ما الذي يقلق بايدن وبوتين وشي؟

حسناء بو حرفوش

يواجه الرؤساء جو بايدن وفلاديمير بوتين وشي جينبينغ أسباباً كثيرة تدعوهم الى القلق في الداخل والخارج، تماماً على مستوى علاقاتهم أيضاً. ولا شك في أن جملة التهديدات تضم التصعيد في أوكرانيا والذي يهدد باستخدام الأسلحة النووية وينذر بكارثة بيئية، عدا عن أزمة تايوان وخطر مواجهة العالم جائحة جديدة والمجاعة العالمية والركود الاقتصادي. ومع ذلك، يواجه كل زعيم من هؤلاء، الخطر الأكبر داخل بلاده، حسب مقال في موقع “ذا هيل” الالكتروني.

“الصين قنبلة موقوتة”

وتركز القراءة على الزعيم الصيني الذي أشعل عن غير قصد، قنبلة موقوتة في سعيه الى الحصول على سلطة شبه مطلقة. فبعد فوزه بولاية ثالثة غير مسبوقة في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي الصيني في وقت سابق من هذا الشهر، أصبح شي رئيساً افتراضياً مدى الحياة، وبرز باعتباره الزعيم الصيني الأكثر هيمنة منذ ماو تسي تونغ. في حين أن الصين لا تزال تكافح جائحة كورونا، وعدداً لا يحصى من القضايا المحلية ذات الاهتمام الكبير، ويتمتع الحزب الشيوعي الصيني (CCP) بقيادة الرئيس شي بسلطة شبه كاملة في الصين.

ولطالما تمحور الدور الأساس للحزب الشيوعي الصيني والحكومة حول الحفاظ على “الاستقرار”. وهذا يقتصر بكل بساطة على تفادي وجود ثورات فلاحية أو أعمال شغب جماعية أو احتجاجات كبيرة ضد النظام. ولهذا السبب، يبدو أن زيادة مستويات المعيشة كانت حاسمة لضمان الاستقرار من خلال احتواء الاضطرابات الاقتصادية. وفي هذا السياق، يعدّ الحفاظ على النمو الاقتصادي والوضع في تايوان ومسألة انخفاض السكان وشيخوختهم ومواجهة فقاعات الديون والعقارات الضخمة، من ضمن المشكلات والتحديات الرئيسة التي يواجهها شي.

أما على الصعيد الدولي، فتتمتع الصين بموقع متميز. وهي تدعم روسيا، صديقتها المقربة، في أوكرانيا ولكن ليس لدرجة التسامح مع استخدام بوتين للأسلحة النووية. وتتحدى الصين القيادة الأميركية حول العالم، ويمكنها أن توازن نفوذها مع روسيا في أوكرانيا للافادة منها مع واشنطن لأن المفاوضات ستحصل في مرحلة، ومن شأنها أن تساعد بكين أو تؤخر تلك العملية.

ما هو إذاً أخطر تهديد يواجه الصين والذي تتجاهله القيادة الصينية حالياً؟ التهديد هو “غورباتشوف معكوساً”. بعد توليه قيادة اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية في العام 1985، أدرك ميخائيل غورباتشوف أن اللاعقلانية لم تعد مقبولة للنظام السوفياتي إذا كان الاتحاد السوفياتي سيبقى كقوة عظمى. وفُرضت إعادة الهيكلة والانفتاح.

لا يمكن للنظام السوفياتي الصارم والهش، الذي يخضع لرقابة مشددة من أعلى مع خطة إدارة غير مرنة، أن يتسامح مع العقلانية والتفاؤل والحقيقة. من حيث الجوهر، كان الاتحاد السوفياتي يُدار بأوامر من القمة ووضع أهدافاً غير قابلة للتحقيق قُوبلت بردود سخيفة مماثلة من القاع تضمن الامتثال الكامل. انهار جدار برلين في العام 1989، وبعد ذلك بعامين، انهار الاتحاد السوفياتي. وبدلاً من ذلك، ظهر اتحاد روسي أصغر بكثير.

اتخذ شي الاتجاه المعاكس تماماً. بدلاً من تشجيع ريادة الأعمال على النمط الغربي والرأسمالية، زاد من استخدام الأيديولوجية الماركسية اللينينية، ومن سلطة الحزب الشيوعي الصيني لفرض الانضباط والتوجيه على المجتمع الصيني، على عكس ما حاول غورباتشوف القيام به وفشل. تعود الصين إلى مجتمع استبدادي سياسي واجتماعي وثقافي واقتصادي مغلق يذكرنا بالأيام الخوالي السيئة لماو والثورة الثقافية ولكنه مع ذلك مجتمع منظم للقرن الحادي والعشرين.

ريادة الأعمال والرأسمالية مقيدة في الصين، وسيعادل ذلك بلغة القرن الحادي والعشرين، القضاء على مصدر الثروات فيها. ويشهد التاريخ بصورة مطلقة على أن الشركات المملوكة للدولة لا تتنافس أبداً مع القطاع الخاص. إحدى النتائج هي أن النمو الاقتصادي، الضروري لرفع مستويات المعيشة وبالتالي الاستقرار السياسي، سوف يتوقف. وسيحاول العديد من أعضاء النخبة مغادرة الصين، مما يحد من الامكانات الاقتصادية.

يبدو أن شي غافل عن العواقب السلبية لهذا العالم الجديد الذي يحاول خلقه. إذا صحّ هذا التحليل، فسيدفع بالولايات المتحدة الى مراجعة سياساتها تجاه الصين. وبما أن الولايات المتحدة “خسرت” الصين بعد الحرب العالمية الثانية، فهل سيرفض الأميركيون اعتبار أنهم ربما أساؤوا فهم الصين مرة أخرى؟ الاجابة هي نعم مع الأسف!”.

شارك المقال