قواعد اللعبة الأوكرانية أميركية والمخالفات روسية

حسناء بو حرفوش

تطبق أوكرانيا في حربها مع روسيا شروط اللعبة الأميركية على الرغم من أن موسكو لا تحترم قواعدها، حسب مقال في موقع “لوس أنجلوس تايمز”. ويتضح ذلك جلياً وفقاً للقراءة، من خلال “تنفيذ أوكرانيا ثلاث ضربات جزئية بواسطة المسيرات في عمق روسيا، وواحدة ضد هدف على بعد أقل من 150 ميلاً من موسكو الأسبوع الماضي. وتركز هجوم المسيرات على القواعد المستخدمة لشنّ غارات جوية ضد المدن الأوكرانية وشبكة الكهرباء والبنى التحتية الأخرى. وبغض النظر عن الأضرار التي تسببت بها الهجمات، كشفت عن ضعف مفاجئ في الدفاعات الجوية الروسية.

ولفت الرد الروسي الأنظار بحيث خفتت الادانات أو التهديدات بالانتقام، ربما بدافع الاحراج أو خوفاً من إثارة غضب المدنيين الروس. وفي المقابل، أثار رد إدارة (جو) بايدن الفضول، اذ لم يهنئ أحد الأوكرانيين على نجاح المهمة. وبدلاً من ذلك، سارع المسؤولون الى نفي أي علاقة للولايات المتحدة بها. ويتماشى رد الفعل الصارم للادارة مع القيود التي فرضها فريق بايدن على نفسه بالتزامن مع قيامه بضخ مليارات الدولارات بشكل أسلحة ومساعدات اقتصادية لحكومة كييف المحاصرة: لا قوات أميركية أو قوات أخرى للناتو في أوكرانيا؛ لا طائرات للناتو في المجال الجوي الأوكراني ولا أسلحة من الناتو قادرة على ضرب العمق الروسي. وتهدف هذه القيود الى تجنب تجاوز أي حدود قد تدفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى التفكير في (الخطوط الحمر)، أي الاجراءات التي قد تدفعه الى الانتقام من الغرب.

وقد كرر الرئيس بايدن في هذا السياق مراراً، الاصرار على تجنب اندلاع حرب عالمية ثالثة. وترجمت النتيجة بمجموعة ضمنية من القواعد التي أظهرت روسيا ومنظمة حلف شمال الأطلسي بموجبها قدراً من ضبط النفس تجاه بعضهما البعض. وقام الناتو بضخ الامدادات العسكرية إلى أوكرانيا، بينما نجت قوافل الامدادات الروسية من الهجوم المباشر، على الأقل في المناطق القريبة من حدود أوكرانيا مع بولندا ودول الناتو الأخرى، وهذا يعني أن السياسة قد نجحت.

وفي الشهر الماضي، تجنب الأميركيون أزمة عندما سارعوا الى التعليق على صاروخين أوكرانيين سقطا بالقرب من قرية بولندية، بالقول انهما ضلا الطريق. لكن النتيجة غير المقصودة لسياسة الولايات المتحدة ترجمت بحرب تقاتل فيها أوكرانيا وروسيا في ظل قواعد غير متكافئة. فضبط النفس الذي أبدته روسيا تجاه الناتو يتناقض بصورة حادة مع الافتقار الواضح إلى القيود المفروضة على قصفها للمدن الأوكرانية، وقصفت روسيا الأحياء السكنية والمستشفيات والمدارس فضلاً عن الأهداف العسكرية المشروعة. وعلى النقيض من ذلك، تجنبت أوكرانيا حتى الأسبوع الماضي، إلى حد كبير إطلاق النار على الأراضي الروسية، باستثناء حفنة من مستودعات الذخيرة والوقود بالقرب من الحدود وجميعها أهداف عسكرية. وهذا يطرح علامات استفهام جديدة حول خطوط بوتين الحمر.

واختبرت أوكرانيا هذه الخطوط المزعومة عدة مرات من دون عقوبة واضحة، واحتجت موسكو بعد أن قصفت منشآت عسكرية بالقرب من بيلغورود، على بعد 25 ميلاً داخل الأراضي الروسية. أما الولايات المتحدة فبقيت أكثر حذراً، وقد رفضت الادارة مناشدات أوكرانيا المتكررة للحصول على نظام الصواريخ التكتيكية للجيش، وهو صاروخ أرض – أرض متقدم يصل مداه إلى 200 ميل تقريباً، خوفاً من احتمال قيام الوحدات الأوكرانية بهجمات عبر الحدود.

وأوضح مستشار الأمن القومي لبايدن، جيك سوليفان، في تموز، أن توفير نظام صواريخATACMS ، من شأنه أن يضع العالم على الطريق نحو حرب عالمية ثالثة. لكن أوكرانيا استمرت في طلب الصواريخ، وحث عدد متزايد من النقاد، بمن فيهم أعضاء في الكونغرس من كلا الحزبين، الادارة على تخفيف الحظر. وتخوض روسيا حرب استنزاف تحاول من خلالها إنهاك القوات المسلحة الأوكرانية وإحباط معنويات شعبها وتثبيط حلفائها. وقد حذر بايفر من أن (الوقت عامل مهم فالعقوبات الاقتصادية التي فرضها الغرب على روسيا لم تعط تأثيرها الكامل بعد). ويبقى السؤال الرئيس: هل ستؤدي العقوبات الاقتصادية إلى تآكل إرادة روسيا وتمسكها بالقتال قبل أن يؤدي الضرر الذي لحق بالاقتصاد والبنية التحتية الأوكرانية إلى تآكل اقتصاد هذه الأخيرة؟ ولا تزال أوكرانيا بحاجة إلى أي مساعدة تستطيع الحصول عليها، بدءاً بالمساعدات الاقتصادية والصواريخ المضادة للطائرات، بما في ذلك أنظمة ATACMS”.

شارك المقال