة لصناديق الاستثمار”.

وحول بعض الأمثلة عن هذه المبادئ، شدد قعفراني على وجوب “أن تكون هناك لجنة مراجعة داخلية مستقلة تضمن أن هناك عمليات تأمين مستقلة عن الادارة التنفيذية وكيفية قيامها بعملها. يجب على مجلس الادارة أن يتشكل بحسب الخبرة والمهارة لكل عضو فيه، لا وفق المحاصصة الطائفية والسياسية. يجب على منظومة الحوكمة أن تتأكد من أن الأموال يتم تحصيلها واستثمارها بأفضل طريقة ممكنة وشفافة. ولكن الأهم من كل ذلك يجب إبعاد الصندوق السيادي عن المهاترات والمحاصصة السياسية، يجب أن يكون العمل مبنياً على قواعد علمية، ومجمل الادارة ولجنة المراجعة يجب أن يكونوا أخصائيين ويعملوا بطريقة علمية لا محاصصة”.

لم يتوقف الرأي العام اللبناني عند كلام باسيل عن “حصته النفطية”، كون التصويب السياسي أخذ الحيز الأكبر، ولكن بعد مراجعة دقيقة لكلامه، فإن ما قاله خطير جداً، اذ بدا كأنه حسم أن النفط سيتعرض للمحاصصة الطائفية، وهذا يعني أن الأزمة لن تنتهي، وسيتستمر نهج الحكم بالطريقة نفسها، وإن كان من أحد يأمل في الأجيال الجديدة، فقد لا يبقى بلد لتعيش فيه هذه الأجيال.

شارك المقال